الحنيطي يكتب: السفير الفرنسي بيرتولوتي
بقلم : ايمن دهاج الحنيطي
في عصرنا الرقمي ، اذا اردت ان تقيم أداء سفير ما، ما عليك سوى متابعة حسابه على تويتر، اما اذا كان ذاك السفير غائباً عن عالم تويتر، فانصحه بالاستقالة، وتوفير مصروفاته الفائضة على خزينة دولته، خصوصا اذا كان سفيرا عربيا او من دول العالم الثالث.
السفير الفرنسي في عمان ديفيد بيرتولوتي، سفير من الطراز الأول ،سفير ترفع له القبعات بالفعل، خدم بلاده ومثلها خير تمثيل ،وخدم الأردن اكثر على مدى سنواته الأربع التي شارفت على الانتهاء، اذ يغادرنا قريبا.
بيرتولوتي ،عشق الأردن وثراه وطبيعته ،تجد في تغريداته الإخلاص والحب الصادق لهواء الأردن بمدنه وقراه ومحافظاته ،من اقصى الشمال ،الى اقصى الجنوب ،ولو انك جردته لوهلة بسيطة من فرنسيته، لضننته شابا اردنيا "قح – بضم القاف" كأنه احد أبناء عشائر الحويطات وبني حسن في حبهم وانتمائهم لعرين الهاشميين.
بيرتولوتي، يفضل عمان على مدينة كان الفرنسية، تخيلوا، ويعشق وادي رام ،وجبال الأردن ووديانه، غرد كثيرا عن رحلاته السياحية وتجواله ،وروج للاردن سياحيا ،مغردا تحت هاشتاغ #اردننا_جنة ،ولا ابالغ القول ان السفير الشاب غرد للاردن على تويتر سياحيا اضعاف ما غرد به وزراء السياحة عندنا او حتى سفرائنا ،اتتبعه منذ سنوات ،وكثيرا اعمل إعادة تغريد لتغريداته المليئة بالصور من الطبيعة والبيئة الأردنية الخلابة ،بيرتولوتي يعتبر فيلم "ذيب " من أفلامه المفضلة ،انه سفير يستحق اعلى تكريم ،اعتقد انه يستحق وساما ملكيا بامتياز .
نشاطه كان شموليا ،ولم يغب عن أي مناسبة وفي القطاعات كافة، اقتصادية كانت، ام اجتماعية، ام ثقافية، وغيرها، تجده في معرض للاكلات الأردنية مروجا لها، وتجده في مخيم الزعتري بين اللاجئين، يقف على معاناتهم، وينقل معاناة الأردن واعبائه الاقتصادية جراء استضافتهم ،تجده في وادي الغوير في الشوبك ،هل سمعتم به او زرتموه؟؟ ومحمية ضانا في الطفيلة ،وتجده في معارض عمان والمحافظات المختلفة ،ذهب الى الهاشمي الشمالي وشارع الاستقلال راعيا لمبادرات شبابية وفنية ،وصل مدينة سحاب على اطراف العاصمة ،سحاب التي لا اعتقد ان أي من وزراء البلديات عندنا قد زارها.
من يحصي نشاط السفير الفرنسي في عمان، يجده الانشط بين سفراء الاتحاد الأوروبي عموما ، يله البلجيكي ، بيرتولوتي الشاب ،التقيناه في اكثر من مناسبة ،شخص دمث ،متواضع ،رفيع الخلق ،واسع الاطلاع ،كان حريضا على دعم اقتصاد الأردن وتنمية حياة مواطنيه، في شهر حزيران الماضي، وبجهوده ، قدمت الوكالة الفرنسية للإنماء دعما للموازنة الأردنية ،وموازنة 100 بلدية بقيمة 95 مليون يورو ،ضمن التزام فرنسا بمخرجات مؤتمر لندن .
السفير بيرتولوتي مدرسة في الدبلوماسية الرقمية ،دشن حسابه على تويتر مع قدمه الى الأردن تقريبا قبل اربع سنوات، رصيده من التغريدات اليوم يصل الى 4660 تغريدة معظمها عن نشاطاته وتجواله ورحلاته السياحية في الأردن ،ويتفاعل معه الكثير من الأردنيين ،انه سفير رقمي بامتياز.
جهد السفير بيرتولوتي لم يات من فراغ ،فهناك تكاملية في العمل مع طاقم السفارة الفرنسية أيضا ،وهو ما يعكس الوجه الحقيقي لمدرسة الإدارة الفرنسية التي اطلعنا على احترافيتها وتجاربها الناجحة شخصيا من خلال عدة ورشات عمل شاركنا بها ضمن نشاطات مركز الملك عبدالله الثاني للتميز في العام 2015
أخيرا لا اخرا، نتمنى ان يكون السفير بيرتولوتي وطاقم سفارته نموذجا يحتذى به في العمل الدبلوماسي لكثير من السفراء الذين يمثلون بلدانهم في العالم ،ونتمنى لسعادة السفير الذي يغاردنا قريبا، التوفيق في كل موقع ومكان ،وكلي ثقة انه لن ينسى الأردن ولا الأردنيين، للسفير بيرتولوتي ترفع القبعات.