هل أخطأ رئيس مجلس النواب؟!
المهندس عاطف الطراونة؛ رئيس مجلس النواب الأردني، كتبت عنه أكثر من مقالة خلال العقدين الماضيين، أعني منذ كان نائبا مستقلا في مجلس النواب، إلى أن أصبح رئيسا «مستقلا أيضا» لمجلس النواب، وعلى الرغم من استقلاليته في رأيه إلا أنه رجل له مذهبه الموضوعي في الوطنية وعشق الوطن وما فيه، مذهب لا يمكن لأحد إلا أن يحترمه، وتوخيا للموضوعية والمنطق، وهما الصفتان الظاهرتان في خطاب وعمل رئيس مجلس النواب، فإنني أتساءل عما يتساءل عنه زملاء ومتابعون وذوو رأي: لماذا يهجر السياسيون وسائل الاعلام الوطنية المعروفة، ويمنحوا شرعيات لأشباه مؤسسات ولأشخاص جدليين، بينهم دخلاء على مهنة الصحافة في الأردن؟!.
حضرت مؤتمرا صحفيا بل جلسة حوارية جمعت مندوبين عن وسائل إعلام وبعض كتاب صحافيين من جهة، ومدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي من جهة أخرى، ولاحظت تلك النزعة التشكيكية في أسئلة بعض المنتدين، أسئلة تتجاوز البحث عن المعلومة والاستقصاء الى درجة التشكيك والإثارة وترك النهايات مفتوحة بلا حسم ولا توضيح، توغلا في الغموض الذي يضفي على الأسئلة طابعا مصطنعا من الحذر غير المبرر لمزيد من إثارة، الذي يؤكد التشكيك بسياسات الدولة والحكومة، كما يؤكد أن إفقاد الناس الثقة بمؤسساتهم الرسمية أصبح غرضا رئيسيا وقد يكون حصريا في أداء بعض الصحفيين، كما هو غرض غير معلن في أهداف وسائل إعلام بعضها يتحدث باسم الدولة ويحظى بدعمها ومالها!.
حين يتمخض أحد المسؤولين الإعلاميين، فيقدم لنا فكرة استراتيجية لتطوير الاعلام الرسمي والوطني، تتداعى لها مؤسسات وسلطات في الدولة، فتهرع جميعها لتنظيم عمل مؤسسات اعلام الدولة الرسمية والوطنية، ونسمع في كل مرة كلاما وأفكارا مكررة، فقدت ألقها بعد أن تم تكرارها عشرات المرات، وتقادمت أجيال من المسؤولين الرسميين على طرحها، اعتقادا منهم في كل مرة بأنهم يقدمون فتحا سياسيا وإعلاميا جديدا..لكننا نكتشف بعد كل مرة بأن الاعلام المهني هو الذي ينحسر لصالح الإثارة والابتزاز وسوق المصالح التي يستثمرها الاعلام المتحرر غالبا من المهنة ومن المبادىء الوطنية.
أمس مثلا: تم تناقل تصريحات لرئيس مجلس النواب خلال لقاء مع جهة ما، مقابلة لم ترق لكثيرين من زملاء المهنة وليس السبب في التصريحات المنسوبة لرئيس مجلس النواب، فهو يتحدث بوفاء وصدق نعرفهما، لكن الاعتراض على قيام رئيس مجلس النواب باختيار مثل هذا المكان لإطلاق هذه التصريحات المتعلقة بشخصية سياسية وازنة وتدير شؤون سلطة من السلطات الرسمية الثلاث في الدولة.
وأمس أيضا؛ وجه زملاء انتقادات وتساؤلات حول تعديل قانون الضمان الاجتماعي المعروض على مجلس النواب في دورته الاستثنائية، والذي قد تنطلق بشأنه نقاشات تحت القبة في الأسبوع القادم، ومكمن «الجدل» الذي تضامن زملاء في إثارته متعلق بضم العسكريين تحت مظلة الضمان الاجتماعي في القانون المقترح، وكانت أسئلة غير مريحة بالنسبة لي مع الاحترام لكل من تحدث بها بحثا عن حقائق ومعلومات وليس تشكيكا أو «تكتيكا»، ومبعث عدم ارتياحي هو انتفاء صفة «المؤسسة المالية» عن مؤسسة الضمان الاجتماعي في ذهن السائل، فإعادة السؤال والتهويل من انضواء العسكريين تحت مظلة المؤسسة، أشعرني بأن المؤسسة المالية التي تتلقى اشتراكات من المنتفعين وتحدد على أساسها رواتبهم التقاعدية تتعرض للاختطاف !.. بينما لم يتوقف السائلون عند إجابة حازم الرحاحلة مدير عام المؤسسة، حين بين أن المؤسسة تقتطع وفق هذا القانون 28 % من رواتب العسكريين، بينما تقتطع فقط 18.5 % من العاملين في القطاع العام، وفي لغة الأرقام التي تعتمدها المؤسسات المالية نفهم بأن هذا «زبون» كبير ويجب أن يحظى بامتيازات تناسب حجم ما يقدمه للمؤسسة المالية من اشتراكات او اقتطاعات..بينما الفكرة التي عززها السائلون في اللقاء تتمحور حول «عدم منح المؤسسة للعسكر»!.. ولماذا الآن يتم شمول العسكر ومن يقف خلف الفكرة؟..رغم رد الرحاحلة بأن هذه النقاشات جارية منذ عام 2003، وليست فجائية، وأن هذه نسخة الحكومة من التعديلات المقترحة على القانون، لا تلزم أية جهة ولا تعتبر دستورية إلا بعد إقرارها من السلطة التشريعية ومصادقتها من جلالة الملك، ثم نشرها بالجريدة الرسمية لتصبح سارية المفعول، شأنها شأن أي قانون آخر وضرورة مروره بهذا المراحل الدستورية ليصبح نافذا.
الدستور