الدويري تكتب.. صفقة القرن خلطة إعلامية، وهل الفلسطينيون مستعدون لبيع فلسطين !

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/25 الساعة 13:47

بقلم نور الدويري
في الحقيقة لا وجود سياسيا لما يسمى بصفقة القرن، فلم تعلن الحكومة الأمريكية عما يسمى بصفقة القرن بشكل رسمي ، لكنه أسم أُطلق إعلاميا على التحضير لحل الدولتين والإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل .

لنتعمق أكثر في لب مواصفات ملف القضية الفلسطينية، وما يسمى بصفقة القرن إعلاميا ، من يتابع بهدوء للأحداث يرى أن ملف الوطن البديل ، و حل الدولتين مطروح منذ وطئ قدم أول اسرائيلي لأراضي فلسطين العربية ، مشروع كاد أن يرى النور عند إتحاد الضفتين سابقا ، لكن تمادي المقاومة باستغلال فتح الأراضي الأردنية نقطة مقاومة وسلطة فلسطينية بديلة، أدت لوقوع خلاف داخلي مسلح فيما بعد ، إنتهى بضبط شعائر المقاومة ، و إبقائها خارج الأراضي الأردنية، والتي كانت تطمح للانقلاب ، و إتخاذ الأردن وطنا بديلا ، ليكون نقطة مقاومة قوية ، و أجزم أن نواياهم كانت حسنة لسبب واحد ، تمثل أن غيرتهم على الوطن الأم فلسطين كانت تتحكم بعقليتهم السياسية في حينه ، مما دفعهم لفعل كل شيء و أي شيء، لإثارة غضب إسرائيل و إخراجهم من أراضيهم ، لكن هذا التمدد شكل خطرا على مستقبل الدولة الأردنية والهوية الوطنية من جانب ، وعلى مستقبل ملف الوطن البديل ، و إتلاف الملف الفلسطيني من جانب آخر ، فكانت صرامة قرار المرحوم الملك حسين ممثلة بحكومة الشهيد وصفي التل ضبطا لأنفاس الثوار الطيبة ، والتي كان سيقودها الانفعال إلى تضيع حقوقهم بالمطالبة بفلسطين للابد ، فلم تكن العدة قادرة على مواجهة إسرائيل لا عسكريا ولا اقتصاديا و لا سياسيا ، خاصة مع تراجع دور الحلفاء في (سوريا و مصر و العراق) لدعم المقاومة لمئة سبب وسبب ، مما كان سيكون سببا رئيسا في إغراق المنطقة بما هو أسوأ من مشاهد اليوم بكثير .

المهم أن مشروع حل الدولتين كان مطلبا دوليا منذ إتحاد الضفتين،وحتى الآن، واليوم بات حقا تُطالب به السلطة الفلسطينيه بنفسها ، و بالطبع لا يمكن لأمريكا إجبار العالم على الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في مؤتمر المنامة المزمع عقده قريبا ، ولا في أي مؤتمر آخر ، ذلك لأن العالم أعترف بالباطن بذلك، لعدم محاولة تدخل المجتمع الدولي باستخدام دول الأعضاء حق الفيتو ، وخلقهم أزمة سياسية وحقوقية ، حول نقل السفارة الأمريكية للقدس ، و الضغط على امريكا بعدم مشروعية فتح سفارة في منطقة تصنف بالدائرة الرمادية مثلا ، أو ببساطة لأن المجتمع الدولي لم يصنف القدس عاصمة لإسرائيل بعد ، لكن الصمت الدولي كان مثل هبة نسيم النصر لإسرائيل و أمريكا .

اليوم لا يتوقع من توصيات المنامة أن تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بل ستعترف بحل الدولتين ، و فض النزاع بغزة او إقرار هدنة و وعود بتحسين أحوالها ، و بالطبع ستحصل الدول التي تصديف الفلسطينيين على تعويضات كالأردن ولبنان ومصر، لأنها دول فقيرة بالأساس، و لا تستطيع التعامل مع التمدد الديمغرافي الذي سيعني ضغطا إضافيا على البنية التحتية، و زعزعة للهوية الوطنية وقلقا داخيا جديدا، و للأسف فالأردن الخاسر الأكبر أن تم ذلك رغم أن الإشاعات تقول أن التجنيس المتوقع هو حاصل بالفعل، لما لا يقل عن ستمائة ألف فلسطيني داخل فلسطين حاملين للجواز الأردني ، ناهيك عن منح الدستور و الواقع الملموس لفسلطينوا الأردن حقوقا توازي الأردنيين الأصل تماما ، فتقلدوا أرفع المناصب من رؤساء وزراء، إلى مناصب حكومية حساسة، و مجلس أمة كان لهم نصيب جيد منه ، إذن فلن يكون الخوف منذ هذه النقطة ، بل بالضغط على البنية التحتية، التي تكاد تنفجر خصوصا مع وجود لاجئين سوريين اليوم تمكنوا من تكوين رابع أكبر تعدد سكاني في الأردن تحديدا بمخيم الزعتري ! ، و من يعتقد أن الحكومة الأردنية قد تمكنت من أخذ مساعدات هائلة على حساب اللاجئين فليراجع خطط الاستجابة السورية الأردنية المقدمة للإتحاد الأوروبي، والتي لم يتم التجاوب معها لتغطيتها بشكل كامل ، و الإشاعة الأخيرة تقول عن مشورة سرية تمت خلال اللقاءات الثنائية بين الأردن و قبرص الجارية بوقت قريب سابقا ، بأن تكون قبرص وسيطا لدعم الأردن عند الإتحاد الاوروبي ، بما يخص دفع فاتورة اللاجئين السوريين ، خاصة بعدأستغناء سوريا عن اللاجئيين السوريين ، و وصفهم من قبل عدة سوريين أنهم عبثيون و لا حاجة لسوريا إليهم ليعودوا !! ، رغم عدم الرفض السوري بعودتهم لسوريا ! ، فكيف إذن سنضمن دفع فاتورة الفلسطينيين الجدد! ؟ ، سؤال يضرب فيه الأردني ناصية عقله، كلما فكر كيف سيحتمل وطن صغير بحجم الأردن، و بموارده المحدده هذا التمدد الكاسح ، و كيف سيكون شكل هويتنا الوطنية في المستقبل القريب؟ ، لكن مع كل هذا الخوف لا تزال هناك مؤشرات والمفاوضات تشير إلى قرب تغير سياسي كبير ، يأمل المحللون منه مستقبلا مشرقا فتيا للأردن .

أما عن مصر فيحتمل أن تكون المستفيد الأقرب للخطة ، بدعم سياسي و مالي جيد ، ا و فيما يخص توزيع الأراضي العربية المتوقع، فلا أظنه ملفا قريبا سيرى النور .

وعن السعودية الطامحة لقيادة المنطقة، فلا زالت أعتقد أنها ابعد ما يكون عن تحقيق ذلك ، لعدم وجود ترحيب امريكي من طرف ، و تصاعد الأزمة مع ايران ، و ضعف ورقة تركيا اليوم ، وعن لبنان فازمتها لن تكون أقل ضررا لكنها حتما أخف .

ببساطة نختم مقالنا هذا مشيرين أن الملف الفلسطيني، في طريقه لهدنة تخشاها إسرائيل نفسها، لذا لن تقبل إسرائيل بالضغط أكثر على المنطقة، وستفضل اللعب بالمساسيه الخبيثة أو بأسلوب (التلقيم بملعقة) .

يبقى السؤال الأهم هل سيبقل الفلسطينيون قبض ثمن بيع الهوية الفلسطينة ، تحت ذريعة ما يسمى بالتعويضات ؟.

فأن تم قبول هذه التعويضات من الفلسطينيين، فأعلموا يا سادة أن القضية الفلسطينية ميتة مع سبق الإصرار والترصد، والمقاومة شهيدة الخيانة.

والله من وراء القصد .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/25 الساعة 13:47