أبو زيد يكتب: جنون المثالية وإنجازات الدولة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/07 الساعة 15:57
بقلم: زيد أبو زيد
ما أسهل الهجوم على الدولة ومنجزاتها، بل الأسهل هو الهجوم على منجز وزارة ما أو مؤسسة بعينها؛ بتقزيم ما حققته أو ما تحققه، في محاولة بائسة ويائسة لتحطيم كل ما تم إنشاؤه وبناؤه وتشييده، وذلك تحت عنوان «لا يوجد لدينا سوى الزائف والوهمي»، وهو أمر شبيه بنظرية المؤامرة يمارسه قليل من السياسيين والإعلاميين بحثًا عن مكسب هنا أو غرض هناك، وعند هؤلاء فالكل خائن أوفاشل أومُدَّعٍ، ومن هذا المدخل تحاول بعض المقالات أو الآراء أو البيانات أو اللقاءات هدم كل شيء، ليس هدمًا تفكيكيًّا ناقدًا، بل إنه نوع من اللعب بالكلمات التي تثير عواطف البعض؛ حتى يتعاطفون معها بدعوة أن صاحبها يهمه ما يحدث في الدولة وحريص على المنجزات، ولديه الحل والوصفات الجاهزة لكل شيء، وهو في حقيقة الأمر شخص أو مؤسسة مأزومة لا تملك من الحقيقة شيئًا. ما ساقني إلى هذا المقال ما يسمى بالمعارضة الجديدة التي لا تمارس قواعد النقد البنَّاء، وتشخيص مظاهر الخلل ووضع الحلول للدولة ككل، أو للحكومات للاستفادة منها، بل أتحدث بشكل محدد عن "فئة بسيطة" تسمى "المعارضة العدمية" ولها أدواتها السياسية والإعلامية، حيث تمارس نقدًا لاذعًا وتتجاهل تمامًا أي منجز مهما كان كبيرًا أو مؤثرًا. وهنا فنحن لا ننكر أبدًا ما يشوب النموذج الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي الأردني؛ من عيوب أو عثرات متراكمة من عقود خلت، ولكنها عيوب وعثرات لا يمنع وجودها من الانطلاق نحو التغيير للأفضل، بل إنَّ التعرف إليها ودراستها ووضع اليد عليها هو السبيل إلى معالجتها، فبدون الأزمات لا يمكن أن نحدث تقدمًا وأن نسير إلى الأمام، وأي رغبة إلى تحقيق دولة الإنسان والإنتاج دون المرور بتحديات عظمى محض خيال لا يمت للواقع بصلة، كما أن الحديث عن دولة مثالية محض خيال. وأنا هنا لا أدافع بحماسة عن الواقع الحالي للاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو النقل أو ثقافة المجتمع، بل إنني أحاول أن أضع القارئ أمام مرآة ليرى تناقضات ما ينشر من البعض الذي يدعي المثالية عن الواقع الحقيقي للإنجاز الذي يتحقق كل يوم. وأنا مع التغيير والتحديث، فما زال القانون الطبيعي القائل "إن الماء الراكد سرعان ما يصير آسنًا" تفوح منه رائحة النتانة والعفن، وتعافه النفس وتزكم رائحته الأنوف وتتجنبه الحيوانات ولا تحط عليه الطيور ، فكانت الحكمة في تحريك مياه البحار والمحيطات بالأمواج والتيارات السطحية والعميقة والمد والجزر؛ حتى تبقى هذه المياه سليمة معافاة لتعيش فيها المخلوقات المتسقة معها، ولتكون طعاماً طيباً للإنسان الذي أحل له الله صيد البر والبحر، فأين نحن من المياه الراكدة الآسنة إذن في كل السياسات. إن أصحاب العقول النابهة والوازنة قديماً وحديثاً أدركوا حقيقة الحركة، فقالوا : "إن الثبات موت" وفي الحركة البركة، لذلك انطلقوا للتجديد ورفض كل ماهو ثابت وغير متحرك، وحين اعترض عليهم دعاة القعود و المحافظة واجهوهم بالقول: إن كل جديد لا بد من أن يصبح قديماً بعد مرور السنين وتغير المكان والزمان، وبهذا حقق هؤلاء النابهون قديماً وحديثاً التقدم لمجتمعاتهم ودولهم . ولنا في تجارب الآخرين عبرة وموعظة . ولكننا في واقع الأمر نشهد تحسنًا وتقدمًا وتغييرًا حقيقيًّا كل يوم على صعيد قطاع النقل والصحة والتعليم وجودة الخدمات في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز ، كما نشهد هبة حكومية لمكافحة الفساد وتحقيق معايير النزاهة والشفافية بشكل لم يسبق له مثيل، أما التعليم فهو في عهدة المفكر والخبير الأستاذ الدكتور وليد المعاني ، وفيه رغم التركة الثقيلة من التحديات الكبرى إنجازات عظيمة ، فالثانوية العامة تشهد تطويرًا يوميًّا لآليات انعقاد الامتحان ، وكذلك في بيئته التي أصبحت صحية ، ولم يعد مجتمعنا الأردني يعاني رُهاب الامتحان، أما في رياض الأطفال فقد تم اتخاذ القرار بإلزاميتها، وبدأ العمل على التوسع فيها في خطة متوسطة المدى لتصل النسبة خلال سنوات قصيرة إلى 100%، وفي مجال النشاطات ظهرت مشاريع تربويّةِ رائدة؛ كالمناظرات التي تهدف إلى تمليكِ الطلبةِ مهارات حياتيَّة في التّواصلِ الإيجابيِّ مع أقرانِهم ، وتعزيزِ ثقافةِ الحوارِ الهادف، وتقبُّلِ الآخر، والإيمانِ بثقافةِ الاختلافِ والتعدُّديَّةِ الفكريّة، وبناءِ الذّاتِ الإنسانيَّةِ بناءً يواكِبُ مُتطلَّباتِ عصرِ العولمةِ وتحدِّياتِه، إلى جانب المبادرات والمسابقات الرياضية والكشفية التي تحرص وزارة التربية والتعليم على إيلائها كل الاهتمام والرعاية؛ للمُضيِ قُدُمًا في تحقيقِ نجاحاتٍ متميزة، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وفعالة. إننا لا نتحدث عن دولة مثالية لا توجد على أرض الواقع، بل نتحدث عن دولة نامية حققت خلال عشرين عامًا من جلوس جلالة الملك عبد الله الثاني إنجازات تحظى بالاحترام والتقدير رغم الوقت العصيب الذي يمرُّ على المنطقة والعالم؛ حيث الاهتمام الملكي بكل الملفات ، وبخاصة التعليم؛ إيمانًا من جلالته بأن التعليم محرك أساسي للنمو الاقتصادي، وتصب آثاره مباشرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ويؤدي إلى خفض معدلات البطالة والفقر. إن ما سبق يجعلنا نضع القارئ أمام ما تنطوي عليه بعض النصوص من نوايا لربما مبيتة هدفها هدم النموذج والاستمرار في شكل دولة الريع والمنح والعطايا بدل دولة الإنتاج والعطاء والعمل، وهو الوتر الحساس الذي يثير الضغط عليه أحاسيس وعواطف البعض من أصدقائنا المتحمسين لهذا الخطاب، في غفلة كبرى عن التغيرات الكبرى الحاصلة في عالم اليوم عمومًا. أختتم بالقول إنني أدعو إلى وقفة لإعادة المراجعة دون هجوم وتجريح ، ودراسة الواقع الحالي والتطوير الحاصل بشكل واقعي، وإن ما تتناقله بعض المواقع هنا أو هناك بعيد كل البعد عن الواقع ، وإن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء ، ولنا أن نستنير هنا بقول الإمام علي - كرَّم الله وجهه-: "دعوا أولادكم يعيشون كما يريدون، فإنهم يعيشون لزمان غير زمانكم". حفظ الله الأردن، وحفظ رجاله الأخيار .
ما أسهل الهجوم على الدولة ومنجزاتها، بل الأسهل هو الهجوم على منجز وزارة ما أو مؤسسة بعينها؛ بتقزيم ما حققته أو ما تحققه، في محاولة بائسة ويائسة لتحطيم كل ما تم إنشاؤه وبناؤه وتشييده، وذلك تحت عنوان «لا يوجد لدينا سوى الزائف والوهمي»، وهو أمر شبيه بنظرية المؤامرة يمارسه قليل من السياسيين والإعلاميين بحثًا عن مكسب هنا أو غرض هناك، وعند هؤلاء فالكل خائن أوفاشل أومُدَّعٍ، ومن هذا المدخل تحاول بعض المقالات أو الآراء أو البيانات أو اللقاءات هدم كل شيء، ليس هدمًا تفكيكيًّا ناقدًا، بل إنه نوع من اللعب بالكلمات التي تثير عواطف البعض؛ حتى يتعاطفون معها بدعوة أن صاحبها يهمه ما يحدث في الدولة وحريص على المنجزات، ولديه الحل والوصفات الجاهزة لكل شيء، وهو في حقيقة الأمر شخص أو مؤسسة مأزومة لا تملك من الحقيقة شيئًا. ما ساقني إلى هذا المقال ما يسمى بالمعارضة الجديدة التي لا تمارس قواعد النقد البنَّاء، وتشخيص مظاهر الخلل ووضع الحلول للدولة ككل، أو للحكومات للاستفادة منها، بل أتحدث بشكل محدد عن "فئة بسيطة" تسمى "المعارضة العدمية" ولها أدواتها السياسية والإعلامية، حيث تمارس نقدًا لاذعًا وتتجاهل تمامًا أي منجز مهما كان كبيرًا أو مؤثرًا. وهنا فنحن لا ننكر أبدًا ما يشوب النموذج الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي الأردني؛ من عيوب أو عثرات متراكمة من عقود خلت، ولكنها عيوب وعثرات لا يمنع وجودها من الانطلاق نحو التغيير للأفضل، بل إنَّ التعرف إليها ودراستها ووضع اليد عليها هو السبيل إلى معالجتها، فبدون الأزمات لا يمكن أن نحدث تقدمًا وأن نسير إلى الأمام، وأي رغبة إلى تحقيق دولة الإنسان والإنتاج دون المرور بتحديات عظمى محض خيال لا يمت للواقع بصلة، كما أن الحديث عن دولة مثالية محض خيال. وأنا هنا لا أدافع بحماسة عن الواقع الحالي للاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو النقل أو ثقافة المجتمع، بل إنني أحاول أن أضع القارئ أمام مرآة ليرى تناقضات ما ينشر من البعض الذي يدعي المثالية عن الواقع الحقيقي للإنجاز الذي يتحقق كل يوم. وأنا مع التغيير والتحديث، فما زال القانون الطبيعي القائل "إن الماء الراكد سرعان ما يصير آسنًا" تفوح منه رائحة النتانة والعفن، وتعافه النفس وتزكم رائحته الأنوف وتتجنبه الحيوانات ولا تحط عليه الطيور ، فكانت الحكمة في تحريك مياه البحار والمحيطات بالأمواج والتيارات السطحية والعميقة والمد والجزر؛ حتى تبقى هذه المياه سليمة معافاة لتعيش فيها المخلوقات المتسقة معها، ولتكون طعاماً طيباً للإنسان الذي أحل له الله صيد البر والبحر، فأين نحن من المياه الراكدة الآسنة إذن في كل السياسات. إن أصحاب العقول النابهة والوازنة قديماً وحديثاً أدركوا حقيقة الحركة، فقالوا : "إن الثبات موت" وفي الحركة البركة، لذلك انطلقوا للتجديد ورفض كل ماهو ثابت وغير متحرك، وحين اعترض عليهم دعاة القعود و المحافظة واجهوهم بالقول: إن كل جديد لا بد من أن يصبح قديماً بعد مرور السنين وتغير المكان والزمان، وبهذا حقق هؤلاء النابهون قديماً وحديثاً التقدم لمجتمعاتهم ودولهم . ولنا في تجارب الآخرين عبرة وموعظة . ولكننا في واقع الأمر نشهد تحسنًا وتقدمًا وتغييرًا حقيقيًّا كل يوم على صعيد قطاع النقل والصحة والتعليم وجودة الخدمات في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز ، كما نشهد هبة حكومية لمكافحة الفساد وتحقيق معايير النزاهة والشفافية بشكل لم يسبق له مثيل، أما التعليم فهو في عهدة المفكر والخبير الأستاذ الدكتور وليد المعاني ، وفيه رغم التركة الثقيلة من التحديات الكبرى إنجازات عظيمة ، فالثانوية العامة تشهد تطويرًا يوميًّا لآليات انعقاد الامتحان ، وكذلك في بيئته التي أصبحت صحية ، ولم يعد مجتمعنا الأردني يعاني رُهاب الامتحان، أما في رياض الأطفال فقد تم اتخاذ القرار بإلزاميتها، وبدأ العمل على التوسع فيها في خطة متوسطة المدى لتصل النسبة خلال سنوات قصيرة إلى 100%، وفي مجال النشاطات ظهرت مشاريع تربويّةِ رائدة؛ كالمناظرات التي تهدف إلى تمليكِ الطلبةِ مهارات حياتيَّة في التّواصلِ الإيجابيِّ مع أقرانِهم ، وتعزيزِ ثقافةِ الحوارِ الهادف، وتقبُّلِ الآخر، والإيمانِ بثقافةِ الاختلافِ والتعدُّديَّةِ الفكريّة، وبناءِ الذّاتِ الإنسانيَّةِ بناءً يواكِبُ مُتطلَّباتِ عصرِ العولمةِ وتحدِّياتِه، إلى جانب المبادرات والمسابقات الرياضية والكشفية التي تحرص وزارة التربية والتعليم على إيلائها كل الاهتمام والرعاية؛ للمُضيِ قُدُمًا في تحقيقِ نجاحاتٍ متميزة، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وفعالة. إننا لا نتحدث عن دولة مثالية لا توجد على أرض الواقع، بل نتحدث عن دولة نامية حققت خلال عشرين عامًا من جلوس جلالة الملك عبد الله الثاني إنجازات تحظى بالاحترام والتقدير رغم الوقت العصيب الذي يمرُّ على المنطقة والعالم؛ حيث الاهتمام الملكي بكل الملفات ، وبخاصة التعليم؛ إيمانًا من جلالته بأن التعليم محرك أساسي للنمو الاقتصادي، وتصب آثاره مباشرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ويؤدي إلى خفض معدلات البطالة والفقر. إن ما سبق يجعلنا نضع القارئ أمام ما تنطوي عليه بعض النصوص من نوايا لربما مبيتة هدفها هدم النموذج والاستمرار في شكل دولة الريع والمنح والعطايا بدل دولة الإنتاج والعطاء والعمل، وهو الوتر الحساس الذي يثير الضغط عليه أحاسيس وعواطف البعض من أصدقائنا المتحمسين لهذا الخطاب، في غفلة كبرى عن التغيرات الكبرى الحاصلة في عالم اليوم عمومًا. أختتم بالقول إنني أدعو إلى وقفة لإعادة المراجعة دون هجوم وتجريح ، ودراسة الواقع الحالي والتطوير الحاصل بشكل واقعي، وإن ما تتناقله بعض المواقع هنا أو هناك بعيد كل البعد عن الواقع ، وإن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء ، ولنا أن نستنير هنا بقول الإمام علي - كرَّم الله وجهه-: "دعوا أولادكم يعيشون كما يريدون، فإنهم يعيشون لزمان غير زمانكم". حفظ الله الأردن، وحفظ رجاله الأخيار .
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/07 الساعة 15:57