توطين رأس المال الأردني
نحتاج لجهود كبيرة جداً واستثنائية لتوطين رأس المال الأردني في مشاريع داخل الأردن في ظل حالة التشاؤم التي تطغى على المزاج العام خصوصاً بين المستثمرين المحليين والمغتربين. خلال السنوات القليلة الماضية انتشرت مؤشرات مُقلقة تتعلق برغبة مستثمرين في الانتقال لدول مجاورة، وتقليص الاستثمارات في الأردن، وبدأ عدد منهم في البحث عن جوازات سفر أخرى في بلدان الكثير منها ليس أفضل حالاً من الأردن ولا توجد لديها المنعة السياسية والاقتصادية التي بناها الأردن على مر العقود الماضية
وعلى الرغم من هذه المؤشرات السلبية، إلا أن المستثمرين الأردنيين داخل وخارج الأردن يبنون مشاريع في قطاعات واعدة مثل السياحة والتكنولوجيا. وبينما يخرج البعض من السوق، يدخل آخرون وتستمر العجلة بالدوران برغم التحديات البيروقراطية غير المبررة وغير المقبولة والتي سنتناولها بالتفصيل لاحقاً
في ظل هذه الأجواء يُعقد اليوم في عمان المؤتمر السابع لرجال الأعمال والمغتربين الأردنيين في الخارج بتنظيم من جمعية رجال الأعمال وهيئة الاستثمار وجمعية سيدات ورجال الأعمال الأردنيين المغتربين. ويهدف المؤتمر إلى تعريف المغتربيين بالبيئة الاستثمارية وأبرز المزايا الجاذبة للاستثمار في المملكة وتسليط الضوء على الاستقرار السياسي والاقتصادي والنقدي على الرغم من جميع التحديات الداخلية الإقليمية. ويهدف كذلك لإطلاع المغتربين على أهم الفرص الاستثمارية المتاحة وأبرز الحوافز المقدمة إلى المستثمر الأردني المحلي ولمن يرغب بتوطين رأسماله بين أهله في الأردن ويخدم اقتصاده بدل أن يلعنه ويهجره
المؤتمر ليس تجميلياً، وسيناقش التحديات التي يواجهها المستثمر المحلي والمغترب فيما يتعلق بالاستثمار في الأردن. وسيحاول المؤتمر مناقشة وإيجاد آليات فعّالة للتصدي لهذه التحديات وهي ارتفاع كلف الانتاج خصوصا كلفة الطاقة عموما والكهرباء بشكل خاص، عدم الاستقرار التشريعي، البيروقراطية والفساد الإداري خصوصاً ذلك المتعلق بامتناع الموظف العام عن القيام بعمله لأسباب غير مفهومة إطلاقاً. يأتي هذا لخلق الفرص وبحث السُبل الكفيلة بمنح المغترب الحافز لإعادة توطين رأس ماله في المشاريع الاستثمارية والخدمية والإنتاحية التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة ودعم المسيرة التنموية خصوصاً في المناطق الأقل تنمية والأكثر غضباً والتي تُعبّر عن خيبة أملها بالسياسات الاقتصادية والتنموية العامة باستمرار وبطرق سلمية وحضارية
إذا كان الأردني ناجحا خارج الأردن، وهناك قصص نجاح مبهرة لأردنيين داخل الأردن، وتوسعوا من الأردن للعالم، فإنه من المفيد كذلك أن يستمع المؤتمرون والأردنيون لقصص نجاح أبنائنا في الأعمال في الخارج والتي حققت مشاريعهم نجاحا في مختلف المجالات والقطاعات، وذلك للاستفادة من هذه التجارب لتحفيز الشباب الذين يواجهون عوائق التمويل والبيروقراطية. ويبدؤون بالبحث عن هجرة ووظائف مضمونة لا تسمن ولا تغني من جوع
يبقى أن تقوم الحكومة بما عليها بشكل أفضل من حيث إتاحة فرص تمويلية جادة وللمشاريع الجادة فقط للمستثمرين المحليين، وتنشيط الهيئات الدبلوماسية من خلال وضع نظام محاسبة لكل سفارة وملحقيها وتحديد مصادر الخلل والتعطيل للاستثمار ومساءلة المقصرين. دون هذه والثواب والعقاب سنبقى نعاني ونعيد الحديث عن نفس التحديات فيما يزداد التشاؤم وتقل الفرص ويهاجر المزيد من رأس مالنا البشري والمالي.
الغد