الجبور تكتب: اللامركزية عودة الأردن إلى عصر الحكومات المحلية ما قبل تأسيس الإمارة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/29 الساعة 17:02
/>مدار الساعة – كتبت : د. آمال جبور - تساؤلات عدة تدور في الأذهان حول مشروع القانون الذي يعرف باسم" اللامركزية " الذي وضعت خطوطه العريضة عام 2011 في حكومة معروف البخيت.
ان مفهوم اللامركزية، هو تفويض الإدارة المركزية للسلطات المحلية بعيدا عن مركز صنع القرار.
فيما تطرحه الحكومة على أنه تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار على المستوى المحلي.
ان كلمة اللامركزية دخلت حيز الاستخدام عام 1820، وليست لها قيمة ادارية فقط، بل لها بعد مدني، لأنها تزيد من الفرص المتاحة للمواطنين للاهتمام بالشؤون العامة.
ومنذ ذلك الوقت والعديد من الكتاب والمفكرين والسياسيين والصحافيين ، يتداولون هذا المفهوم كل حسب وجهة نظره واهتمامه، وأهمية تطبيق هذا المشروع في مجتمعة ودولته.
وفي تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 1999، بدأ عدد كبير من بلدان الدول النامية في شكل من أشكال برامج اللامركزية ، الذي يقارب باهتمام متزايد دور المجتمع المدني والقطاع الخاص كشركاء للحكومات في البحث عن طرق جديدة لإشراك المواطنين في صنع القرار وتقديم الخدمات لهم.
وفي الأردن فإن الدافع وراء إطلاق مشروع اللامركزية، هو رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، التي تؤكد أهمية توسيع مشاركة المواطنين في صنع القرار، وتنفيذه في كل محافظات المملكة.
وقبل طرح مشروع اللامركزية الإدارية الحالي، الذي لا يزال متعثرا، شهد الأردن في مطلع الألفية سيناريوهات مختلفة حول اللامركزية، تتخطى الفكرة الإدارية إلى أشكال برلمانية وحكومية.
فقبل عقدين تقريبا ، طرحت الحكومة ما عرف بمشروع الأقاليم، وكان يتضمن تصورات أولية لتقسيم الأردن إلى مناطق أو أقاليم متعددة، تبدأ باللامركزية، وتنتهي باستحداث برلمانات محلية في كل إقليم، ثم حكومات محلية منبثقة عنها، وهو ما يعيد الأذهان إلى الوضع الذي كانت عليه الأردن قبل تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1920
فمن المعروف أن الأردن قبل التأسيس كان جزءا من سوريا الطبيعية، وكان الامير فيصل ملكا على سوريا التي كانت تشمل ( الأردن، وفلسطين، ولبنان، وسوريا الحالية)
ولكن بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا ، ومغادرة الملك فيصل إلى العراق، وضعت بريطانيا يدها على فلسطين، فيما وضعت فرنسا سيطرتها على لبنان وسوريا، وظل الأردن آنذاك دون سلطة عمليا، مما حدا المندوب السامي البريطاني هربت صموئيل في 12أيلول،1920 إلى ترتيب لقاءات مع عشائر الأردن المختلفة وتشكيل حكومات محلية فيها.
وخلص إجتماع المندوب السامي إلى تشكيل ثلاث حكومات وهي ( الكرك، السلط، واربد)، وكان السبب في تعدد الحكومات المحلية هو صعوبة المواصلات في تلك الفترة، بالإضافة الى كثرة الخصومات بين القبائل آنذاك.
وبذلك ، فهناك فرق كبير بين الحكومات المحلية قبل تأسيس الإمارة، ومشروع المجالس المحلية التي قد تطرح قريبا باسم اللامركزية ، فالأولى سابقة للإمارة ومبررة كبداية لتأسيس الدولة، أما مشروع اللامركزية الحالي ،فمن شأنه تقويض الشكل الحالي للأردن بعد عقود من استقراره كمملكة مستقلة بمؤسساتها.
فلماذا هذه التقسيمات الآن، في بلد مساحته صغيرة ولا يحتاج إلى حكومات هنا او هناك ، ويكفيها حكومة واحدة في العاصمة عمان. الأسئلة التي تثيرها "اللامركزية" لكل عقل واعي عديدة منها:
هل يترافق مشروع اللامركزية في المحافظات مع الشكل الجديد لسيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة هيكلة الأردن بما يتلاءم الخريطة القادمة بين الأردن وفلسطين؟
ام يترافق مع الاستراتيجيات الأمريكية والصهيونية لتفريغ دول المنطقة من قراراتها السيادية ، وتحويلها إلى ما يشبه البلديات الكبرى؟
ام هي بداية حكومات برلمانية محلية في المحافظات، تمهد لبرلمان فيدرالي ، وحكومة فيدرالية ، وشرطة فيدرالية بين الاردن وفلسطين....الخ ؟
وما هو شكل هويتنا ومستقبلنا القادم ايتها : " اللامركزية الإدارية" ؟
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/29 الساعة 17:02