ارتفاع نسبة بطالة الفلسطينيين في الأردن
مدار الساعة - أدت الأزمة المالية الخانقة التي تشهدها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في الأعوام الأخيرة، عدا قلة الفرص المتاحة، إلى “ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف اللاجئين في مخيمات المملكة الثلاثة عشر لأكثر من 19 %، أسوة بنسبة مماثلة للفقر”، وفق مدير دائرة الشؤون الفلسطينية رفيق خرفان.
واعتبر خرفان، أن “عدم توفر الفرص نفسها داخل المخيمات مقارنة بخارجها يعد سبباً بارزاً للبطالة المرتفعة”، التي تقع نسبتها الأعلى في شمال المملكة، بمعدل 11 % في مخيم عزمي المفتي بإربد، وشمالها الغربي، بمعدل 10 % في مخيمي سوف وجرش، وهما الأشد بؤسا، بينما تجد وجهها القاتم في مخيم البقعة، الأكبر حجماً والأكثر عديداً، بنسبة 11 % تقريبا.
وتسجل المخيمات الواقعة شمال المملكة، أيضاً، المعدلات الأعلى للفقر، بنسبة 36 %، بينما ترتفع النسبة في قطاع غزة إلى نحو 64 %، وذلك بحسب تقديرات غير رسمية تابعة لمراكز بحثية، والتي تفيد بأن “نحو 31 % من مجمل العائلات في المخيمات تحت خط الفقر”، بحسبها.
بينما يهدد حجب الدعم الأميركي لميزانية “الأونروا”، المقدر بنحو 360 مليون دولار سنوياً، بالمزيد من سوء الظروف المعيشية لزهاء مليوني لاجئ فلسطيني بالمملكة، نظير وقف مشاريع مهمة مُدرة للتشغيل وتعثر البرامج الخدمية التي تعد مصدراً يتيماً لشريحة وازنة منهم، مما يقود إلى ازدياد مشكلة عمالة الأطفال، ومغادرة مقاعد الدراسة مبكراً، فضلاً عن تفاقم المظاهر الاجتماعية السلبية.
ومن المرجح أن تتجه إدارة الوكالة مجدداً، وفق مصادر مطلعة، إلى “تخفيض حجم ومستوى الخدمات”، التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، المقدمة للاجئين، في ظل العجز المالي لـ”الأونروا” الذي يبلغ هذا العام حوالي 151 مليون دولار، بعدما تبرعت الدول المانحة بنحو 110 ملايين دولار فقط، منها 60 مليون لسداد العجز، خلال مؤتمر التعهدات بنيويورك الذي عقد الشهر الماضي.
وما لم يتم إيفاء الالتزامات الدولية المطلوبة تجاه “الأونروا”، فإن العام الدراسي القادم سيكون على المحك؛ حيث ستواجه الوكالة “مأزقاً مالياً ربما سيؤثر على طبيعة الخدمات المقدمة”، حسب المفوض العام “للأونروا”، بيير كرينبول، في رسالة وجهها للعاملين في الوكالة مؤخراً.
ويمس هذا المأزق مصير نحو 122 ألف طالب وطالبة، من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، ضمن 171 مدرسة تابعة للوكالة، والذين قد يضافون، عند تفاقم المشكلة، إلى نحو 600 ألف من أقرانهم الذين يتلقون تحصيلهم الدراسي حالياً في المدارس الحكومية، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على الأردن.
تنعكس البطالة بثقلها السلبي على وضع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، التي تضم بين 350 – 400 ألفاً، حيث حملت الظروف الصعبة ببعض الأسر إلى إخراج أبنائها من مقاعد الدراسة للالتحاق المبكر في سوق العمل ورفد العائلة بمصدر دخل يساعدها على مجابهة متطلبات الحياة.
وتشكل عمالة الأطفال أحد الإشكاليات البارزة التي تسعى “الأونروا” إلى معالجتها، في ضوء معطيات تشير إلى أن نحو 6,9 % من أطفال المخيمات من عمر 15 عاماً فما فوق يعملون في مهن بسيطة، مقابل 30% منهم يعملون في أعمال مهنية وتصنيعية حرفية متعددة.
بينما تفسح هشاشة المنظومة المجتمعية في المخيمات المجال أمام لاجئيها من الشباب إما إلى التوجه مبكراً إلى سوق العمل بعد ترك مقاعد الدراسة، أو التفكير في الهجرة، أو الانضمام إلى قائمة العاطلين عن العمل، بنسبة 16 % من فئات 15 – 24 عاماً، بينما يصل المعدل ضمن الفئة العمرية الممتدة من 25 – 34 إلى 5 %، مقابل 30 % و13 % بالنسبة لفئات النساء العمرية المقابلة على التوالي، وذلك بحسب تقديرات غير رسمية.
وتلقي الوضعية المجتمعية الهشة للمخيمات بظلالها السلبية على النساء اللاجئات اللواتي يعُلن قرابة 14 % من إجمالي الأسر المعيشية للاجئين الفلسطينيين، بينما تصل النسبة إلى 46 % ضمن حالات العسر الشديد. ومن شأن تفاقم الأزمة المالية للوكالة أن يهدد بإغلاق 14 مركزاً نسوياً، يقدم الرعاية والدعم للاجئات الفلسطينيات.
بيد أن شظف المعيشة المجتمعية يسهم في انتشار المظاهر السلبية، إذ “للبطالة نتائج وخيمة على المجتمع”، وفق قول المهندس خرفان، الذي أشار إلى تحديات أكثر سوءاً عند “تغلغل مثالب التطرف والعنف والجرائم بين نسب البطالة والفقر المرتفعة صوب مناحي تهدد الأمن والسلم المجتمعي”.
وأوضح خرفان بأن “العاطلين عن العمل قد يصبح بعضهم فريسة سهلة للجرائم والمخدرات والمظاهر السلبية في المجتمع”، مؤكداً ضرورة “تضافر الجهود الدولية لضمان استمرار الدعم المالي المطلوب للأونروا والذي يمكنها من تقديم كامل خدماتها للاجئين الفلسطينيين”.
ونوه خرفان إلى المساعي الدؤوبة التي تبذلها الدائرة، في إطار الجهود الرسمية الحكومية، لمعالجة معدلات البطالة المرتفعة في المخيمات.وتوقف عند المكارم الملكية السامية لأبناء المخيمات، في مختلف المجالات، لاسيما المجال التعليمي عبر تخصيص 350 مقعداً في الجامعات، وتأسيس المراكز التنموية الشاملة وتقديم طرود الخير الهاشمية وإنشاء الغرف الصفية وصيانة وترميم المدارس وإعادة تأهيل المساكن.
وأشار إلى “مشاريع التشغيل المباشر والتشغيل الذاتي بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جايكا”، وبالتنسيق مع “الأونروا”، لتحسين الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين، حيث استفاد منها العديد من المواطنين في المخيمات، لاسيما اللاجئات اللواتي شاركن، أيضاً، في العديد من الدورات التدريبية التي يتم تنظيمها لهذا الخصوص بهدف تمكينهن من العمل داخل المنزل، ضمن التشغيل الذاتي، والحصول على دخل جيد، مما ساهم في تحسين أوضاع أسرهن المعيشية”.
وقال إن “الجهود منصبة في توسعة نشاطات المشروع ليشمل كافة المخيمات”، لافتاً إلى “المشروع الأكثر ابداعاً لتحسين الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين، من خلال إنشاء أندية الإبداع والابتكار داخل المخيمات، حيث يتم البدء بخمسة منها كمرحلة أولى، وصولاً إلى تعميمها عام 2020”.
وتسهم أندية الإبداع، وفق خرفان، في “تحفيز الشباب، وهم الشريحة السكانية الأكبر عديداً، على خلق الأفكار المبدعة للمشاريع أو البرامج والابتعاد عن المألوف أو التقليد”، مشيراً إلى “تأسيس مواقع للأندية في خمسة مخيمات، ضمن اللجان، حيث تم الشروع بتدريب الشباب على ذلك”.
يُشار إلى أن قيمة ما يتم إنفاقه سنوياً من قبل الدولة تُقدر “بأكثر من 1.2 مليار دينار، في مختلف القطاعات الحياتية، على اللاجئين الفلسطينيين، سواء المقيمين منهم داخل المخيمات، أم خارج المخيمات”.
(الغد)