العيد والضحية والصيف!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/06 الساعة 01:02

اعلان تجاري على» الفيس بوك» لاضاحي العيد يثير سخرية الأردنيين. وأول سؤال دب على مسطحات الفيس بوك البيع كاش أو بالاقساط؟ والاردنيون على خلاف ما كانوا يعرفون به من كشرة ومزاج ثقيل باتوا من الحسرة وقلة الحيلة منتجي نكت مشحونة برموز ورسائل ثقيلة.
خاروف العيد، ماذا قسمناه على 3 أعياد، أي 3 سنوات. وهل يجوز أن يتشارك اربعة اشخاص في الاضحية الواحدة ؟ وطيب ليش ما نضحي على جاجة أو ديك رومي أوفر وأقل سعرا؟ ومفارقات كثيرة يصعب سردها هنا.
فمن يتصور أن مواطنا اعترف بانه مازال يدفع ثمن أضحية اشتراها بالتقسيط قبل 3 أعوام. ومواطن أخرى يقول أنه اخذ قرضا من بنك اسلامي، وثمن الضحية زاد ضعفين، ومازال كل شهر يدفع 40 دينارا من ثمن الأضحية الذي لا يقبل الانتهاء.
التفكير المبكر بالاضحية لربما عنوان صاعق لعجز وانكفاء، وقلة حيلة تواجه الاردني الخارج من أحمال صيف شديد الحرارة، ومازالت مديونية شهر رمضان وعيد الفطر لم تنتهِ، وحتى تجد نفسك أمام اعلان لاضاحي العيد.
الاعياد ورمضان وعودة المدارس والصيف هي مواسم طوارئ تقليدية تكشف صعوبة الوضع المعيشي والاقتصادي للعائلة الاردنية متوسطة ومحدودة الدخل. فماذا يفعل من يقبض 400 دينار بالشهر؟ وماذا يفعل أبو راتب تقاعدي لا يزيد عن 300 دينار شهريا؟ وماذا يفعل رب اسرة أولاده الاربعة في مدارس، وبانتظار عيد الاضحى وعودة المدارس؟
حتى الخطط الاقتصادية المنزلية التقليدية فشلت. وعلى طريقة الجمعيات في الحارة ومكان العمل، وتقوم على تجميع مبلغ مالي بين الاصدقاء، وكل شهر يقضبه شخص واحد، ما عاد فاعلا وناجعا .فما أن تكتمل دورة الجمعية حتى يكون الموظف قد استدان بقدر قيمتها عشرة أضعاف، ويعجز أن يدخل في جمعية جديدة.
خطط الطوارئ لنقول ما عادت قادرة على حل أزمة طلبات المعيشة اللامتناهية. فلو أن دائرة الافتاء لهذا العام تعيد تعريف الاضحية وتحديد القادر والعاجز على تقديمها ؟ ولنقول اجتهادا شرعيا أسر شرائح اجتماعية عاجزة ومعدومة وغير قادرة على تقديم الاضحية.
و لو على مدى أبعد تقوم الحكومة بتأجيل موعد عودة الدراسة. فرصة زمنية تسمح للمواطن والعائلة الاردنية بشدشدة أمورها بعد صدمة العيد. ولربما المقترح الثاني فهو الانسب، فلا يحتاج غير قرار من وزير التربية والتعليم، ودون رجوع الى النص والافتاء والاجتهاد الفقهي، وما قد يخلف من جدل وتضارب في المرجعيات والاراء.
صيف هذا العام كما بدا حارا، فانه شديد الوضوح. الاردنيون في دول الخليج يعودون الى البلد ولا يرجعون. والاردنيون المقتدرون وجهتهم في الصيف ليست محلية إنما لدول اخرى في المنطقة. وأكثرهم ارتباطه بالاردن «ترانزيت «. وبمعنى، ولا أسهل من تغيير المكان واستبداله بآخر دون مواربة. فالعلاقة مع المكان سطحية وعابرة ودون روابط نفسية واجتماعية ووطنية.
الحكومة في خطتها لاصلاح وتطوير التعليم، واعلانها عن الالزامية رياض الاطفال.يبدو انها لم تفكر بما قد يواجهه الاردنيون من أعباء مالية، قفزة جديدة في التكاليف من نقل وكتب مدرسية واجور، ومصاريف للاطفال، فماذا ستقضي أجور شهرية لموظفين متهالكة ومحروقة؟
السخرية لا تنقطع، وتتحول الى أدعية وابتهالات على الفيس بوك.. يارب يا عليم يا منتقم يا جبار أعنا على الاسعار. بلا شك أن الضربات موجعة، وعلى كثرها. وهذا العام فان عيد الاضحى وصورة خروف العيد « الاضحية « استفزت كثيرا من الاردنيين مبكرا. ولربما هذا مؤشر لعلامات أخرى فارقة في المجال العام.
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/06 الساعة 01:02