حياة جابر.. فراشة مهرجان «رم» تحلق في فضاءات النجومية
مدار الساعة - في الغالب، لكل منا، نقطة تحول في مسار حياته، تظهر فجأة، وتبقى مستمرة.. وهذا بالفعل ما حدث للفنانة والنجمة الصاعدة على سلم النجومية حياة جابر؛ الجمعة الماضية، لحظة اعتلائها خشبة المسرح للمرة الأولى، مسجلة بذلك تجربة فريدة، تبعث في نفوس المهتمين الغبطة والمحبة.
البراءة، العنفوان، العاطفة، الشقاوة، وميعة الصبا..، تجمعت كلها في الفنانة حياة جابر، كما تتجمع المياه، لتكون الملاذ أيام العطش، عبر أدائها المتميز في العمل المسرحي "بحر ورمال" للمخرج عبد السلام قبيلات، وعن نص للكاتب ياسر قبيلات.
تحققت أولى الأحلام والرؤى؛ عند الفنانة جابر لحظة إعلان الهيئة العربية للمسرح فوزها بأفضل ممثلة مساعدة في مهرجان رم المسرحي الذي اختتمت فعالياته أخيراً، "فهي استحقت بجدارة الجائزة؛ وهو سبب الإجماع على اعطائها اياها"، حسبما يقول قبيلات.
لم يشغل حياة جابر؛ التي تحمل البكالوريوس في العلوم السياسية، وتعمل في مؤسسة عبد الحميد شومان، عن حلمها الفني الذي لازمها مبكراً، منذ الطفولة، لتحلق، بكل إصرار وعزيمة، في فضاءات مسرح الشمس، متتبعة خيوط النجومية رغم ضعف الإمكانات المسرحية في المملكة.
"انهيت المرحلة الجامعية، ولم يغادرني شغف التمثيل. قدمت ليّ نصوصً مسرحية لم تكن تحتمل أن أفجر فيها طاقتي التي احتضنتها طويلاً، إلى أن فتح لي مسرح الشمس أبوابه بإدارة المخرج عبد السلام قبيلات، الذي آمن منذ اللحظة الأولى بموهبتي"، تقول جابر.
في "بحر ورمال" أدت المتألقة جابر دور الفتاة الشابة، المحبة للحياة والمرح، غير مكترثة بالأسئلة الصعبة التي يحملها الكبار، ومنفصلة عن الجو الكئيب الذي يسيطر على جو السفينة.
ترى جابر أن مخرج "بحر ورمال" خصص جهداً خاصاً، وكثيراً من وقته، وفق أسلوبه الخاص، خلال الاعداد للمسرحية؛ من أجل التعريف بطبيعتها وسلوكها وعلاقتها بالآخرين والأحداث الدائرة خلالها.
وبحسبها، معروفٌ أن المدرسة السوفيتية اهتمت بإعداد الممثل على وجه الخصوص، وأن أي ممثل، أهم عنصر من عناصر العرض المسرحي، يحتاج للتأهيل والاعداد المسبق، وهو ما وجدته في "بحر ورمال".
وتابعت "هذا الخاصية، ساعدتني لأن أفهم دور الفتاة (الشخصية)، حتى وجدت نفسيّ انتقل سريعا من مرحلة فهم الشخصية وتفهم سلوكها؛ لإتقانها والتعامل بسلاسة ومرونة".
الفنانة جابر لم تنس طلب عبد السلام قبيلات بـ"توظيف ما يناسب شخصيتها لخدمة الشخصية المسرحية، وتطوير طبيعتها لكي يتناسب مع علاقات الشخصيات المساندة"، فتقول في هذا السياق "في البداية كنت اشعر نفسي جامدة، وغير حرّة في الاداء، لكن مع التدريبات المتواصلة والمتعبة شعرت تدريجياً بالتحرر من الجمود، وأصبح أدائي حراً وينسجم مع الشخصية بتلقائية".
لكن "أن تحجز مكانا بين الكبار"، وتبقى ملتصقاً بأحلامك، يبدو الأمر صعباً للنظرة الأولى، لكن عند الفنانة حياة الأمر مختلف تماماً، وهي رغم شعورها بالمسؤولية في حضرة المبدع الفنان رشيد ملحس، إلا أن "أداء رشيد المحترف حفزني على أن أقوم بدوريّ بحرية أكثر، بل وزادني حماسة"، وفقاً لجابر.
ولاحظت جابر أن أجواء العمل في "بحر ومال" ابتعدت في كثير من جوانبها عن الخوف والتوتر، وكانت أقرب إلى العمل كفريق متعاون، في ظرف واقعي تماماً، لكي يناسب الأجواء العبثية في المسرحية.
وحسب قبيلات، تجاوزت حياة ما قدمته في البروفات وقامت بأداء دورها على خشبة المسرح بثقة تامة وبانسجام مع الشخصية بل وقدمت تفاصيل جديدة تخص الشخصية فرأيناها بكل وضوح ولمحناها حتى في المشاهد الصغيرة وصدقناها وتعاطفنا معها، وهذا هو المطلوب.
ويعتبر قبيلات أن حصول الممثل على جائزة أفضل ممثل أو ممثلة هو مصدر اعتزاز بالنسبة للمخرج، وحصول حياة جابر على الجائزة اثار فرحي واعتزازي، وهي استحقت الجائزة بجدارة.
وباعتقاد قبيلات، فإن المسرح الأردني، ومسرح الشمس خصوصاً، كسب حياة كممثلة مبدعة جديدة للمسرح، مؤكداً أن جابر أصبحت جزءا من فريق مسرح الشمس، وأنها ستعمل على تلوين المسرح بألوان زاهية جديدة.