غدير ابو الشيخ ... موهبة اردنية تستحق التقدير
أ.د نضال يونس
فى وقت تصاعدت فيه نبرة الانتقادات الموجهه للنظام التعليمي فى الاردن، جاءت الأخبارعن حصول الطالبة غدير ابو الشيخ من قسم النظم الحاسوبية من جامعة البلقاء التطبيقية على عدة جوائز، وشهادات تفوّق من مؤسسات ودوائرعربية وعالمية، مما دفع ادارة الجامعه لتكريمها ومنحها درع الجامعه تقديرا لإنجازاتها وأوعز رئيس الجامعه بوضع اسمها على لوحة شرف خاصة للطلبة المبدعين والموهوبين، ولكن لكي تكون المحصلة ايجابية ومحفزة لبقية الطلبة، فلابد من استيعاب هذه النماذج المشرقه، ليس فقط في منحهم الدروع والجوائز، وإنما ترجمة اعمالهم عبر دوائر التصنيع والإنتاج..
فما يميز الدول المتقدمة والجامعات العريقةليس فقط دعمها للموهوبين وتبني اعمالهم واختراعاتهم، بل فى نقل ابداعاتهم من عالم الافكارالى عالم الانتاج والصناعه، ونحن نمر هذه الايام بضائقة اقتصادية صعبة، ونعاني من شح الموارد الطبيعية، ولكن لدينا موارد بشرية متميزة ومبدعه لا بد ان تاخذ دورها الحقيقي فى مشروع النهضة الشامل، وتصبح جزءاً من اقتصادنا ليس فقط من خلال التعليم والتاهيل وانما من خلال الدعم الحقيقي والتشجيع وتبني الافكارالريادية والمنتجه.
ما نريد الوصول اليه، هو أن نتوجه في جامعاتنا، إلى انتاج المعرفة وتطويعها لخلق فرص عمل و خدمة الاقتصاد الاردني بدلا من الاقتصار على نشر المعرفه ومنح الشهادات، وهذا لن يحدث ما لم توضع الموهبة الاردنية في ميزانها الطبيعي من حيث الدعم والتقدير،فهذه المواهب ان لم تجد ما تحتاجه فى بلادنا انطلقت الى الخارج حيث السباق محموم على المواهب والاغراءات كثيرة..
لا نحتاج الى العثورعلى سبائك الذهب فى باطن الارض بقدر حاجتنا لاكتشاف العقول المتميزة من ابنائنا وطلابنا، وطالما نحن في البدايات الأولى لكشف تميز العقل الاردني، فإن ما نخشاه ليس فقط بالعثور عليه وتكريمه بما يستحق، ولكن خشيتنا من تراكم الاحباط الذى يقف فى طريقه، ثم إلغائه، وفى ذاكرتي العديد من الامثلة من المتميزين علميا وبحثيا من الذىن توارت مواهبهم وابداعاتهم مع الزمن، وحتى الاستفادة العلمية من افكارهم او اختراعاتهم، جاءت إما محدودة، أو مغيّبة تماماً..
الجوائز التي حصلت عليها الطالبه غدير من جامعة ليبزك الالمانية ومؤسسة فايل للعلوم والمركز الاول فى مسابقة مئة يوم مسرع الاعمال تكشف عن أن لدى طلبتنا الاستعداد والامكانات لأن نضع في خانات مكاسبنا علماء كباراً في علوم الحاسوب والهندسة والطب ، وتجعلنا نتفاءل بأن البدايات مشجعة، ولكن وهذا هو المهم لابد وان تحظي هذه الانجازات باولوية على اهتماماتنا بالمهرجانات الغنائية اوالثقافية، لان مقياس التطور والتقدم فى مرحلة الثورة الصناعية الرابعه يقاس بقدرة الدول على سرعة الاستثمار فى المنجز العلمي الذي يصل إلى السوق..
مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة، والابداع يبدأ بفكرة تتطلب الدعم والتقدير ومن ثم وضعها فى مكانها الصحيح...