العاهل المغربي يضع القضايا البيئية في صميم السياسات العامة وبرامج التنمية
مدار الساعة - اعتمدت المملكة المغربية الشقيقة في استراتيجيتها للتنمية مفهوم التنمية المستدامة الذي يعزز التوازن بين الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف تحسين المحيط المعيشي للمواطنين، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وتشجيع الأنشطة الاقتصادية التي تحترم البيئة، وذلك وفقا لالتزاماتها الدولية التي تم اعتمادها في قمة الأرض بريو دي جانيرو (1992) وقمة جوهانسبرغ (2002) والاتفاقيات ذات الصلة، حيث وضع المغرب الأسس لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، عبر العديد من الإصلاحات السياسية والمؤسسية والقانونية والاجتماعية الاقتصادية. وقد تم تعزيز هذه العملية من خلال اعتماد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي تم إطلاقه بتوجيهات من العاهل المغربي، بمناسبة خطاب العرش في 30 يوليو 2009.
لقد مكّن الوعي بالارتباط القائم بين الآثار الضارة لتغير المناخ على تنمية البلد من وضع القضايا البيئية في صميم السياسات العامة وبرامج التنمية، وخاصة الاستراتيجيات القطاعية المتعلقة بالمياه والطاقة والطاقات المتجددة، والتي تمثل أولويات استراتيجية لتنمية المغرب، الذي تمكن من إنشاء إطار مؤسسي ملائم من خلال صياغة القانون الإطار بشأن التنمية المستدامة، وكذلك القوانين المتعلقة بكفاءة الطاقة والطاقات المتجددة.
على صعيد آخر، اعتمدت المملكة المغربية الشقيقة نهجا رائدا واستباقيا لتعبئة موارده المائية، ومكافحة الفيضانات والجفاف، من خلال سياسة السدود وتطوير استراتيجية الاقتصاد وتثمين المياه، حيث أطلقت مخطط التنمية الاستراتيجية القطاعية، في مجالات التنمية الفلاحية، كمخطط المغرب الأخضر، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في مجال حماية البيئة، وكذلك استراتيجيات أخرى في مجال حماية البيئة والطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية.
وهكذا، تواصل المملكة بصفتها فاعلا ملتزما على الصعيدين الإقليمي والدولي، دعم جهود المجتمع الدولي لمواجهة تحديات المناخ. تجدر الإشارة إلى أن المملكة وقعت اتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في عام 1992 وصادقت عليها في عام 1995، ونظمت في مراكش في عام 2001 الدورة السابعة لمؤتمر الأطراف، والتي أدخلت بروتوكول كيوتو، حيز التنفيذ الذي صادقت عليه بلادنا في عام 2002. وفي نونبر 2016، استضافت مدينة مراكش، للمرة الثانية، مؤتمر الأطراف (COP 22) الذي تميز بسلسلة من الالتزامات لتنفيذ اتفاق باريس للمناخ.
كما التزم المغرب بجعل إشكالية تغير المناخ أولوية ل في إفريقيا وتحسيس المجتمع الدولي من أجل لعمل لصالح إفريقيا. وهو ما تجلى في العديد من المبادرات ذات الصلة، بما في ذلك مبادرة الملك محمد السادس بالدعوة إلى عقد قمة العمل الإفريقية الأولى على هامش COP22 في نونبر 2016، والتي كانت فرصة للقادة الأفارقة لتنسيق وتوحيد جهودهم لمكافحة تغير المناخ، بالإضافة إلى البحث عن أفضل الحلول للتحديات المناخية التي تواجه القارة الإفريقية.
وقد ترجم الالتزام المغرب في ميدان تبادل التجارب والخبرات لمكافحة تغير المناخ مع بقية القارة، في مشاركتها في عملية تفعيل لجنة المناخ لحوض الكونغو، والصندوق الأزرق لحوض الكونغو، الذي توج بعقد اتفاقية ببرازافيل في 29 أبريل 2018، خلال القمة الأولى لرؤساء دول وحكومات لجنة المناخ لحوض الكونغو والصندوق الأزرق لحوض الكونغو، الذي شارك فيه العاهل المغربي وذلك كجزء من تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في قمة العمل الأفريقية.
وخلال القمة الأولى لرؤساء دول وحكومات لجنة المناخ لمنطقة الساحل، التي عقدت في 25 فبراير 2019، بنيامي، وجه العاهل المغربي رسالة إلى رؤساء دول وحكومات الدول المشاركة في هذه القمة، أعلن فيها عن " التزام المملكة المغربية بالتكفل بدراسات الجدوى اللازمة لاستكمال خطة الاستثمار المناخي " وأن" اللجنة يمكنها الاعتماد على مركز التغير المناخي (4C المغرب)، لا سيما فيما يتعلق ببناء القدرات لأعضائها ".
فيما يخص السياسة المغرب في مجال الطاقات النظيفة فقد بذلت المملكة العديد من الجهود للحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري من خلال تطوير مصادر الطاقة المتجددة، فهو دولة غير منتجة للنفط وإنتاجيته جد ضعيفة في مجال للغاز والفحم، ولكنه يتوفر على العديد من المؤهلات (300 يوم من أشعة الشمس في السنة، وسرعة الرياح 9 أمتار في الثانية في المناطق الساحلية؛ وموارد المياه)، وهكذا أصبح تطوير الطاقة المتجددة خيارًا استراتيجيًا. فإذ كان إنتاج ما يسمى بالكهرباء الخضراء هو 26 ٪ اليوم، فقد حددت المملكة لنفسها هدف الوصول إلى 42 ٪ من الطاقة الإنتاجية من مجموع الطاقة المتجددة أفق 2020، تم رفع هذا الهدف إلى 52 ٪ بحلول عام 2030.
كما، تبنت المملكة المغربية، منذ عقد من الزمن، سياسة طموحة بشأن الطاقات المتجددة. ففي عام 2009 ، تم إطلاق برنامج الطاقة الشمسية المغربي (PSM) ، وهو سلسلة من مشاريع الطاقة الشمسية ، بهدف بلوغ 2000 ميغاواط (MW )، والذي تم توزيعه على نطاق واسع منذ ذلك الحين. وقد تم تجاوزه منذ أمد بعيد، حيث بدأ بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية في العالم والتي ستكون بطاقة 580 ميجاوات ، وسوف تمتد لأكثر من 30 كيلومتر مربع.
ومنذ ذلك الحين، والعديد من المشاريع الرئيسية تشتغل: مجمع ورزازات الشمسي، وبعده مجمع عين بني مطهر في عام 2010، وتوسيع حديقة الرياح، ومحطات الطاقة الكهرومائية الجديدة، ولكن أيضًا محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم أو كامتداد المحطات الحالية، إضافة إلى بناء أكبر مزرعة للرياح في إفريقيا تسمى Tarrec تم تشغيلها في عام 2015 ، وتمتد لأكثر من 20 كم، من مدينة طرفاية على ساحل المحيط الأطلسي، مع 131 توربينات رياح بسعة 301 ميجاوات. وبالفعل أصبحت الطاقات المتجددة في عام 2015، تمثل أكثر من 34 ٪ من مزيج الطاقة في المملكة.
وهكذا، أدى الزخم الذي أعطاه إعلان جلالة الملك بزيادة طاقة توليد الكهرباء المتجددة إلى 52٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية المركبة بحلول عام 2030 إلى إطلاق برامج جديدة. ستزيد هذه المشاريع طاقة إضافية تفوق 10 جيجاوات بحلول عام 2030، بما في ذلك 4560 ميجاوات من الطاقة الشمسية و4200 ميجاوات من الرياح و1330 ميجاوات من الطاقة الكهرومائية.
في عام 2016، بدأ تشغيل أول محطة للطاقة الشمسية نور 1 في ورزازات بسعة 160 ميجاوات وإطلاق العديد من المشاريع المماثلة، مما جعل المغرب الآن مكوّنًا وازنا لدى كبريات الشركات متعددة الجنسيات في هذا القطاع، حيث تم بناء المرحلة الثانية (نور الثاني ونور الثالث بسعة إجمالية تبلغ 350 ميجاوات) والجزء الأخير من نور الرابع بسعة 70 ميجاوات، سيكون للمجمع الشمسي في ورزازات بطاقة 580 ميجاوات، سيجعل المغرب موقعًا رئيسيًا لإنتاج الطاقة الشمسية، وفي النهاية مصدرا رئيسيا للتدفقات نحو أوروبا.