الذكرى السابعة والأربعون لوفاة الملك طلال بن عبدالله
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/07 الساعة 10:57
مدار الساعة - يصادف اليوم الأحد، الذكرى السابعة والأربعون لوفاة جلالة المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله طيب الله ثراه، ففي السابع من تموز من عام 1972 رحل جلالته بعد أن سجل إنجازات نوعية من أبرزها الدستور الأردني وتطوير الحياة السياسية في الأردن.
ومنذ أن اعتلى جلالة الملك الراحل العرش في السادس من أيلول عام 1951 بعد استشهاد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد الله بن الحسين، طيب الله ثراه، على عتبات المسجد الأقصى وهو يتطلع إلى ترسيخ وتجذير نهج ومبادئ الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه من أجل وحدة العرب وحريتهم واستقلالهم والحياة الفضلى لهم في مسيرة الدولة الأردنية.
لقد اهتم جلالته الذي كان تلقى علومه العسكرية بكلية ساند هيرست بإجراء الاصلاحات الدستورية التي تعزز دعائم المجتمع القائم على الحرية السياسية والاقتصادية والمسؤولة أمام القانون ومن أبرزها الدستور الأردني الذي صدر في الثامن من كانون الثاني عام 1952 الذي كفل للشعب الأردني حقوقه ويعتبر من أحدث الدساتير في العالم واكثرها ديمقراطية وشورى وانفتاحا.
وقد تضمن الدستور المضامين الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك حق كل مواطن في العمل والتعليم والرفاه الاجتماعي، كما انه جعل الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب الذي أصبح يملك سلطة منح الثقة أو حجبها عن اية حكومة بموجب احكام المادة 54 من الدستور الأمر الذي رفع من مستوى الحياة البرلمانية في المملكة إلى المرتبة التي تليق بها أسوة بالدول الديمقراطية الاخرى، وتضمن الدستور كذلك بنودا مفصلة لضمان حقوق المواطن وحرياته الاساسية وبنودا اخرى لحماية العمال وشروط عملهم وفق دساتير العالم المتطورة.
ويعد هذا الدستور اول دستور وحدوي عربي، حيث نص على اعلان ارتباط الأردن عضويا بالأمة العربية وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى.. ملبيا لآمال وتطلعات الشعب الأردني كونه جاء منسجما مع التطورات الهامة التي كان يشهدها الأردن خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950 وتنامي الشعور الوطني والوعي القومي في كل ارجاء الوطن العربي.
وجلالة المغفور له الذي وقف مجاهدا في صفوف المقاتلين من الجيش العربي دفاعا عن فلسطين بذل جهودا متميزة لتوثيق عرى التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الامة والوطن العربي الكبير الذي كان خرج لتوه من نكبة فلسطين عام 1948.
وفي عهد جلالته اتخذ الأردن قرارا يقضي بجعل التعليم إلزاميا ومجانيا حيث يعتبر هذا القرار الاول من نوعه في الأردن والوطن العربي وكان له الاثر الكبير في النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد فيما بعد، كما صدر في عهد جلالته قانون خط السكة الحديدية وذلك في شهر اذار عام 1952 الذي ينص على اعتبار هذا الخط وقفا اسلاميا.
وقد نشا جلالة المغفور له الملك طلال في كنف والده المغفور له الملك عبدالله بن الحسين وكنف جده شريف مكة الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى التي أعلنت الثورة على الظلم والطغيان والجهاد في سبيل العروبة واستقلال الاوطان.
وكان جلالته يتصف باللطف والتهذيب ودماثة الخلق لا يهاود في الراي ولا تأخذه في الحق لومة لائم، كما كان له في سمو اخلاق والده وعلو همته وعظيم مبادئه أكبر نصيب في الحياة حيث غدا شابا نبيلا يحمل قلبا كبيرا يختزن الكثير من العواطف ويتحسس امال شعبه وتطلعاته فبادله شعبه حبا بحب ووفاء بوفاء.
وجلالته رحمه الله كان محبا للحياة العسكرية متأثرا بالروح العسكرية لوالده الذي كان أحد قادة ثورة العرب الأحرار حيث كان جلالته أول ضابط أردني يتخرج من كلية ساند هيرست العسكرية في بريطانيا وبعد تخرجه من هذه الكلية عام 1929 رافق جده الحسين بن علي الذي كان منفيا في قبرص بعد أن تصدى للمشاريع الاستعمارية التي استهدفت تقسيم البلاد العربية.
والتحق جلالة المغفور له الملك طلال الذي كان يعشق الجندية بالجيش العربي الأردني ووصل إلى رتبة مقدم عام 1934 وفي عام 1942 التحق بكتيبة المشاة الثانية كتيبة الحسين الثانية التي عرفت بتاريخها البطولي والمعارك التي خاضتها في القدس وفلسطين فيما بعد.
وقد ساهم جلالته في تدريبها كما بذل جهدا كبيرا في تطوير لواء السيارات المسلحة الذي تالف من الكتائب الاولى والثانية والثالثة كما شارك في غالبية المناورات والتمارين العسكرية التي قامت بها وحدات اللواء.
وشارك جلالة المغفور له في الحرب العربية الاسرائيلية وخاض مع الجيش العربي الأردني معارك بطولية ضد الاحتلال الاسرائيلي، وكان لوجود جلالته بين الجنود وحضهم على القتال والصمود في وجه العدو الاثر الكبير في إلهاب مشاعر الحماس واذكاء روح التضحية والفداء لديهم مما مكنهم من تحقيق العديد من الانتصارات وانقاذ القدس والضفة الغربية.
ومن المعارك التي اشترك بها جلالته معركة (غيشر) عند جسر المجامع حيث كان جلالته اول من حضر الى ميدان المعركة وجاهد فيها جهاد الابطال من اجل فلسطين التي عمل بكل جوارحه وقلبه وسلاحه لخدمة قضيتها مما زاد من محبة الجيش العربي الأردني واعجابه بجلالته وببسالته وبشجاعته.
ولقد انتقل جلالته الى القدس ومنها الى رام الله حيث اتخذ موقعا اماميا بين جنود المدفعية وبقي هناك حتى الهدنة الاولى، وشارك جلالته وقبيل الهدنة الثانية في معارك مرتفعات النبي صموئيل والرادار وبيت سوريك وبيت اكسا حيث كان يتنقل بين موقع واخر تحت القصف الشديد.
وكان لاشتراك جلالته بالقتال الاثر الكبير على وحدات الجيش العربي الأردني التي حاربت في القدس واستبسلت في القتال وصد الهجمات المعادية فأنقذت الضفة الغربية بما فيها القدس وليس ادل على ذلك من الهجوم الذي قامت به كتيبة المشاة الثانية للسيطرة على المزيد من الاهداف والمواقع داخل مدينة القدس من منطقة الشيخ جراح الى منطقة باب العامود والوصول الى تلة الرادار والتقدم والقتال الذي جرى قرب المستعمرات الاسرائيلية.
ورغم قصر عهده الا ان جلالة المغفور له الملك طلال بن عبد الله طيب الله ثراه بقي يتواصل مع ابناء شعبه يتحسس آلامهم وامالهم وقدم لوطنه الكثير واسهم في التأسيس لكثير من الانجازات على طريق البناء والتقدم نحو المستقبل المشرق والمستقبل الواعد.
والأسرة الأردنية الواحدة اذ تحيي ذكرى وفاة جلالة المغفور له الملك طلال بن عبد الله، بقلوب مفعمة بالإيمان، لتستذكر مسيرة الإنجاز الهاشمي التي تعلو مع كل راية هاشمية وتفخر بوطن التميز والتقدم في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني الذي يواصل مسيرة الانجاز وبناء الدولة الأردنية العصرية التي تواكب المستجدات وتنفذ الخطط والبرامج الإصلاحية والتنموية الشاملة لجعل الأردن أردن الرخاء والرفاه والمستقبل.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/07 الساعة 10:57