الأردنية ’هناء‘ والسورية ’بشرى‘.. ’تطبيق‘ يعبر حاجز السياسة
مدار الساعة - حين فرت من لهيب الحرب المستعرة في سوريا، قبل سنوات، كانت "بشرى" تعلم أن للجوء لوعةٌ لا يعرفها إلا من ذاق مرارتها.
لكن الشابة العشرينية التي استقر بها الحال مع عائلتها في الأردن، منذ 2013، أرادت أن تنير ظلمة اللجوء بمشروع تقاسمت فكرته مع "هناء" الأردنية، وهو "تطبيق" إلكتروني يفتح باب النجاح أمام أصحاب المشاريع الجديدة.
في "جمعية تحفيز للريادة والتطوير" بمحافظة إربد شمالي الأردن، كانت الصدفة هي السبيل بين بشرى وهناء نحو فكرة مشروع "العمل الريادي"، ليثبتا أن الطموح لا حدود له، وأن الخلاف السياسي بين الجارتين لا مكان له في قاموس الإبداع البشري.
جفاء سياسي يخيم على العلاقات بين بلديهما، طال أمده، في ظل اختلاف واضح في وجهات النظر، زاد عمقه رغم خطوات يراها البعض إيجابية، لكنها راوحت مكانها ولم تقشع غمامة الاتهامات التي وجهتها سوريا للمملكة.
الشابتان هناء جمال (23 عاماً) وبشرى ثنيان (21 عاماً) فعلتا بمشروعهما الوليد ما لم تفعله السياسة، فقد نحيتا خلافات الدول بعيداً عن طريق النجاح، واضعتان جل اهتماماتهما حول كيفية المضي قدماً نحو طريق مستقبل زاهر، لمشروع أسمينه "ساعد".
تقول الشابتان للأناضول: كثير من الشباب يعملون على إنشاء مشاريعهم الخاصة، لكنهم لا ينجحون بها ويتكبدون الخسائر، ومن هنا جاءتنا الفكرة.
وأضافتا: المشروع عبارة عن برنامج خاص يساعد أصحاب المشاريع الناشئة على عملية التنظيم الإداري التي تسبق إطلاقها، من خلال دراسة الجدوى الاقتصادية وعملية التنظيم الإداري وما إلى ذلك.
كما يعمل البرنامج على التخطيط الإستراتيجي للمشاريع الناشئة والموارد البشرية وكيفية إدراتها، وتشكيل فرق العمل بالطريقة الصحيحة والمناسبة، وتحليل المشروع من خلال نقاط الضعف والقوة الفرص والتحديات ومحاولة إعطاء نبذة عن السوق المحلي المطروح فيه المشروع.
تبين هناء "أكملت دراستي الجامعية قبل نحو عام بتخصص المحاسبة والمالية، وقد تفوقت بدراستي وكنت من أوائل دفعتي الجامعية".
وتضيف "حصلت على دورة في ريادة الأعمال عند أستاذ جامعي متخصص بهذا الشأن؛ لأضيف خبرة أتمكن من خلالها بإنجاح المشروع".
وأوضحت "المشروع لا يلتفت إلى محتوى وطبيعة المشروع لأي شخص، ويكمن عمله في تنظيم العملية الإدارية".
أما بشرى، والتي لم يحالفها الحظ في إكمال دراستها الجامعية نظراً لظروف اللجوء التي تعيشها، رغم تفوقها في الثانوية العامة، فتقول إن "المشروع المشترك مع صديقتي هناء، أتاح لي الفرصة بأن أمارس مهاراتي الحاسوبية على أكمل وجه".
وزادت "أعيش مع والداي وإخواني في الأردن منذ عام 2013، وقد أتاح لي المشروع القيام بما لم أستطع فعله في بلدي".
وأردفت "الشباب بمختلف جنسياتهم لديهم أفكار تحتاج لترجمتها على أرض الواقع، ومن هنا كان لا بد أن ننطلق في مشروعنا؛ لنثبت أنه لا شيء مستحيل ما دام الإصرار على النجاح موجود".
من جهته، أكد أحمد فؤاد مدير جمعية تحفيز للريادة والتطوير، للأناضول "نحمد الله أننا استطعنا أن نجمع هناء وبشرى هنا في فكرة رائعة، فقد هيئنا لهما الظروف الملائمة للقيام بأعمال تصميم وتطوير البرنامج".
وتابع "جمعيتنا تعمل مع منظمات دولية مختلفة تعنى بريادة الأعمال، وقد فتحنا مختبرات الحاسوب أمام هناء وبشرى؛ ليقمن بالعمل ليلاً ونهاراً على إنجاح المشروع".
"هناء" و"بشرى" قصة نجاح لا تتوقف، فقد أثبتتا، من خلال المشروع، أن لا شيء مستحيل، وأن الشباب يستطيعون القيام بمشاريعهم الخاصة مهما كانت الظروف، فبالعزيمة والإصرا يتحقق المستحيل.
وتشهد علاقات الأردن والنظام السوري عودة "خجولة"، بعد سنوات من الجفاء السياسي، وجهت دمشق خلالها اتهامات لعمان بدعمها للإرهاب على أراضيها.
عودة تراوح مكانها، تزامنت مع إعادة فتح المعبر الحدودي جابر- نصيب بين البلدين، منتصف أكتوبر/تشرين أول الماضي.
ورفع الأردن تمثيله الدبلوماسي مع النظام في سوريا إلى درجة قائم بالإعمال بالإنابة كخطوة تثبت حسن نواياه، قابلها النظام السوري بإرسال رئيس برلمانه حموده صباغ للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي في مارس (أذار) الماضي.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن العلاقات بعودتها التدريجية ذات المظاهر السطحية، تشير أن كلا البلدين يتعاملان بحذر فيما بينهما، ويبدو ذلك واضحاً من خلال خلو علاقاتهما من زيارات رسمية.
عمان المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحليفها الأمريكي، يبدو من خطواتها المدروسة أنها غير منفتحة على علاقات واسعة مع نظام الأسد، باعتباره مجهول المصير والمستقبل، وخطواتها المنطلقة من ذلك تؤكد بأنها غير متحمسة لعودة كاملة.
الاناضول