هؤلاء مردوا على الوشاية والنفاق
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/24 الساعة 07:52
رجاء خاص لكل مسؤول في بلدنا: لو سمحت اغلق آذانك وابوابك أمام ( الوشايات) التي أصبحت في أيامنا هذه «صنعة» المشائين لتحقيق احلامهم ووسيلتهم للانتقام من اقرانهم وخصومهم.
اعرف ان الكثير ممن يجلسون على مقاعد ( المسؤولية) يدركون تماما ما أقصده، وربما يعاني بعضهم من كثرة ( الوشائين) و المنافقين، لكن ما دفعني الى إشهار هذ الرجاء هو أن ظاهرة ( الوشاية) تصاعدت في مجتمعنا لدرجة أن احدنا لم يعد يأمن على نفسه من اتهامه بما لا يخطر على باله من «موبقات « ، فلربما يجد نفسه في قائمة ( المتطرفين) وهو أبعد ما يكون عن ( التطرف)، وربما يفاجأ في لحظة ما بأنه (مصنف) خارج الملّة الوطنية مع أنه أكثر الناس التصاقا بالوطن...وهكذا فإن ( الوشايات)، سواء في دائرة العمل أو الوظيفة أو الاعتقاد أو المواقف ربما تقلب ( حياة) بعضنا وتدمر مستقبلهم أيضا.
كنت أشرت في مناسبة سابقة الى خطر ( الفجور) في الخصومة السياسية، ولدي عشرات النماذج لأشخاص دفعوا ثمن هذا الفجور، وآخرين ( امتهنوا) هذه الصنعة واستثمروا في اسواقها الموبوءة ، لكنني – اليوم- أجد أن هذا الفجور تجاوز مسألة الخصومة السياسية الى خصومات أخرى لم تنج منها معظم مجالاتنا العامة، خذ مثلا الخصومات الأكاديمية في جامعاتنا، والخصومات الادارية في مؤسساتنا، والخصومات الثقافية في روابطنا الفكرية، ستكتشف بأن ما تفعله بعض النخب التي تحتل الصف الأول أو الثاني في هذه المجالات يجسد مثل هذا النوع من ( الفجور) الذي يتلبس أحيانا ثوب ( الوشاية) وأحيانا يسفر عن نفسه علنا، بهدف تصفية ( الحسابات) أو الانتقام أو الاساءة و التشويه أو البحث عن مغانم شخصية.
أفهم – بالطبع- أن مجتمعنا تعرض في السنوات الأخيرة الى إصابات بالغة على صعيد منظومته الأخلاقية والقيمية، وأن آفات مثل الكذب و النفاق و الفهلوة و الوشاية انتشرت فيه وأصبحت جزءاً من عموم ( البلوى) التي يفترض أن نتدافع للخروج منها، لكنني استغرب أن تتورط بعض النخب التي يفترض أن تحرس منظومتنا الأخلاقية وتحميها من الاختراق في هذه الاصابات ، وأن تكون جزءاً منها، كما استغرب ايضا ان تتحول مثل هذه القيم المغشوشة من دائرة الرفض الاجتماعي و الادانة الى دائرة القبول لدى البعض واحيانا التشجيع و الاحتفاء، وكأنها ( معايير) مطلوبة للوظيفة أو للسيرة الذاتية المرغوب فيها.
لو سألت: كم واحدا منا تعرض ( للوشاية) في عمله، أو كم شخصا كلفه نجاحه في موقعه ضريبة اخراجه منه بسبب زميل تحرر من أخلاقيات التنافس وفجر ضده في الخصومة، لوجدت المئات، وربما الآلاف ممن عانوا من هذه الكوارث ( اللااخلاقية ) ، لكن النتيجة يحسمها في النهاية ( المسؤول) ، هذا الذي يمكن ان يفتح آذانه و يقرر بناء على ما يصله من أخبار أو روايات أو أن يغلقها أمام مثل هذه الذبذبات فيدقق ويتحرى ويتحقق من صحتها، فإذا كان من الصنف الاول ظلم وأتاح للشطار و الدساسين فرصة الانتصار ، أما اذا كان من الصنف الثاني فقد أصاب وعدل وأغلق الباب أمام هؤلاء الذين ركبوا موجة ( القرصنة) وتاجروا بضمائرهم لمحاربة كل بادرة خير أو نجاح أو أمل لكي يظلوا دائما في الصدارة .
أحد الاصدقاء قال لي ذات مرة بأنه يعمل في ( صمت) ولا يريد أن يشير أحد الى انجازاته، وحين سألته لماذا؟ ذكر بأنه يخشى من حزب (أعداء النجاح) ،هؤلاء الذين لا يترددون عن ( الوشاية) به ومحاربته، لأنهم لا يريدون أن يكون بينهم أي شخص ناجح في عمله، صديق آخر تبوأ موقعا جديدا في إحدى الجامعات وما إن بدأ بالعمل حتى واجه حزب ( أعداء النجاح) هذا، فدفع الثمن باهظا لأنهم طوقوه (بالوشايات) و الاتهامات، واشغلوه بالدفاع عن نفسه بعد أن صنفوه في دائرة ( مطلوب خطير) يتوجب ازاحته على الفور.
أكبر خدمة يمكن أن نقدمها لمجتمعنا وسط اشتعال حمّى ( التصنيفات) على مقياس الوطن أو الدين أو الطائفية، ووسط تصاعد حدّة ( التطرف) و العنف، ووسط حاجتنا الى تماسك جبهتنا الداخلية، والى تشجيع أيه بادرة للأمل أو الابداع أو النجاح ، هي خدمة تجفيف ينابيع ( الوشايات) و الفجور في الخصومات واستغلال دوائر النفوذ لضرب الناجحين و المخلصين ..فهل نتمكن من ذلك ؟ هذا ما أرجوه واتمناه.
الدستور
اعرف ان الكثير ممن يجلسون على مقاعد ( المسؤولية) يدركون تماما ما أقصده، وربما يعاني بعضهم من كثرة ( الوشائين) و المنافقين، لكن ما دفعني الى إشهار هذ الرجاء هو أن ظاهرة ( الوشاية) تصاعدت في مجتمعنا لدرجة أن احدنا لم يعد يأمن على نفسه من اتهامه بما لا يخطر على باله من «موبقات « ، فلربما يجد نفسه في قائمة ( المتطرفين) وهو أبعد ما يكون عن ( التطرف)، وربما يفاجأ في لحظة ما بأنه (مصنف) خارج الملّة الوطنية مع أنه أكثر الناس التصاقا بالوطن...وهكذا فإن ( الوشايات)، سواء في دائرة العمل أو الوظيفة أو الاعتقاد أو المواقف ربما تقلب ( حياة) بعضنا وتدمر مستقبلهم أيضا.
كنت أشرت في مناسبة سابقة الى خطر ( الفجور) في الخصومة السياسية، ولدي عشرات النماذج لأشخاص دفعوا ثمن هذا الفجور، وآخرين ( امتهنوا) هذه الصنعة واستثمروا في اسواقها الموبوءة ، لكنني – اليوم- أجد أن هذا الفجور تجاوز مسألة الخصومة السياسية الى خصومات أخرى لم تنج منها معظم مجالاتنا العامة، خذ مثلا الخصومات الأكاديمية في جامعاتنا، والخصومات الادارية في مؤسساتنا، والخصومات الثقافية في روابطنا الفكرية، ستكتشف بأن ما تفعله بعض النخب التي تحتل الصف الأول أو الثاني في هذه المجالات يجسد مثل هذا النوع من ( الفجور) الذي يتلبس أحيانا ثوب ( الوشاية) وأحيانا يسفر عن نفسه علنا، بهدف تصفية ( الحسابات) أو الانتقام أو الاساءة و التشويه أو البحث عن مغانم شخصية.
أفهم – بالطبع- أن مجتمعنا تعرض في السنوات الأخيرة الى إصابات بالغة على صعيد منظومته الأخلاقية والقيمية، وأن آفات مثل الكذب و النفاق و الفهلوة و الوشاية انتشرت فيه وأصبحت جزءاً من عموم ( البلوى) التي يفترض أن نتدافع للخروج منها، لكنني استغرب أن تتورط بعض النخب التي يفترض أن تحرس منظومتنا الأخلاقية وتحميها من الاختراق في هذه الاصابات ، وأن تكون جزءاً منها، كما استغرب ايضا ان تتحول مثل هذه القيم المغشوشة من دائرة الرفض الاجتماعي و الادانة الى دائرة القبول لدى البعض واحيانا التشجيع و الاحتفاء، وكأنها ( معايير) مطلوبة للوظيفة أو للسيرة الذاتية المرغوب فيها.
لو سألت: كم واحدا منا تعرض ( للوشاية) في عمله، أو كم شخصا كلفه نجاحه في موقعه ضريبة اخراجه منه بسبب زميل تحرر من أخلاقيات التنافس وفجر ضده في الخصومة، لوجدت المئات، وربما الآلاف ممن عانوا من هذه الكوارث ( اللااخلاقية ) ، لكن النتيجة يحسمها في النهاية ( المسؤول) ، هذا الذي يمكن ان يفتح آذانه و يقرر بناء على ما يصله من أخبار أو روايات أو أن يغلقها أمام مثل هذه الذبذبات فيدقق ويتحرى ويتحقق من صحتها، فإذا كان من الصنف الاول ظلم وأتاح للشطار و الدساسين فرصة الانتصار ، أما اذا كان من الصنف الثاني فقد أصاب وعدل وأغلق الباب أمام هؤلاء الذين ركبوا موجة ( القرصنة) وتاجروا بضمائرهم لمحاربة كل بادرة خير أو نجاح أو أمل لكي يظلوا دائما في الصدارة .
أحد الاصدقاء قال لي ذات مرة بأنه يعمل في ( صمت) ولا يريد أن يشير أحد الى انجازاته، وحين سألته لماذا؟ ذكر بأنه يخشى من حزب (أعداء النجاح) ،هؤلاء الذين لا يترددون عن ( الوشاية) به ومحاربته، لأنهم لا يريدون أن يكون بينهم أي شخص ناجح في عمله، صديق آخر تبوأ موقعا جديدا في إحدى الجامعات وما إن بدأ بالعمل حتى واجه حزب ( أعداء النجاح) هذا، فدفع الثمن باهظا لأنهم طوقوه (بالوشايات) و الاتهامات، واشغلوه بالدفاع عن نفسه بعد أن صنفوه في دائرة ( مطلوب خطير) يتوجب ازاحته على الفور.
أكبر خدمة يمكن أن نقدمها لمجتمعنا وسط اشتعال حمّى ( التصنيفات) على مقياس الوطن أو الدين أو الطائفية، ووسط تصاعد حدّة ( التطرف) و العنف، ووسط حاجتنا الى تماسك جبهتنا الداخلية، والى تشجيع أيه بادرة للأمل أو الابداع أو النجاح ، هي خدمة تجفيف ينابيع ( الوشايات) و الفجور في الخصومات واستغلال دوائر النفوذ لضرب الناجحين و المخلصين ..فهل نتمكن من ذلك ؟ هذا ما أرجوه واتمناه.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/24 الساعة 07:52