الاستراتيجية الوطنية للشباب بين 2005 وصولاً 2019

مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/25 الساعة 14:43


مدار الساعة - كتبت د. آمال جبور - تأتي اهمية بناء استراتيجية شبابية في المجتمعات، وفق رؤية مشتركة للشباب والعاملين معهم لرعايتهم وتحديد احتياجاتهم ،وتشكيل اطارعام لعمل مؤسسات الدولة مع القطاع الشبابي.
وقد اطلقت اول استراتيجية شبابية في الاردن عام 2005 وعلى مستوى الوطن العربي، واعدت من جهة رسمية تعنى بالشباب وهي المجلس الاعلى للشباب، وتم اعدادها للاعوام 2005_2009 فكانت البناء الاول للاستراتيجيات اللاحقة.
ولم توقع استراتيجية شبابية بعد 2009 ، وبقي المجلس الاعلى يعمل على موضوع الاستراتيجية من ناحية نظرية ، ولم يتح لها التطبيق، لأسباب منها :
-عدم جدية الحكومات للقطاع الشبابي، وتباطؤ استقرار رؤية الحكومة لهيكلة القطاع الشبابي ، والتغييرات الكثيرة للموقع القيادي الاول " وزير الشباب "، فكان هناك 9 وزراء خلال الفترة من 2010- الى الآن.
ومن جانب اخر، فان اهم نتائج تقرير تقييم الاستراتيجة الاولى 2005-2009 ( المرحلة الاولى ) يشير الى ان التخطيط لوثيقة الاستراتيجية ركز على النشاطات الشبابية، فيما كان تطوير الكوادر البشرية في المؤسسة على نطاق محدود.
والنتيجة الثانية كانت تتمحور حول ضرورة وجود جهة رقابية تتابع تنفيذ خطط وبرامج الاستراتيجية، لانه من غير المناسب ان جهة واحدة تعمل على الاستراتيجية الشبابية وهي المجلس الاعلى للشباب انذاك، والاصل ان تكون مؤسسات الدولة جميعها تعنى بهذا الملف.
وكان من اهم محاور استراتيجية 2005-2009 : الشباب والمشاركة ، الحقوق المدنية والمواطنة ، الشباب و الانشطة الترويحية ووقت الفراغ، الشباب والثقافة والاعلام ، الشباب وتكنولوحيا المعلومات والعولمة ، الشباب والتعليم والتدريب ، الشباب والعمل ، الشباب والصحة ، الشباب و البيئة.
وكان هنالك عدة اسباب اسهمت في تأخير انطلاق الاستراتيجيات اللاحقة اهمها:
استباحة المواقع العليا في الوزارة لاشخاص بعيدين عن خبرة العمل الشباب، وتساهل الحكومات المتعاقبة مع كتب التكليف الملكية بأهمية ملف الشباب
ما اضعف ثقة الشباب والعاملين مع الشباب بالحكومات، وابقى الاستراتيجيات الشبابية السابقة تحت مزاجية وزراء الشباب..
والسؤال : كيف للاستراتيجية الوطنية للشباب للاعوام 2019-2025 ان تترجم على ارض الواقع ؟
يرى وزير الشباب الحالي الدكتور محمد ابو رمان ان وعي الشباب في هذا الوقت للقضايا الراهنة يشكل رهانا على تطبيق الاستراتيجية بمحاورها السبعة والتي تتناول الشأن السياسي والاجتماعي، والصحي والتكنولوجي والمعلوماتي والامني
ويؤكد ابو رمان ضرورة مأسسة برامج الاستراتيجة ، بحيث لا تتغيرمع تغيير الحكومات.
ويقول: لقد بنيت الاستراتيجية الوطنية للشباب للاعوام 2019-2025 على مسوحات ونتائج استطلاع رأي الشباب عكست اهم المواضيع التي يرونها ضرورة تضمينها بالاستراتيجية واستنادها الى الوثائق الوطنية المتعلقة بالشباب، والاوراق النقاشية الملكية، ونتائج لقاءات العاملين والخبراء والقيادات الشبابية، والاطلاع على تجارب ريادية في مجال الاستراتيجيات الوطنية ذات العلاقة.
ويضيف عنواننا في الاستراتيجية الشراكة والتشبيك، حي تعمل الوزارة التشبيك مع مؤسسة ولي العهد، وهيئة شباب كلنا الاردن.
وعودة الى بناء الاستراتيجية الشبابية الاولى 2005-2009 ، يقول رئيس المجلس الاعلى للشباب سابقا الدكتور مأمون نور الدين: تم في عملية التجهيز لبناء الاستراتيجية منهجيةعلمية متطورة تعاونية تشاركية ، اشتملت على المسح الميداني والمقابلات الفردية والجماعية، والاستبانات وجلسات العصف الذهني
وشارك في ذلك الشباب، والعاملون معهم في المديريات والمراكز،ومعلمو المدراس والمديرون والعاملون في المصانع والمزارع والعاطلون عن العمل والاحداث ذو الاحتياجات الخاصة والطلاب بمختلف مستوياتهم ومؤهلاتهم ومواقع سكناهم .
ويبين انه تمت عملية بناء وتطوير الاستراتيجية الوطنية الشبابية ضمن خمس مراحل.
مرحلة الاعداد والتحضير، وجمع المعلومات وتنظيم وتحليل المعلومات ومرحلة واعداد الوثيقة النهائية من الاستراتيجية، والمصادقة على الاسترتيجية وترويجها والتنفيذ والمتابعة والتقويم.
ويقول نور الدين، عندما كلفني الملك بتشكيل المجلس الاعلى للشباب، كانت الارادة الملكية واضحة بوضع الشباب على سلم الاولويات، وفصل الرياضة عن الشباب واسنادها الى اللجنة الاولمبية.
في البداية تم وضع خطة عمل تحت بند الاستراتيجية الوطنية، وهي خطة عمل مكتوبة يجب تنفيذها، ولانجاح الخطة يجب توفير تمويل مالي ودعم حكومي، وهذه مسؤولية الجهات الحكومية والخاصة.
ويؤكد نورالدين تم اعداد دراسة تفصيلية عن واقع الشباب واهمية الاستراتيجية الشبابية، واطلاع رئيس الوزراء على صورة المشروع.
وكان العنصر المالي هو اهم ركيزة لتنفيذ استراتيجية ، وتم مناقشة الرئيس بذلك، والميزانية المطلوبة، وتم عرض الاستراتيجية امام مجلس الوزراء.
وشكلنا مكتباً تنفيذياً واشركنا جميع الوزارات المعنية وبعض المنظمات الدولية مثل صندوق الامم المتحدة للسكان
وعملنا على تأسيس صندوق لدعم الحركة الشبابية كما تم تشكيل فرق عمل من الامناء العامين في الوزارات وخبراء محليين ووصلنا الى فريق عمل متجانس ،وتم شرح الاستراتيجية لجميع المحافظات والشباب والعاملين مع الشباب بحيث كانت الاستراتيجية واضحة الى الجميع.
وعن المعيقات التي واجهت هذه الاستراتيجية انذاك يقول نور الدين :على مستوى المجلس الاعلى للشباب، كان اكبر المعيقات توفير الدعم المادي، وتم الحصول عليه، والمشكلة الثانية وجود 86%من موظفي المجلس لا يحملون الثانوية العامة، وتم تسهيل مهمة من يرغب باكمال دراسته ، فكان ذلك وضعف البنية التحتية للمجلس والحاجة الى تطوير منشآته لخدمة الاستراتيجية ، فحصلنا على دعم للتمويل من برنامج التحول الاقتصادي بقيمة 38 مليون، وحصلنا على اراض من بلديات جرش واربد والطفيلة وتم بناء بيوت للشباب ومرافق شبابية ورياضية.
.
اما المحاور للاستراتيجية فكانت واضحة وموجهة الى الشباب وتناولت: الشباب والمشاركة ، الحقوق المدنية والمواطنة ،الشباب والانشطة الترويحية ووقت الفراغ ، الشبابو الثقافة والاعلام، الشباب وتكنولوحيا المعلومات والعولمة ، الشباب والتعليم والتدريب ، الشباب والعمل، الشباب والصحة ، الشباب والبيئة.
ويشير نورالدين الى بناء نظام للاندية من ضمن الاستراتيجية الشبابية، باعتبار الاندية شريكة مع المجلس وتم رفع مسودة المشروع للرئاسة ، وخرجنا بنظام تم الاتفاق عليه من جميع الاطراف.
من جهته قال رئيس المجلس الاعلى للشباب سابقا الدكتور عاطف عضيبات الذى تابع تنفيذ الاستراتيجية الاولى وتسلم المجلس خلال الاعوام 2007-2010: استمرينا في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للشباب للاعوام 2005-2009 ، وكان للبعد التنويري المتمثل بـ (رسالة عمان ) ابعاده في برامج المجلس وتنفيذها في المحافظات.
ويضيف انه في عام 2007 كانت الرؤية لقطاع الشباب واضحة ، نقلته من المستوى القطاعي الى المستوى الوطني ، فكانت المحاور التي قامت عليها الاستراتيجية ليست محاور ضيقة بل هي محاور ثفافية وسياسية وامنية وتلمس احتياحات سوق العمل.
هذه الرؤية كانت مناطة بالمجلس لتنسيق قيادة العمل الوطني المتعلقة بالقطاع الشبابي ، فشكل مجلس أعلى يضم معظم مؤسسات الدولة ( التربية، الامانة ، الجامعات ، الجيش، القطاع الخاص) تنسيق الجهد الوطني لنقل العمل الشبابي من المنظورالضيق الى المنظورالوطني.
ويرى ان الاصل في بناء الاستراتيجيات، ان تكون متقدمة على عصرها، فمثلا محور المواطنة تم طرحة كمحور مهم في الاستراتيجية الوطنية للشباب عام 2005 ، ثم جاءت الاوراق النقاشية الملكية بعد سنوات لتطرح نفس الموضوع ، اذا الاستراتيجية تصاغ ليس لشباب اليوم بل للاجيال اللاحقة.
ويشير عضيبات ان معيقات الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجيات في قطاع الشباب التغيرات المستمرة في تعاقب الوزراء، فمنهم من خرج عن خط سير تنفيذ الاستراتيجية، واخرون اخذوا بها واكملوا المسيرة.
ويؤكد ضرورة ان تصرف الاستراتيجية النظرعلى الوزير وتفرض نفسها باعتبارها اجندة وطنية وعملاً مؤسسسياً ،لا ترتبط بتغير الاشخاص.
ومن وجهة نظرعضيبات، فإنه على الرغم من ان طريقة اعداد الاستراتيجية كانت علمية تشاركية وافكارها متقدمة على عصرها ، والية التنفيذ واضحة ، الا ان عدم وجود اجندة تحكم المؤسسسة المعنية بالشباب ،ادى الى عدم وجود ايقاع في تنفيذ برامجها بعد عام 2009
ويؤكد رئيس المجلس الاعلى للشباب الاسبق الدكتور سامي المجالي (2012-2016) : ان المجلس حرص على مشاركة فاعلة للشباب في بناء وتطوير المرحلة الثانية من الإستراتيجية ، وذلك من خلال الحوار مع الشباب والاستماع إليهم في إجتماعات ولقاءات مع المجموعات البؤرية ، و مع الخبراء والمسؤولين، مما اتاح لهم التعبير عن آرائهم وطموحاتهم وواقعهم الذي يعيشونه بكل ثقة و شفافية.
وقد تم بناء وتطوير هذه الإستراتيجية ضمن المعايير الدوليّة وركزت على حملة لقاءات وإجتماعات مع المجموعات البؤرية من الشباب من مختلف مناطق المملكة وإستقصاء تطلعاتهم واهتماماتهم للوصول إلى أولويات وقضايا ذات أهمية ضمن محاور الإستراتيجية.
ويضيف المجالي تم عقد اجتماع لمجلس إدارة المجلس الأعلى للشباب ، والذي ضم نخبة من العلماء والمفكرين والأكاديميين،وتم تكليف مجموعة من المستشارين الوطنيين وتم تقسيم محاور الإستراتيجية عليهم لوضع هيكلتها، واللقاء مع المجموعات البؤرية.
وقال عُرضت الاستراتيجية الشبابية على عد ة جهات منها : المنظمات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني العاملة مع الشباب باعتبارهم شركاء حقيقيين في بناء الاستراتيجية
كما تم عرضها ومناقشتها من قبل لجنتي الشباب والرياضة في مجلسي الأعيان والنوَّاب ، وعلى اللجنة المالية في مجلس الاعيان ولجنة التخطيط في المجلس الأعلى للشباب وإقرارها بصورتها المبدئية، لتعرض على لجنة الخدمات والبنى التحتية والشؤون الإجتماعية في رئاسة الوزراء.
مضيفا انه تم الإتفاق على عدد من المحاور الإستراتيجية، والتي تمثلت بالمحاور التالية: الشباب والتمكين الديموقراطي ( واستلهامها من الأوراق النقاشية الملَكية) ، الشباب والأصالة والمعاصرة والعولمة ، الشباب والهوية الوطنية ، الشباب والحاكمية الرشيدة ، الشباب والأمن الوطني والإنساني، الشباب والتنمية الشاملة المستدامة، الشباب ومحركات التغيير، الشباب وريادة الأعمال، الشباب والتطرف
ويقول المجالي : بعد إقرار مجلس الوزراء لهذه الإستراتيجية، تم تشكيل اللجنة التوجيهية للمشروع ( دعم صياغة واستكمال وتنفيذ إستراتيجية الشباب وتعزيز المشاركة الحقيقة للشباب ) والمؤلفة من رئيس المجلس الأعلى للشباب ، وأمين عام التخطيط ( وزير الطاقة الحالي) ، ومدير عام الصندوق الوطني للحركة الرياضية، والمدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي( UNDP) ومديرة المشروع ، حيث بدء العمل بالمشروع من خلال الخطة الموضوعة لذلك خلال شهري نيسان وآيار من عام ٢٠١٦ ، وبعدها تم إيقاف العمل بالاستراتيجية منذ ذلك التاريخ ، ولم تر النور بعد جهود أستمرت أكثر من عامين.
فيما يرى الامين العام بالوكالة للمجلس الاعلى للشباب سابقا الدكتور رشاد الزعبي: ان الاستراتيجية الشبابية خلال الاعوام 2010-2016 راوحت مكانها لاسباب عدة:
تقلد مواقع قيادية بين رتبة امين عام ووزير، لاشخاص بعيدين عن المجال الشبابي،
فلم تطور المؤسسة المعنية للشباب من الداخل ، ولم تعط فرص لقيادات العمل الشبابي بتبوؤ مناصب قيادية عليا وأن مواقع قياية كبيرة في الدولة ورئاسة الحكومة لم يعوا اهمية قطاع الشباب، ولم يولوا ملف الشباب اهمية خلال الحكومات المتعاقبة.
وعليه ، يتم دراسة موضوع الشباب في اعلى المستويات في الدولة ،بعيدا عن الخبرات المعنية بهذا الجانب وعلى راسها قيادات وموظفو وزارة الشباب
ويرى الزعبي ، هناك فجوة كبيرة بين التوجيهات الملكية لقطاع الشباب ، واجراءات الحكومة على ارض الواقع ، ساهم في وجود فوضى من الجهة الحكومية المسؤولة عن الشباب.
ويقول ان انفلات حالة الاشراف على الشباب بجهات متعددة لا نعرف لها منشأ حدّ من فاعلية الجهة الحكومية المسؤولة عن الشباب كمظلة رسمية ترعى الشباب وفق رؤية الدولة الاردنية.
هذه الاسباب جعلت الاستراتجيات الشبابية منذ عام 2010 الى عام 2018 ، اي لمدة 8 اعوام حبيسة مزاج وزراء ومجالس الشباب ، فمنهم من تابعها و واخر من اركنها الادراج
وامام تجربة ناجحة وهي الاستراتيجية الشبابية 2005، انجزت هذه الاستراتيجية وهي جديرة بالاهتمام وتعد (رقم واحد) في الوطن العربي، حيث بين التقرير المقدم لهذه الاستراتيجية نجاحها على ارض الواقع وخروجها بنتائج مهمة منها: وعي الشباب الاردني بدورهم في توجيه طاقاتهم نحو العمل والمشاركة، و تنمية قدراتهم وتحديد احتياجاتهم ، وانهم شركاء في العملية التنموية بكافة مستوياتها.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/25 الساعة 14:43