القضية الفلسطينية في الخطاب السياسي العربي
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/01 الساعة 12:08
لا يخلو أي بيان او تصريح صحفي للسياسيين العرب يتناول المشكلات الدولية، من ذكر أو تركيز على أهمية وخطورة الوضع في ما يسمى بالشرق الأوسط وبخاصة ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية، وأن السلام في هذه المنطقة لن يتحقق الا بتوافر شرطين أساسيين هما: الانسحاب الأسرائيلي الشامل من جميع الأراضي العربية المحتلة في 5 حزيران عام 1967م ، ثم أعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه.
بطبيعة الحال نحن مع هذا من حيث المبدأ، غير أن عبارة الحقوق المشروعة والتركيز عليها في كل البيانات والمؤتمرات ملفتة للنظر، وتدعو المراقب لأن يتساءل عن المقصود بالضبط عن معنى هذه العبارة ؟ فعبارة الأنسحاب الشامل والكامل من الأراضي المحتلة واضحة في أذهاننا، اذ أن المناطق الجغرافية المحتلة معروفة الحدود، وأن الانسحاب الذي نفهمه يعني عودة كامل التراب الفلسطيني المحتل. أما عبارة الحقوق المشروعة فهي غامضة وتفسر تفسيرات شتى من قبل كل طرف حسب فهمه للقضية ، وحسب مفهومه للسلام العادل.
ان هذه العبارة "الحقوق المشروعة" تحمل معنى ضمنيا ومسكوتا عنه بقصد، وهوعدم أحقية الفلسطينيين بكامل تراب وطنهم المحتل . أي أن هناك حقوقا مشروعة وأخرى غير مشروعة. فاذا كان المقصود بالحقوق المشروعة هو عودة الاراضي المحتلة عام 1967م فقط ، فهذا يعني ضمنيا التخلي عن الأراضي التي أحتلتها اسرائيل عام 1948م ، وأن الوجود الصهيوني الأستيطاني في هذه الأراضي مشروع ومعترف به ولامناقشة في أحقيته وشرعيته، وأن السكان الأصليين الذين تم تهجيرهم والأستيلاء على بيوتهم وأراضيهم لاحق لهم في العودة اليها ، وأن مصيرهم هو التوطين في الأقطار التي هاجروا اليها ويقيمون فيها . ان كل الدلائل والمؤشرات تدل على أن المطالب المستمرة من قبل دول العالم بما فيها للأسف الدول العربية، وحتى هيئة الامم المتحدة ، تصب في هذا الأتجاه. أي أن احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين عام 1948م ، وإقامته دولة على هذه الأرض لخليط من الأجناس والأعراق بادعاء أنهم يهود ، وأنهم يعودون الى وطنهم الذي وعدهم الله به على حد زعمهم ، وتهجير سكانها منها هو أمر مفروغ منه وغير قابل للنقاش ، لأن المطالبة به تعني تدمير الكيان السياسي الصهيوني، وهذا ما لا ترضاه أو تقبل به الدول الكبرى وفي المقدمة أمريكا والغرب عموما الداعمة لهذا الكيان الغاصب، لأنها هي التي دعمت قيامه لأهداف تخدم في الدرجة الأساس مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة.
ان الصراع مع الكيان الصهيوني ليس صراع حدود وأنما هو صراع وجود . فلو كان احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين قبل وبعد حزيران احتلالا مؤقتا كما هو الحال أيام الأستعمار، أو كما يحدث في الحروب بين الدول، لكانت المشكلة سهلة الحل من خلال المفاوضات ، وترتيب عمليات السلام ، وانهاء حالة العداء بين الأطراف المتحاربة ، وعندها سترحل القوات الغازية وتعود الأراضي لأصحابها الشرعيين . ولكن الأمر مع هذا الكيان الغاصب مختلف تماما ، لأنه احتلال استيطاني احلالي يدّعي أحقيته بهذه البلاد، مستندا الى مزاعم تاريخية وأساطير دينية توراتية، ومن هنا فأن الحل الحقيقي لهذه القضية لن يكون الا من خلال المقاومة الشعبية الشرسة ، التي تجعل من استمرار وجود هذا الاحتلال أمرا غالي الثمن بالنسبة للمستوطنين، وعبئا ثقيلا لا يحتمل من قبل الدول الأستعمارية الداعمة له ، اذ سيصبح وجود الكيان الصهيوني مكلفا لها ، وأن الفوائد التي يمكن أن تجنيها او تحققها تلك الدول من دعمها لهذا الكيان ، لاتساوي التكاليف التي تنفقها على دعمه، ومثال ذلك الدعم الامريكي للحكم العميل لها في فيتنام الجنوبية في ستينيات القرن الماضي ، والذي انتهى الى فشل ذريع نتيجة أولا للمقاومة الأسطورية للفيتناميين المدعومين من قبل أشقائهم في فيتنام الشمالية بقيادة الزعيم التاريخي هوشي منه ، وثانيا عندما أدركت الولايات المتحدة أن التكاليف الباهظة بشريا وماديا التي دفعتها في فيتنام دعما للحكم العميل لها في سايغون لم يعد مقبولا ، لأن خسائرها المادية والبشرية تفوق العوائد والفوائد التي كانت ترجوها من خلال هذا الدعم.
هناك مشاريع حلول كثيرة طرحت وتطرح لحل هذه القضية ، لكنها كانت ومازالت تراوح مكانها . ويبدو أن الحل ضمن موازين القوى الموجودة حاليا لن يكون عادلا ، ومن هنا الرفض المستمرله من قبل الفلسطينين بخاصة والعرب بعامة . ولهذا ستبقى المشكلة قائمة ، فلا الأسرائيليون قادرين على اقتلاع الفلسطينين الباقين على أرضهم أو طمس هويتهم أو المراهنة على نسيان الأجيال الجديدة لوطنهم ، ولا العرب في ظل الواقع المتردي الذي يعيشونه قادرين على القضاء على هذا الكيان "بالقائهم في البحر وأبادتهم " كما كان ينادي المعلق السياسي في صوت العرب احمد سعيد بشعاره الشهير (تجوّع ياسمك ) لأن هذه الدعوى عاطفية وخيالية وتعتبر في عالم اليوم نوعا من النزعات النازية والفاشية الجديدة التي سادت أيام صعود النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا قبيل الحرب العالمية الثانية. ان العلاقة التي تحكم الصراع الفلسطيني الأسرائيلي هي علاقة أضداد تشبه العلاقة التي تحكم ثلاثية الديالكتيك(الجدل) الهيغلي ومن بعده الماركسي المتمثلة في القضية أو الأطروحة والطباق أو النقيض والتركيب . واذا ما طبقنا هذه الثلاثية على الصراع الفلسطيني الأسرائبلي ، فأنه يمكننا القول أن الوجود الصهيوني يمثل القضية او الأطروحة ، والوجود الفلسطيني يمثل النفي أو الطباق لهذا الوجود الصهيوني ، وحاصل صراع هذين الضدين سيكون وفق قانون نفي النفي تركيبا جديدا ينفي بعض صفات كل منهما ، ويحفظ أو يبقي على صفات او خصائص مشتركة ما بين الطرفين . ومن هنا يمكن أن يكون الحل المطروح لهذه القضية الأشكالية والأكثر واقعية وعملية ويلغي الصفة الصهيونية عن هذا الكيان ، ويلغي في نفس الوقت دعوى تدمير الكيان الصهيوني وأفنائه ، هوأقامة دولة ديمقرطية واحدة ثنائية القومية ، يتعايش فيها جميع السكان كمواطنين متساوي الحقوق والواجبات ، مع حل عملي لقضية اللاجئين وأعادتهم لبيوتهم ، أو التعويض عليهم ، وبغير ذلك ستبقى هذه القضية سببا لكل الصراعات والأزمات والحروب في هذه المنطقة الحساسة من العالم . ان هذا الحل سيكون على المدى البعيد لصالح الفلسطينيين الذين تزداد نسب مواليدهم بوتائر عالية ، مما يجعلهم مستقبلا أكثرية السكان ، وهذا معناه سياسيا في الدولة الديمقراطية أنه سيحوز على الأغلبية البرلمانية والتي يكون بيدها مقاليد الأمور ...فهل يمكن أن يكون هذا هو الحل الأمثل وهل يقبل به الكيان الصهيوني ؟! الأجابة وفق الظروف الراهنة هي بالتاكيد "لا" ، لكنه قد يكون الحل الوحيد الواقعي والعملي ، وكبديل لاستمرار الصراع وتكاليفه الباهضة ،وانسداد الأفق أمام رهانات الكيان الصهيوني على حسم المعركة النهائية لصالحه . ان حق الفلسطينين في وطنهم ليس فيه مشروع وغير مشروع ، وأنما هو حق تام وكامل وغير منقوص . وهذا على العكس من الأدعاءآت الصهيونية بأحقيتها في فلسطين كوطن قومي لها وحدها ، مستندة على أسس تاريخية ودينية لو تم القبول بها وبشرعيتها لتغيرت خريطة العالم ، ولأصبح من حق كل شعب أن يطالب بالعودة للأراضي التي سكنها ، أو أقام عليها كيانا سياسيا قبل آلاف السنين ولكان من حقنا كعرب بأن نطالب بأجلاء الأسبان عن الأندلس وأن نعود اليها لأقامة دولة لنا هناك كما كان الحال أيام الخلافة الأموية فيها! . مازالت القضية الفلسطينية تسير من سيء الى أسوأ رغم معاهدة السلام، وأقامة الحكم الذاتي المنقوص ، ورغم التنازلات الكبيرة والخطيرة من قبل المنظمة باعترافها باسرائيل ، وأستعداد كثير من الدول العربية وفق مبادرة السلام العربية بأقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني في حال انسحبت من الأراضي المحتلة عام 1967م ، شريطة أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ان الأصرار العربي والفلسطيني على عدم التنازل عن القدس بالذات يعني ضمنيا الأستعداد للتنازل عن أية أراض اخرى ماعدا القدس لكونها ذات خصوصية دينية ناسين أو متناسين أن المسجد الأقصى وما حوله (أكناف بيت المقدس ) كلها مقدسة بنص القرآن الكريم (الذي باركنا حوله) ولذلك فجميع أراضي فلسطين تعتبر مقدسة وفق الذكر الحكيم ولايجوز التفريق بينها من حيث القدسية أوالتفريط بأية ذرة من ثراها الطهور. لقد جرت خلال المسيرة التاريخية لهذه القضية تنازلات عربية وفلسطينية كبيرة ، اذ بعد أن كان الشعار المركزي للعرب وللمقاومة الفلسطينية هو تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر ،أصبح الهدف الان هو أقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة . ورغم هذه التنازلات الخطيرة ، فأن الكيان الصهيوني يرفض اقامة دولة مستقلة في الضفة والقطاع، ويطرح حلولا مرفوضة عربيا وفلسطينيا ، مثل الخيار الأردني كوطن بديل للفلسطينين، أو حكما ذاتيا يشمل غزة وأجزاء من الضفة على أن تبقى القدس موحدة وعاصمة للكيان الصهيوني، وأن يقيم الفلسطينيون لهم ما يشبه العاصمة في منطقة أبوديس شريطة أن تكون الضفة والقطاع مناطق منزوعة السلاح، وأن تتولى المنظمة الأمن الداخلي فيهما ، في حين يتولى الجيش الاسرائيلي السيطرة على الحدود مع الدول العربية المجاورة.
ان الواقع العربي الحالي وما يعانيه من صراعات وتفكك ، والواقع الفلسطيني وما يعانيه من انقسامات حادة، أصبحا مهيئين لفرض الحلول الظالمة، ومنها ما ينتظره الجميع لما يسمى بصفقة أو صفعة العصر ، التي يعدّها الرئيس الامريكي ترامب ، والتي لا نعرف عن مضامينها شيئا ، ولكنها على ما يبدو لن تصب الا في صالح الكيان الصهيوني، وبخاصة بعد اعترافه بالقدس موحّدة حسب القانون الأسرائيلي كعاصمة لأسرائيل ونقل سفارته اليها . فموازين القوى الحالية مختلة في ظل مانشهده من واقع عربي في أسوأ حالاته نتيجة لما يدور فيه من حروب وصراعات ، تؤججها التدخلات الدولية والأقليمية تحت عناوين خادعة ، كأشاعة الحريات والديمقراطية ومحاربة الأرهاب، في حين أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو تفكيك دول المنطقة على أسس دينية، وطائفية وأثنية ، خدمة لمصالح القوى العظمى ، وحماية لأمن الكيان الصهيوني الغاصب ، وهذا سيؤدي الى تكريس الأوضاع السائدة حاليا مالم يطرأ تغيير أو تبديل في الواقع العربي والفاسطيني ، لأن الحقوق في عالم اليوم لاتتحقق الا اذا كانت معززة بقوة تحميها وتدعمها ، فالحقوق تؤخذ ولا تعطى ، أو كما قال شوقي : وما نيل المطالب بالتمني ..ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ، وما عدا ذلك سيبقى كلاما لاطائل من ورائه تلوكه ألسنة السياسين في اللقاءآت الثنائة أوفي الأجتماعات التي تعقد في المحافل الدولية.
هناك مشاريع حلول كثيرة طرحت وتطرح لحل هذه القضية ، لكنها كانت ومازالت تراوح مكانها . ويبدو أن الحل ضمن موازين القوى الموجودة حاليا لن يكون عادلا ، ومن هنا الرفض المستمرله من قبل الفلسطينين بخاصة والعرب بعامة . ولهذا ستبقى المشكلة قائمة ، فلا الأسرائيليون قادرين على اقتلاع الفلسطينين الباقين على أرضهم أو طمس هويتهم أو المراهنة على نسيان الأجيال الجديدة لوطنهم ، ولا العرب في ظل الواقع المتردي الذي يعيشونه قادرين على القضاء على هذا الكيان "بالقائهم في البحر وأبادتهم " كما كان ينادي المعلق السياسي في صوت العرب احمد سعيد بشعاره الشهير (تجوّع ياسمك ) لأن هذه الدعوى عاطفية وخيالية وتعتبر في عالم اليوم نوعا من النزعات النازية والفاشية الجديدة التي سادت أيام صعود النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا قبيل الحرب العالمية الثانية. ان العلاقة التي تحكم الصراع الفلسطيني الأسرائيلي هي علاقة أضداد تشبه العلاقة التي تحكم ثلاثية الديالكتيك(الجدل) الهيغلي ومن بعده الماركسي المتمثلة في القضية أو الأطروحة والطباق أو النقيض والتركيب . واذا ما طبقنا هذه الثلاثية على الصراع الفلسطيني الأسرائبلي ، فأنه يمكننا القول أن الوجود الصهيوني يمثل القضية او الأطروحة ، والوجود الفلسطيني يمثل النفي أو الطباق لهذا الوجود الصهيوني ، وحاصل صراع هذين الضدين سيكون وفق قانون نفي النفي تركيبا جديدا ينفي بعض صفات كل منهما ، ويحفظ أو يبقي على صفات او خصائص مشتركة ما بين الطرفين . ومن هنا يمكن أن يكون الحل المطروح لهذه القضية الأشكالية والأكثر واقعية وعملية ويلغي الصفة الصهيونية عن هذا الكيان ، ويلغي في نفس الوقت دعوى تدمير الكيان الصهيوني وأفنائه ، هوأقامة دولة ديمقرطية واحدة ثنائية القومية ، يتعايش فيها جميع السكان كمواطنين متساوي الحقوق والواجبات ، مع حل عملي لقضية اللاجئين وأعادتهم لبيوتهم ، أو التعويض عليهم ، وبغير ذلك ستبقى هذه القضية سببا لكل الصراعات والأزمات والحروب في هذه المنطقة الحساسة من العالم . ان هذا الحل سيكون على المدى البعيد لصالح الفلسطينيين الذين تزداد نسب مواليدهم بوتائر عالية ، مما يجعلهم مستقبلا أكثرية السكان ، وهذا معناه سياسيا في الدولة الديمقراطية أنه سيحوز على الأغلبية البرلمانية والتي يكون بيدها مقاليد الأمور ...فهل يمكن أن يكون هذا هو الحل الأمثل وهل يقبل به الكيان الصهيوني ؟! الأجابة وفق الظروف الراهنة هي بالتاكيد "لا" ، لكنه قد يكون الحل الوحيد الواقعي والعملي ، وكبديل لاستمرار الصراع وتكاليفه الباهضة ،وانسداد الأفق أمام رهانات الكيان الصهيوني على حسم المعركة النهائية لصالحه . ان حق الفلسطينين في وطنهم ليس فيه مشروع وغير مشروع ، وأنما هو حق تام وكامل وغير منقوص . وهذا على العكس من الأدعاءآت الصهيونية بأحقيتها في فلسطين كوطن قومي لها وحدها ، مستندة على أسس تاريخية ودينية لو تم القبول بها وبشرعيتها لتغيرت خريطة العالم ، ولأصبح من حق كل شعب أن يطالب بالعودة للأراضي التي سكنها ، أو أقام عليها كيانا سياسيا قبل آلاف السنين ولكان من حقنا كعرب بأن نطالب بأجلاء الأسبان عن الأندلس وأن نعود اليها لأقامة دولة لنا هناك كما كان الحال أيام الخلافة الأموية فيها! . مازالت القضية الفلسطينية تسير من سيء الى أسوأ رغم معاهدة السلام، وأقامة الحكم الذاتي المنقوص ، ورغم التنازلات الكبيرة والخطيرة من قبل المنظمة باعترافها باسرائيل ، وأستعداد كثير من الدول العربية وفق مبادرة السلام العربية بأقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني في حال انسحبت من الأراضي المحتلة عام 1967م ، شريطة أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ان الأصرار العربي والفلسطيني على عدم التنازل عن القدس بالذات يعني ضمنيا الأستعداد للتنازل عن أية أراض اخرى ماعدا القدس لكونها ذات خصوصية دينية ناسين أو متناسين أن المسجد الأقصى وما حوله (أكناف بيت المقدس ) كلها مقدسة بنص القرآن الكريم (الذي باركنا حوله) ولذلك فجميع أراضي فلسطين تعتبر مقدسة وفق الذكر الحكيم ولايجوز التفريق بينها من حيث القدسية أوالتفريط بأية ذرة من ثراها الطهور. لقد جرت خلال المسيرة التاريخية لهذه القضية تنازلات عربية وفلسطينية كبيرة ، اذ بعد أن كان الشعار المركزي للعرب وللمقاومة الفلسطينية هو تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر ،أصبح الهدف الان هو أقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة . ورغم هذه التنازلات الخطيرة ، فأن الكيان الصهيوني يرفض اقامة دولة مستقلة في الضفة والقطاع، ويطرح حلولا مرفوضة عربيا وفلسطينيا ، مثل الخيار الأردني كوطن بديل للفلسطينين، أو حكما ذاتيا يشمل غزة وأجزاء من الضفة على أن تبقى القدس موحدة وعاصمة للكيان الصهيوني، وأن يقيم الفلسطينيون لهم ما يشبه العاصمة في منطقة أبوديس شريطة أن تكون الضفة والقطاع مناطق منزوعة السلاح، وأن تتولى المنظمة الأمن الداخلي فيهما ، في حين يتولى الجيش الاسرائيلي السيطرة على الحدود مع الدول العربية المجاورة.
ان الواقع العربي الحالي وما يعانيه من صراعات وتفكك ، والواقع الفلسطيني وما يعانيه من انقسامات حادة، أصبحا مهيئين لفرض الحلول الظالمة، ومنها ما ينتظره الجميع لما يسمى بصفقة أو صفعة العصر ، التي يعدّها الرئيس الامريكي ترامب ، والتي لا نعرف عن مضامينها شيئا ، ولكنها على ما يبدو لن تصب الا في صالح الكيان الصهيوني، وبخاصة بعد اعترافه بالقدس موحّدة حسب القانون الأسرائيلي كعاصمة لأسرائيل ونقل سفارته اليها . فموازين القوى الحالية مختلة في ظل مانشهده من واقع عربي في أسوأ حالاته نتيجة لما يدور فيه من حروب وصراعات ، تؤججها التدخلات الدولية والأقليمية تحت عناوين خادعة ، كأشاعة الحريات والديمقراطية ومحاربة الأرهاب، في حين أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو تفكيك دول المنطقة على أسس دينية، وطائفية وأثنية ، خدمة لمصالح القوى العظمى ، وحماية لأمن الكيان الصهيوني الغاصب ، وهذا سيؤدي الى تكريس الأوضاع السائدة حاليا مالم يطرأ تغيير أو تبديل في الواقع العربي والفاسطيني ، لأن الحقوق في عالم اليوم لاتتحقق الا اذا كانت معززة بقوة تحميها وتدعمها ، فالحقوق تؤخذ ولا تعطى ، أو كما قال شوقي : وما نيل المطالب بالتمني ..ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ، وما عدا ذلك سيبقى كلاما لاطائل من ورائه تلوكه ألسنة السياسين في اللقاءآت الثنائة أوفي الأجتماعات التي تعقد في المحافل الدولية.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/07/01 الساعة 12:08