لماذا تغيّرت رئاسة أركان القوات المسلحة
فور عودة الملك من الإجازة، أصدر قراره بتغيير في رئاسة أركان القوات المسلحة، ولأول مرة يتسلم قائد لسلاح الجو الملكي رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، فاللواء يوسف الحنيطي معروف بشخصيته الرفيعة وتربيته العسكرية السليمة وفطرته البدوية الوطنية غير المنحازة، ممثلا لشريحة عظمى من قادة وأفراد القوات المسلحة الذين يقارنونه في ما سبق ذكره، ما يجعل مؤسسة الجيش حيوية ديناميكية، خصوصاً مع الدماء الجديدة في مواقع أخرى، وتماشياً مع الهيكلة التي قادها الملك لترشيق المؤسسات العسكرية ورفع كفاءتها، في ظل انحسار شبح الحروب في المحيط الإقليمي.
وكالعادة ودون أدنى معلومات، تنفجر القنابل الصوتية لتفسير المفسر وتأويل الأحداث بعيداً عن الواقع، نستثني هنا المتشفيّن لغاياتهم الخاصة أوتصفية حسابات «الديّكة»، وهذا لم يعد مقبولاً في زمن المعلومة والحرص على رّص الصف الوطني، فالبشر من طبعهم الحب والكراهية بلا سبب أحياناً، وأحياناً تكون عادة سيئة لم يستطع البعض التخلص منها، فالصالح لا يهتم أبداً للمصالح، ونحن في زمن طغى عليه قانون المصلحة للمتسلقين، والأوجب أن يعمل الجميع لصالح الدولة ومعالجة أمراضها لا الطعن في خواصرها.
الفرضيات التي يطرحها بعض المتسائلين تركز على تحولات تتعلق بالسياسة الخارجية للأردن، ولعل إعادة السفراء بين الأردن وقطر على رأسها، رغم أن العلاقات مع الدوحة لم تنقطع ولم يُطلب من سفيري البلدين مغادرة موقعيهما، رغم الخلاف ما بين الدوحة والرياض وأبو ظبي، ولم يطلب أحد من الأردن قطع علاقاته مع أي دولة عربية، فأشقاؤنا في دول الخليج خصوصاً الرياض يقدرّون جيداً وضع الأردن داخلياً وخارجياً، ويعرفون تاريخ علاقاتنا مع سوريا والعراق أيضا.
هناك من يربط عودة الدفء ما بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين والزيارة التي قام بها وفد تركيّ رفيع المستوى الى عمان، وهذا سؤال ملّح، ولكن الأردن الذي بات على «قوارع طرق» لم يعد باستطاعته أن يتحمل المزيد من إغلاقات الطرق الخارجية، وكما قال مسؤول كبير في معرض حديثه، إن السياسة الأردنية مرتبطة بمصالح الأردن الآنية والمستقبلية، ولكن ذلك يجب أن لا يعني التخليّ أو الإساءة لأي دولة أو إلتزامات مع الأشقاء الذين ما انفكوا يقدمون دعمهم للجهود الأردنية في تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي أيضاً، ومع ذلك فنحن لا نستطيع تحليل ما يجري لعدم توفر أي توضيحات أو معلومات عن مستقبل توجهاتنا أو خياراتنا المستقبلية.
جلالة الملك وصل أمس الى العاصمة أبو ظبي وهي المرة الثانية في غضون شهر، طبعاً سيحرف البعض توقعاتهم غير العلمية عن الزيارة إلى «فنتازيا» حكواتية، ولكن هذا يدلل على عمق العلاقة بين القيادتين، ومع ذلك فإن التغييرات في مؤسستين هامتين عندنا ترتبطان على ما يبدو بالمتغيرات التي تتبع الثابت وهو الاستراتيجية المنفتحة للملك خارجياً، وليس هناك أي مشكلة بالتغييرات التي تعودنا عليها تاريخيا. الرأي