محمد حنيّان العون.. يشيّعه الرجال وتبكيه عيون السرديات
كتب : د. محمد عبدالكريم الزيود
ليس لموسم الفرسان موعد في الرحيل، ولكن في بلادنا يرحل كل طيب مبكراً، وأصبحت تشحّ بالفرسان فصرنا نبكي رحيلهم، ومنهم اليوم يرحل محمد حنيان العون السردية، فارس كان له جولات في ميدان المعارك مع العدو الصهيوني يوم الكرامة، نطح الموت كثيرا وها هو اليوم يستسلم لقدره بعدما قدّم وأتعبه العمر.
محمد حنيّان الفارس البدوي الذي رضع الفروسية في مضارب أهله السردية في صبحا وصبحية، لا ينقصه طيب ولا كرم ولا شجاعة فتلك لعمري صفات يفيض بها البدو وفوقها مروءة وشهامة وجرأة صقلتها ميادين العسكرية، عندما لبس زي الجيش لينال الشرف مجاهدا في الجيش العربي، وفي كتائب الدبابات والدروع، عندما أصبحت الخيل ظهور الدبابات يمتطيها خير الفرسان شجاعة وفروسية.
يوم الكرامة يذكره الأردنيون، عندما هبّ نشامى الجيش العربي يواجهون العصابات الصهيونية وهي تتخطّى نهر الشريعة، يومها قام الرقيب فهد مانع بالانحراف إلى اليمين بدبابته ويقوم بقصف قائد الحملة الإسرائيلية هارون بيليت، فيما الدبابة الثانية من الفصيل الثاني التي كان فيها الرقيب محمد حنيّان، ينادي على زميله الرقيب الفواز بجهاز اللاسلكي أن يتراجع إلى الخلف لأن العدو طوقه، فتصاب دبابة الشهيد الملازم محمد هويمل الزبن وتحترق به وهو يحاول جاهدا إصابة دبابة العدو التي صادفها وجها لوجه، فيستلم القيادة أثناء الهجوم الرقيب محمد حنيان العون ، وينادي عليه قائد الكتيبة بالجهاز قائلا: "اليوم يومنا، وحنا اخوان خواتنا"٬ فرد عليه عبر الجهاز: "يا ربنا رباً رحوم، يا راعي القباب العالية، إدع لنا نصرا عظيما إذا بلتنا البالية، يا حسين لعيونك حرب العدو ما نهابها ، لعيون بسمة دم النشامى خضابها".
يرحل محمد حنيّان العون اليوم مكلّلا بالفخر والمجد، يشيعه الرجال الرجال، وتبكيه عيون السرديات، ينام تحت تراب صبحا وقد قدّم ما عليه نحو وطنه ، ففي بلادنا يمرّ الكثير مثل زبد البحر ولا يمكث إلا القليل في الذاكرة وفي القلب.