الأجور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/06 الساعة 02:31
المعادلة الاقتصادية الجديدة ترمي الكثيرين خارج حدود الحياة الكريمة. هي صورة ليست مجازية ولا مستبعدة عن واقع رقمي عن الفقر والبطالة والتنمية المفقودة، وما يعتلي الى السطح من أصوات شعبية احتجاجية، وانفجار اجتماعي يطارد بسرعة الصاروخ السياسة الاقتصادية.
المعادلة تتجاوز القرارات الضاغطة على مستوى عيش الاغلبية والسواد الاعظم من الأردنيين. فالمعادلة نتاج لنظام اقتصادي -اجتماعي يقوم على انحياز الى قطاع خاص ثري وقوي ومسيطر، وسياسات اقتصادية منحازة الى الخاص على العام والشعب، وما يوازي من ضرائب وارباح وامتيازات واستغلال للسلطة ونهب للمال العام،و ثقب في خزينة الدولة.
والمقصود في هذا الكلام ليس القطاع الخاص : المسؤول والمنتج، والفاعل في الاقتصاد الوطني، وهم قلة قليلة. إنما اقتصاديات خاصة طفيلية تعتاش على أزمات الدولة، وثقوب الترهل في البيروقراط، وتسريبات الرشى والتهريب والتزوير، واستغلال منافذ السلطة، وتكوين محميات خلفية.
عصب الدولة السياسي ادارتها. وفي ظل كل المعادلات لابد من إدارة سياسية تفكر بالاجتماعي قبل الرقمي في قضايا الاردنيين. ولا تحولهم الى أرقام مجردة، والمجموع البشري الى تحصيل رقمي، وحتى التحول الرقمي في المعادلة الاقتصادية الجديدة ثبت فشله لحتى الان، فلو عدنا الى مجموع المراجعات المالية العامة فالاقتصاد الاردني مصاب بأزمة خانقة والايراد العام بانخفاض، والضرائب في تراجع، وقس على ذلك.
لماذا الحديث عن الأجر الاجتماعي ؟ وما يسمى أيضا الراتب والدخل الشهري الذي يتقاضاه العامل والموظف شهريا، وهو يحسب في كل بلاد العام من وجهة نظر اجتماعية واقتصادية، ولكن في بلادنا الحسبة اقتصادية بحتة، وآخر مراجعة لمعدل الاجور كانت قبل حوالي عشرة أعوام.
الأجر في الاول والاخير من الواجب إنسانيا أن يلبي متطلبات العيش الاساسية، الأكل والشرب والكساء، والسكن والنقل والتعليم والعلاج والثقافة ومتطلبات أولية للعيش الكريم، وتأمينها يعني أنك مواطن وانسان، وبغض النظر عن العرض والطلب تأمينها لازم وضروري، وهي المعايير الوحيدة لنجاعة اي فكر وسياسة اقتصادية.
الأجر في الاردن وتحديدا في القطاع العام ما زال جارٍ حسابه وفقا لمعادلات اقتصادية واجتماعية قديمة، عندما كانت الدولة توفر تعليما وعلاجا مجانيا، وعندما كانت خدمات الدولة ذات جودة ومستوى مقبول، سواء في التعليم والصحة والنقل، وعندما كانت تنكة البنزين 8 دنانير، وكليو الخبز عشرين قرشا.
نعم، لربما أن شرائج اجتماعية مغطاة بالخدمات الحكومية من تعليم وصحة ونقل، ولكن السؤال ما مدى جودتها ؟ الاردنيون محرومون من ابسط وأول الحقوق المعيشية «السكن»، ونذكر مبادرة «سكن كريم» التي نهشها الفساد، وتم اغتيالها، ولو أنها استفاقت لحلت مشكلة اجتماعية واقتصادية لشرائح واسعة من الاردنيين موظفي القطاع الحكومي ومتوسطي الدخل.
في خدمة النقل العام الدولة تحاول اليوم، وتعلن عن مشاريع للنقل العام، وبلا شك أن الاردن بأشد الحاجة الى منظومة نقل عام داخل عمان وخارجها، تسهم في حل أزمة المواصلات وفاتورة المحروقات، وتضمين الراتب اجتماعيا من الانفاق العالي على فاتورة النقل، وغيرها من تفاصيل تنموية ذات مرمى بعيد في تحقيق فرص العدالة في توزيع الخدمات والتنمية.
أجور الأردنيين تحتاج الى مراجعة ودراسات اجتماعية واقتصادية لمعالجة آثار التضخم الساحق وارتفاع الاسعار السلع والخدمات الاساسية والاولية، ولابد من اعادة التعريف الاجتماعي للأجر الشهري. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/06 الساعة 02:31