هل انتهی الكابوس؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/27 الساعة 23:13
امتحان الثانویة العامة كان كابوسا یهدد كل شاب وشابة وینال من نوعیة حیاة الاسر ومكانتها وعلاقتها بمحیطها. النجاح كان یعني الكثیر للطالب والاسرة والمجتمع المحلي وهو بدایة النجاح المهني والاساس الذي سیقام علیه بناء المستقبل المهني للشباب. ما إن یرقى الطالب الى الثالث الثانوي حتى تدخل الاسر والطلبة بحالة من الطوارئ ویصبح الطالب محور اهتمام الاسر وحامل رغبات وطموحات وتوقعات افرادها. على الطالب أن ینجز انجازا استثنائیا لیرضي طموحات الاب ویحقق احلام الام ویرفع من مكانة الاسرة والنظرة الاجتماعیة لها فالأبناء الناجحون مصدر فخر الآباء ومشاریع للنهوض بالاسرة واوضاعها وضمانة للأهل ضد العجز والفقر ویمكن ان یكمل التعلیم فیصبح طبیبا ناجحا او مهندسا ثریا ویمكن ان یتخذ مسارا آخر فیصبح ضابطا او موظفا متعلما. في العقود الاخیرة تغیرت الكثیر من اتجاهات التعلیم وأثارت أوضاعه الكثیر من الاسئلة والشكوك والاجتهادات. البعض یرى ان التعلیم قد انحدر الى الهاویة بسبب ضعف دافعیة الطلبة وانشغال المعلمین بمهن واعمال اخرى وعدم ملاءمة المناهج لحاجات الطلبة ومتطلبات السوق. آخرون رأوا ان ضعف الثقة في الدولة ومؤسساتها وتفشي الواسطة والمحسوبیة والفساد شجعت الطلبة على الغش من اجل تحصیل معدلات عالیة تمكنهم من دخول الجامعات. محاولات اصلاح التعلیم تتذبذب تبعا لاجتهادات متضاربة تتراوح بین التشدد المفرط الذي یضاهي النهج الاسبارطي بحیث تتدخل قوى الامن الناعمة وغیر الناعمة والجهات الرقابیة للدولة في ادارة الامتحانات ویأتي عرض النتائج لبیان واثبات كم التقصیر الحاصل في المعارف والقدرات لتجري العودة عن هذا النهج لحساب تقدیم تسهیلات بیئیة واداریة ولوجستیة مریحة للطلبة والاهالي. ما بین النهج الاول والاسلوب الثاني تباین عمیق وجدل ساخن دون توفر شواهد على مستویات تحسن التحصیل وتطور البیئة التعلیمیة وزیادة مستویات الثقة وانعكاسات كل ذلك على علاقة الطلبة بالمدرسة والمنهاج والجامعة والمجتمع. الوصول الى نتائج حاسمة حول الاسلوب الانسب والاكثر فعالیة یحتاج الى مزید من الوقت والكثیر من الابحاث. في حادثة هي الاولى من نوعها یحصل الطالب احمد یوسف عثمان على معدل 100 % في الامتحان الذي تقدم له اكثر من 130 الف طالب من اصل ما یزید على 165 الف طالب. المعدل الذي حاز علیه الطالب اثار اعجاب البعض ودفع البعض للتندر او التساؤل حول الاسباب التي ادت الى ذلك. تقاسم تسعة طلاب للموقع الثاني بحصول كل منهم على معدل 9.99 اثار فضول الباحثین والمراقبین والمعلقین ممن تساءلوا فیما اذا كانت الحالة تعكس تحسنا في مستوى التعلیم او تساهلا في ادارة الامتحان. ودفع بالبعض الى ابداء المخاوف من امكانیة تأثر سمعة التعلیم المدرسي الذي طالما تغنینا بجودته وحاولنا حمایة صورته. ارضاء غرور الأهالي والسعي لدخول التخصصات المرغوبة في الجامعات كان وما یزال الدافع الاهم لنیل مجموع علامات مرتفع. في خمسینیات وستینیات القرن الماضي كان النجاح في الثانویة العامة كافیا لیصبح الخریج ضابطا او یدخل موظفا في القطاع العام. حتى مطلع الستینیات لم یكن في الاردن جامعة فقد كان القلیل من الخریجین یسافرون الى الشام او بغداد وبیروت للالتحاق بالجامعات في حین یتوجه البعض الآخر الى القاهرة و بعض الدول الاوروبیة وامیركا حیث التعلیم میسرا في حقول العلوم والاداب والطب والهندسة وغیرها من التخصصات التقنیة. اوائل الثانویة العامة یجري ایفادهم الى الجامعة الامیركیة في بیروت والعدید من ابناء الاسر الفلسطینیة المهاجرة تحصل على بعثات في جامعات الدول الاوروبیة المتعاطفة مع قضیة الشعب الفلسطیني ونضاله لتحریر اراضیه واقامة دولة مستقلة على الاراضي التي تم اغتصابها وطرد اهلها. ابناء شیوخ العشائر والتجار والطلبة المتوفقون یختارون بلدانا وجامعات وتخصصات طبیة وهندسیة في اوروبا الشرقیة والیونان واسبانیا ورومانیا وبوغسلافیا وبعض البلدان التي توفر تعلیما مجانیا او بكلف معقولة لیعودوا للعمل في المؤسسات المتعطشة لعلمهم وخبراتهم. الیوم یطمح الجمیع في دخول الجامعات ومتابعة التعلیم حتى نیل الدكتوراة. الاستمرار في هذا السعي دون تدخل واع من السلطات سیحرم البلاد من طاقة الابناء ویحول الموارد الى اعباء ویعمق الفجوة بین السوق ومخرجات التعلیم. من الواضح اننا بحاجة الى التخلص من كابوس الثانویة العامة ولكن بأسلوب یختلف قلیلا عن المحاولات التي تجري للتحمیة والتبرید.
الغد
  • لب
  • تقبل
  • شباب
  • مال
  • نتائج
  • حادث
  • الاردن
  • خرجا
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/27 الساعة 23:13