ألف باء الموتى الأحياء
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/08 الساعة 01:17
نزلت الى وسط البلد، كعادتي لم أكن قد وصلت بالضبط. كنت قد قطعت النصف الأول من درج الكلحة المؤدي الى الشارع، كان الدرج فارغا من الكائنات الحية، المقاهي مفتوحة، الكتب معروضة، لكن لا أحد.
بدأت أذنيّ تستشعر صمتا مبهما، فأدركت أنى لم اشاهد أحدا منذ بدأت بالانحدار صوب قاع المدينة، لم أسمع صوتا، لا مواء قطة ولا طنين دبور ولا صوت ارتطام قطرات الماء المتساقطة من البلكونات الى قسوة الإسمنت.... حتى خطواتي لم اسمعها.
وجدت نفسي في شارع السلط فجأة .... الإشارات الضوئية مطفأة، الدكاكين التي شاهدتها على مدى النظر كانت مغلقة، وكان ثم مستطيلات عرضية بيضاء، تبدو ملصقة بشكل عشوائي على جميع الأبواب.
قطعت الإشارة الضوية المطفأة بلا أدنى خوف، فلم يكن ثم سيارات متحركة اطلاقا في كلا الاتجاهين، ولم يكن ثم مشاة...حتى الحمام الذي كان يصير اسرابا في فضاء المديمة بشكل دائم اختفى، لا عصافير، لا ذباب، لا روائح ايضا.
في رواية للشاعر الروائي ابراهيم نصر الله قرأتها قبل عقود تحدث فيها عن نزوله الى البلد ذات مرة، فاكتشف ان جميع السكان اختفوا تماما، هل أحلم. ام أنى اعيش داخل رواية صديقي ابراهيم. ام ان نبوءته قد تحققت؟؟. لم أستطع الإجابة رغم وخز الأسئلة.
تذكرت قصة مترجمة قرأتها قبل قرون تتحدث عن عائلة فرنسية خلال الحرب العالمية أجبروا على استضافة جندي الماني خلال الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، وكيف ابتدعوا وسيلة لمحاربته عن طريق الصمت المطبق. حيث كانوا ينفذون اوامره، لكن لا أحد يتكلم معه على الإطلاق...في النهاية اصيب الجندي بالجنون.
عندما اقتربت من اول دكان سمعت صوتا في الداخل فاقتربت من الباب وقرأت على الورقة الملصقة على الباب:( الدكان مغلق بسبب وفاة صاحب المحل محمد علي عليان) اصغيت الى الصوت الخارج من داخل الدكان.
انتقلت الى الدكان المجاور قرأت اللافتة: (المحل مغلق وفاة شقيق صاحب المحل المرحوم عبد الله علي عليان)، كان الراديو مفتوحا فأصغيت.
تنقلت بسرعة بين الدكاكين وانا اقرأ اللافتات المكتوبة بخطوط مختلفة ومتباينة (قلت في نفسي، إذا مات الجميع، فمن كتبها إذا على بابين متجاورين لأب وابنه قرات على باب الأب انه يغلق المحل لأن ابنه صاحب الدكان الثاني قد توفي، وقرأت على باب الأبن بأنه اغلق المحل لأن أباه قد توفي).
وصلت الى مقري الدائم وسط البلد (كشك الثقافة العربية) الذي يملكه صديقي حسن ابو علي. كان الكشك مغلقا، وصوت الراديو ينطلق منه، مع أنى اعرف ان حسن ابو علي لم يكن يمتلك جهاز راديو أصلا. بلهفة وخوف قرأت المكتوب على الورقة: (الكشك مغلق بسبب وفاة صديق صاحب الكشك يوسف غيشان).
أصابتني قشعريرة.
هل انا ميت ...تحسست نفسي ...لا انا حي ... هل ماتوا جميعا؟؟؟ هل متنا جميعا؟؟
إذا متنا جميعا فلمن تبتكر الحكومة البرلمان.... ليمثل من؟
من ينتخب من......ما دمنا موتى جميعا؟
الحكومة أصلا...تحكم من؟
عظم الله أجرنا
لم أصح فلم أكن احلم. الدستور
بدأت أذنيّ تستشعر صمتا مبهما، فأدركت أنى لم اشاهد أحدا منذ بدأت بالانحدار صوب قاع المدينة، لم أسمع صوتا، لا مواء قطة ولا طنين دبور ولا صوت ارتطام قطرات الماء المتساقطة من البلكونات الى قسوة الإسمنت.... حتى خطواتي لم اسمعها.
وجدت نفسي في شارع السلط فجأة .... الإشارات الضوئية مطفأة، الدكاكين التي شاهدتها على مدى النظر كانت مغلقة، وكان ثم مستطيلات عرضية بيضاء، تبدو ملصقة بشكل عشوائي على جميع الأبواب.
قطعت الإشارة الضوية المطفأة بلا أدنى خوف، فلم يكن ثم سيارات متحركة اطلاقا في كلا الاتجاهين، ولم يكن ثم مشاة...حتى الحمام الذي كان يصير اسرابا في فضاء المديمة بشكل دائم اختفى، لا عصافير، لا ذباب، لا روائح ايضا.
في رواية للشاعر الروائي ابراهيم نصر الله قرأتها قبل عقود تحدث فيها عن نزوله الى البلد ذات مرة، فاكتشف ان جميع السكان اختفوا تماما، هل أحلم. ام أنى اعيش داخل رواية صديقي ابراهيم. ام ان نبوءته قد تحققت؟؟. لم أستطع الإجابة رغم وخز الأسئلة.
تذكرت قصة مترجمة قرأتها قبل قرون تتحدث عن عائلة فرنسية خلال الحرب العالمية أجبروا على استضافة جندي الماني خلال الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، وكيف ابتدعوا وسيلة لمحاربته عن طريق الصمت المطبق. حيث كانوا ينفذون اوامره، لكن لا أحد يتكلم معه على الإطلاق...في النهاية اصيب الجندي بالجنون.
عندما اقتربت من اول دكان سمعت صوتا في الداخل فاقتربت من الباب وقرأت على الورقة الملصقة على الباب:( الدكان مغلق بسبب وفاة صاحب المحل محمد علي عليان) اصغيت الى الصوت الخارج من داخل الدكان.
انتقلت الى الدكان المجاور قرأت اللافتة: (المحل مغلق وفاة شقيق صاحب المحل المرحوم عبد الله علي عليان)، كان الراديو مفتوحا فأصغيت.
تنقلت بسرعة بين الدكاكين وانا اقرأ اللافتات المكتوبة بخطوط مختلفة ومتباينة (قلت في نفسي، إذا مات الجميع، فمن كتبها إذا على بابين متجاورين لأب وابنه قرات على باب الأب انه يغلق المحل لأن ابنه صاحب الدكان الثاني قد توفي، وقرأت على باب الأبن بأنه اغلق المحل لأن أباه قد توفي).
وصلت الى مقري الدائم وسط البلد (كشك الثقافة العربية) الذي يملكه صديقي حسن ابو علي. كان الكشك مغلقا، وصوت الراديو ينطلق منه، مع أنى اعرف ان حسن ابو علي لم يكن يمتلك جهاز راديو أصلا. بلهفة وخوف قرأت المكتوب على الورقة: (الكشك مغلق بسبب وفاة صديق صاحب الكشك يوسف غيشان).
أصابتني قشعريرة.
هل انا ميت ...تحسست نفسي ...لا انا حي ... هل ماتوا جميعا؟؟؟ هل متنا جميعا؟؟
إذا متنا جميعا فلمن تبتكر الحكومة البرلمان.... ليمثل من؟
من ينتخب من......ما دمنا موتى جميعا؟
الحكومة أصلا...تحكم من؟
عظم الله أجرنا
لم أصح فلم أكن احلم. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/08 الساعة 01:17