وصفة جديدة للتعاطي..«بيشم غاز»!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/17 الساعة 03:39
غاز القداحات، والغاز الصناعي ينتشر فجأة بين الشباب وبالاخص طلاب الجامعات باستعماله مخدرا. الغاز خارجة قائمة الممنوعات والمخدرات المحظورة قانونيا.
نوع جديد من الادمان اول من مرة سمعت بالموضوع قبل أيام صديقي ابنه يدرس في الجامعة الاردنية، وقد وقعت بعض المشاكل العائلية، وابلغني مصدوما بما اكتشف أن ابنه يتعاطاه، ولربما أن الطامة الكبرى أن جيلا بأكمله من شباب الجامعات غارقين في تعاطي الغاز.
الشاب المتعاطي يدرس في الجامعة الاردنية ومن المتوفقين في الثانوية العامة، وكما يروى والده فان انقلابا عاموديا مفاجئا قد وقع على حياته وسلوكه وتصرفاته وعواطفه ومشاعره، فما عاد كما كانوا يعرفونه هادئا ومؤدبا ولطيفا وقريبا من الاسرة، ومتابعا لمطالعته ودرسه المدرسي.
إنها مفاعيل الغاز، يشتري الشاب مبدئيا قداحتين أو ثلاث قداحات، ومن ثم يتطور العدد الى خمسة وستة قداحات، ويقوم باستنشقاهن بالانف. ويتقطع التعاطي على مراحل خلال اليوم الواحد، الصبح ضربة نفس، والظهر تسليكة، والعصر ضربة ثانية، والمساء الوناسة، هكذا يسمون مراحل التعاطي بالاستنشاق.
هو ليس مدمنا في التصنيف الرسمي والقانوني. متعاطي غاز خطورته على الجهاز العصبي والدماغ والتنفسي أخطر من المخدرات التقليدية، والجوكر واللوركا التي تم إدراجها على قائمة الممنوعات بعد حادثة طبربور الشهيرة، واقدام شاب متعاطي للوركا على قتل والدته.
ما يروى خطير ومرعب، ويشبه حكايا الافلام المصرية والهندية. ولم تعد قصصها من الخيال المستورد إنما واقعا حيا من الجامعات والحارات والاحياء والمدن والقرى الاردنية، حدث بلا حرج.
و لربما أكثر ما يثير الرعب في تعاطي الغاز والمخدرات بمجموعها هو الميل الى العنف والتطرف بالعنف. هوجات عنف عندما تقف على تفاصيل خفية تعرف ما هو سرها، ومن أين تأتي وتنبع ومن يغذيها في روح وشخصية شاب مراهق؟
المدمن والمتعاطي لا يقدر كم هو خاسر انسانيا واجتماعيا وشخصيا. يلخص العالم والوجود والحياة والاخرة في مشاهد عابثة وصاخبة وناقمة ومستهترة وفاشلة لكل شيء. لا يعرف الا أن يحفر مشاهد انتقام من المجتمع ويبدأ بالمحيط العائلي من القريب الى الأشد قربا.
المروي مخيف، ولا يمكن السكوت عنه. والاجدر لوزارة الداخلية وادارة المخدرات العامة التنبه الى تعاطي الغاز لادراجه على قوائم الممنوعات والمحظورات، والمسؤولية الجنائية الى جانب اصناف اخرى .
تحولات تصيب المجتمع لربما تعكس نوعا من التشقق العميق في الاخلاق العامة، وتشقق في منظومة التعليم والتربية، وتشقق وتصدع في سؤال الاجيال الحائرة والمترددة والخائفة من المستقبل. فالعدمية أن تواجه الحياة بالموت. وهي ملامح وصور مستخرجة لما يصيب أجيالا من الشباب ملامح وجوهم عابسة ومقتولة، وارداتهم معدومة ومحاصرين بالفشل والخوف من المستقبل.
ثمة ما يوجب على العقل الامني أن يذهب الى مخابئ وجيوب خفية للمخدرات والتعاطي والجرائم والخروج عن القانون. مخابئ إنتاج التعاطي على المسكنات والمخدرات والحبوب والغاز لربما تخفي جرما عقائديا وجنائيا وسياسيا ينفجر في قلب المجتمع والدولة.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/17 الساعة 03:39