فوترة وهوبرة في ثقافة الضريبة..
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/26 الساعة 04:59
لا يمكنني اتهام نقيب المحامين بالانحياز الى غير مصلحة المهنة التي هو نقيب للعاملين فيها، لكنني أستطيع القول بأن في نقابته رفضا واضحا لموضوع الفوترة الذي أقره قانون الضريبة الجديد.. وقبل أن أعرض بعض ملاحظات المحامين المتداولة في تصريحاتهم في معرض رفضهم لهذا النظام، يجب أن أقول بأنني شخصيا من مؤيدي قانون ضريبة دخل، يقتطع من أصحاب المال ضريبة منطقية للدولة، وهو مطلب سبقني في الحديث عنه كثيرون، فدعونا نقر أولا بأننا بحاجة لإرساء ثقافة الضريبة المنبثقة من قانونها الجديد..
نحن بحاجة أن نعرف ما لنا وما علينا تجاه هذا الكيان القانوني الذي يضمنا ويقدم لنا خدمة عامة، فثمة بيننا أصحاب أموال وأعمال يكسبون حقا، بل إن بعضهم وهم فئة قليلة يتركز معها المال، لكنها لا تدفع للدولة شيئا، بل إنها تحتكر الدولة ومواطنيها وتستثمر فيهم بعيدا عن المساهمة المنطقية في رفد هذا الكيان، الذي يعتبر «ملعبهم الاستثماري والربحي»، والحديث هنا عن المال في القطاع الخاص.. فالفكرة الرئيسية متعلقة بعدالة المعادلة في التفاعل بين الناس والدولة.
أما في موضوع الفوترة الذي يحظى برفض كبير من قبل المحامين، ففيه وجهة نظر جديرة بأن نسمعها:
يقول المحامون بأن فكرة التعامل مع المحامي كتاجر فكرة مرفوضة، وفيها غبن لركن مهم من أركان حرس العدالة، فرجال العدالة تاريخيا لم يكونوا ليتقاضوا مالا لقاء قيامهم بواجبهم الأخلاقي والانساني في حراسة العدالة وتحقيقها بين الناس، لكن بعد أن أقرت الانسانية كلها أن يكون هناك تصنيف وتخصصات وأن المحاماة مهنة كغيرها، فقد أصبحنا نتعامل مع تحقيق العدالة للمتظلمين باعتبارها مهنة ولها مهنيوها وهم المحامون، لكن هذا لا يعني حسب المحامين بأنهم تخلوا عن واجبهم ودورهم كحراس للعدالة ليصبحوا تجارا تعاملهم الدولة على هذا الأساس.
يقول نقيب المحامين في إحدى مقابلاته الاعلامية بأن هناك فرقا كبيرا بين المحامين الذين يتحدث القانون عن «فوترة» أعمالهم وإجراءاتهم، فثمة نسبة كبيرة جدا منهم لا يعملون بالمهنة، وهم موظفون في شركات ومؤسسات خاصة وحكومية وشبه حكومية، فالقانون وموضوع الفوترة لم يميز بينهم.
كما أن ثمة بين المحامين من لا يعمل «عمليا»، ليس لديه مكتب وقلّما يترافع في قضايا أمام المحاكم، وهناك من يفعل ذلك بلا مقابل أو يفعله لقاء مال زهيد، وقد أقسم المحامي قسمه بنأي نفسه عن موضوع الخصومات بين الناس الا إن توكل بالدفاع عنهم، وأقسم كل محام بأن يحفظ أسرار موكليه، فلا يمكنه أن يتنازل عن هذ الموقف الأخلاقي ويقدم بيانات عن موكليه بمثل هذه الطريقة الفاضحة.
القانون فرض عقوبات يسميها المحامون بأنها «قضايا قذرة»، كأن يتهرب محام ورجل قانون وعدالة من دفع الحق للدولة أو لأية جهة أخرى، وهذا ما يظهر في موضوع العقوبات على المحامي الذي قد «ينسى» أن يذكر تفصيلا بسيطا في قضية توكل بها وترافع أمام المحاكم، مثلا بعض العقوبات سجن 15 سنة !!
كيف يتسنى لمحام لا يملك مكتبا، ولا يعمل فعلا في المهنة لكنه عضو في نقابتها.. كيف يمكنه أن يواكب نظام الفوترة النشط الذي يتطلب من أي محام أن يسجل في نفس اليوم معلومات مالية عن قضاياه؟ ..النظام أصلا لا يلزمه، ولا مكتب لديه فإن تأخر حتى نهاية العام الضريبي فهو متهم بعدم تقديم اقراره الضريبي حسب نظام الفوترة الخاص بالمحامين..
القضايا والآراء حول الموضوع كثيرة وبعضها يحتاج الى أن نفكر فيها ثانية وعاشرة.. فليس قليلا أن تتنامى الثقافة الضريبية بشكل يعاني سوء تغذية، إن كان المطلوب تنظيم المجتمع وتنظيم علاقته مع جهة تقدم له خدمة وتستحق أن تأخذ مقابلها ثمنا رمزيا من المستفيد.
فلنتحدث عن هذه الثقافة بلا هوبرة وسلق، لأننا بحاجتها كاملة سليمة غير مشوهة ولا ممسوخة، فهي واحدة من سمات المجتمع المتحضر المنظم. الدستور
نحن بحاجة أن نعرف ما لنا وما علينا تجاه هذا الكيان القانوني الذي يضمنا ويقدم لنا خدمة عامة، فثمة بيننا أصحاب أموال وأعمال يكسبون حقا، بل إن بعضهم وهم فئة قليلة يتركز معها المال، لكنها لا تدفع للدولة شيئا، بل إنها تحتكر الدولة ومواطنيها وتستثمر فيهم بعيدا عن المساهمة المنطقية في رفد هذا الكيان، الذي يعتبر «ملعبهم الاستثماري والربحي»، والحديث هنا عن المال في القطاع الخاص.. فالفكرة الرئيسية متعلقة بعدالة المعادلة في التفاعل بين الناس والدولة.
أما في موضوع الفوترة الذي يحظى برفض كبير من قبل المحامين، ففيه وجهة نظر جديرة بأن نسمعها:
يقول المحامون بأن فكرة التعامل مع المحامي كتاجر فكرة مرفوضة، وفيها غبن لركن مهم من أركان حرس العدالة، فرجال العدالة تاريخيا لم يكونوا ليتقاضوا مالا لقاء قيامهم بواجبهم الأخلاقي والانساني في حراسة العدالة وتحقيقها بين الناس، لكن بعد أن أقرت الانسانية كلها أن يكون هناك تصنيف وتخصصات وأن المحاماة مهنة كغيرها، فقد أصبحنا نتعامل مع تحقيق العدالة للمتظلمين باعتبارها مهنة ولها مهنيوها وهم المحامون، لكن هذا لا يعني حسب المحامين بأنهم تخلوا عن واجبهم ودورهم كحراس للعدالة ليصبحوا تجارا تعاملهم الدولة على هذا الأساس.
يقول نقيب المحامين في إحدى مقابلاته الاعلامية بأن هناك فرقا كبيرا بين المحامين الذين يتحدث القانون عن «فوترة» أعمالهم وإجراءاتهم، فثمة نسبة كبيرة جدا منهم لا يعملون بالمهنة، وهم موظفون في شركات ومؤسسات خاصة وحكومية وشبه حكومية، فالقانون وموضوع الفوترة لم يميز بينهم.
كما أن ثمة بين المحامين من لا يعمل «عمليا»، ليس لديه مكتب وقلّما يترافع في قضايا أمام المحاكم، وهناك من يفعل ذلك بلا مقابل أو يفعله لقاء مال زهيد، وقد أقسم المحامي قسمه بنأي نفسه عن موضوع الخصومات بين الناس الا إن توكل بالدفاع عنهم، وأقسم كل محام بأن يحفظ أسرار موكليه، فلا يمكنه أن يتنازل عن هذ الموقف الأخلاقي ويقدم بيانات عن موكليه بمثل هذه الطريقة الفاضحة.
القانون فرض عقوبات يسميها المحامون بأنها «قضايا قذرة»، كأن يتهرب محام ورجل قانون وعدالة من دفع الحق للدولة أو لأية جهة أخرى، وهذا ما يظهر في موضوع العقوبات على المحامي الذي قد «ينسى» أن يذكر تفصيلا بسيطا في قضية توكل بها وترافع أمام المحاكم، مثلا بعض العقوبات سجن 15 سنة !!
كيف يتسنى لمحام لا يملك مكتبا، ولا يعمل فعلا في المهنة لكنه عضو في نقابتها.. كيف يمكنه أن يواكب نظام الفوترة النشط الذي يتطلب من أي محام أن يسجل في نفس اليوم معلومات مالية عن قضاياه؟ ..النظام أصلا لا يلزمه، ولا مكتب لديه فإن تأخر حتى نهاية العام الضريبي فهو متهم بعدم تقديم اقراره الضريبي حسب نظام الفوترة الخاص بالمحامين..
القضايا والآراء حول الموضوع كثيرة وبعضها يحتاج الى أن نفكر فيها ثانية وعاشرة.. فليس قليلا أن تتنامى الثقافة الضريبية بشكل يعاني سوء تغذية، إن كان المطلوب تنظيم المجتمع وتنظيم علاقته مع جهة تقدم له خدمة وتستحق أن تأخذ مقابلها ثمنا رمزيا من المستفيد.
فلنتحدث عن هذه الثقافة بلا هوبرة وسلق، لأننا بحاجتها كاملة سليمة غير مشوهة ولا ممسوخة، فهي واحدة من سمات المجتمع المتحضر المنظم. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/26 الساعة 04:59