توظيف الشباب كحل للبطالة!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/27 الساعة 04:42
د. محمد حسين المومني في محاولة للسيطرة على أرقام البطالة المستمرة بالصعود، صدر قرار بإحالة من أتم الثلاثين عاما من العمل للتقاعد، وتخيير من أتم خمسة وعشرين عاما في الخدمة للتقاعد، والأعداد المقدرة للفئتين بالآلاف. الهدف المعلن هو فتح الفرص أمام الشباب وتوظيفهم بدلا من الذين سيتم إحالتهم للتقاعد، وبالتالي تخفيف نسب البطالة المرتفعة. للقرار إيجابيتان وثلاث سلبيات. الإيجابية الأولى المؤملة تكمن في انخفاض أرقام البطالة، والتي يتوقع أن تأتي بنسبة ضئيلة لأن العاطلين عن العمل أكثر بمئات الآلاف من المتوقع توظيفهم. نسبة الانخفاض في البطالة كما يقدرها خبراء جزء من الواحد بالمائة، ومع ذلك فهي تمثل انخفاضا. أما الإيجابية الثانية فهي المساواة والعدالة في إحالات التقاعد، وهو أمر لطالما شكل مرارة عند المتقاعدين الذين استمر مثلاؤهم في الخدمة العامة. وضع معيار سنوات الخدمة للإحالات على التقاعد يحقق العدالة رغم أنه يساوي بين الخبرات والقدرات المتباينة. يشبه هذا القرار ذلك المطبق منذ سنوات حول الإحالات على عمر الستين عاما بدل التباين السابق بين المتقاعدين حتى سن الخامسة والستين باستثناءات من مجلس الوزراء. سلبيات القرار تكمن أولا في أنه لن يفيد المالية العامة بل سيزيد فاتورة التقاعد ويبقي على نفس نسبة فاتورة الرواتب إذا ما تم تنفيذ وعد توظيف الشباب. هذا سيزيد عجز الموازنة وبالتالي الدين، وهي مؤشرات السيطرة عليها هدف أساسي من أهداف برامج الإصلاح الاقتصادي. أي وزير مالية سوف يدعم التقاعدات لأنها تخفف من أعباء موازنته، لكن الحال هنا مختلفة لأن التقاعدات جاءت بهدف استبدالها بالتوظيف. أما السلبية الثانية فترتبط بفئة الأردنيين المتقاعدة والتي خدمت لفترة طويلة من الزمن؛ هذه الفئة الكريمة عادة ما تكون أمام التزامات معيشية وأسرية كبيرة، وأي إخلال في دخلها يؤثر عليها بشكل كبير ويولد لديها إحباطا، لاسيما وأن فرصها في إيجاد عمل بهذا العمر تكاد تكون منعدمة. أما السلبية الثالثة والأهم فتكمن في العودة عن سياسة التشغيل واستبدالها بالتوظيف الذي طالما شكل خللا إداريا وماليا في الأردن. القطاع العام الأردني من الاضخم على مستوى العالم ولا يتناسب مع قدرات الأردن وموارده المالية، وهذا التضخم من أوضح مؤشرات الريعية التي لا قبل لنا بها. المسار العام منذ سنوات عديدة يحاول السيطرة على القطاع العام وتخفيض حجمه لما لذلك من أثر مباشر على عجز الموازنة المزمن وخفض الدين العام. التشغيل وليس الوظيفة هو الحل المطلوب والهدف المراد تحقيقه، ولهذا أتى كل هذا التركيز على الريادة بين الشباب ومغادرة عقلية الوظيفة التي قد لا تأتي أبدا وفي حال تأتت فهي ليست إلا حد الكفاف الذي لا يجب أن يكون سقف طموحات شبابنا. الريادة والدخول بتفاصيلها وتكريسها نهجا شبابيا أردنيا هي الطريق لمعالجة البطالة، وليس التوظيف الذي يفترض أننا غادرناه! الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/27 الساعة 04:42