نمو إيجابي لكن ليس كافيا!
نشرت دائرة الإحصاءات العامة جدولا مفصلا للقطاعات التي قادت نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول بأسعار السوق الثابتة وأظهرت النتائج نمواً بلغت نسبته 2.0% خلال الربع الأول من عام 2019 مقارنة بالربع الأول من عام 2018، حيث بلغ معدل النمو للربع الاول من عام 2018 ما نسبته 1.9%.
أهمية الجدول أنه يعطي صورة لمستوى الإنجاز الاقتصادي خلال الربع الأول وتدل أرقام الإحصاءات على أن جميع قطاعات الاقتصاد الوطني حققت نموأً إيجابياً باستثناء الإنشاءات الذي تراجع نموها بنسبة 0.01%.
هذا لا يعني أن النمو في باقي القطاعات كان مثمرا بل على العكس كان بطيئا ولم يرتق إلى مستوى الطموحات، مع أنه قريب من توقعات الحكومة وصندوق النقد الدولي بعد أكثر من تعديل.
التعديلات المتلاحقة على توقعات النمو تعني أن حالة عدم اليقين مستمرة لكن بالرغم من أن الاقتصاد يحقق نموأً حقيقياً بمعدل 2% فهذا مقبول في ظل الظروف الصعبة الإقليمية والدولية فهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
نعم هناك عوامل محلية لم تستغل، وثمة قرارات لم تتخذ لتحريك النمو خصوصا في القطاعات القيادية وأبرزها الإنشاءات، بينما لم يظهر بعد أثر آخر القرارات الحكومية المتعلقة بالعقار، وهناك المزيد الذي يجب أن يتخذ في هذا القطاع الحيوي.
النمو المتحقق غير كاف لتحسين مستوى المعيشة بمقياس وحصة الفرد من الدخل ومن القوة الشرائية، ولن يكون له أثر يذكر في تخفيض معدل البطالة الذي ما زال يتراوح حول 18%، وما زاد الطين بلة هو موجة اللجوء السوري الكثيف وتكاليفه وضغوطه.
النتائج تؤكد حالة الإستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي لكنه أخذ أكثر مما يستحق من الاهتمام وقد آن الآوان للانتقال الى محفزات النمو بانتظار قرارات جريئة في هذا الخصوص بحيث من غير المقبول استمرار الوضع الراهن.
ربما تكون هذه النقطة هي موضع الخلاف بين الحكومة والصندوق، فالأولى تريد الانتقال الى عتبة النمو لتعزيز الإيرادات وهي مصرة على أن لا ضرائب خلال العامين المقبلين بينما يشدد الثاني على أن لا مناص من الحلول المالية، ويشكك في جدوى جلب إيرادات عبر مكافحة التهرب الضريبي ونظام الفوترة.
آن الأوان لتجاوز الاستقرار والجمود إلى الانطلاق لتحقيق نمو اقتصادي ، يسهم في تخفيض عجز الموازنة ويضبط الدين العام ويرفع الإيرادات المحلية، هذا ما قصد أن يقوله وزير التخطيط الدكتور محمد العسعس في تصريحه الأخير الذي التقط على عجل وافتعل حوله جدل.
الرأي