المساعدة يكتب: وهج خطاب ولي العهد في تفعيل مبادرة لغة الضاد

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/24 الساعة 06:56
بقلم: أ.د. عدنان المساعده* خلال رعاية سمّو الأمير الحسين بن عبد الله ولي العهد الأمين حفل تخريج طلبة الدراسات العليا في جامعة اليرموك يوم الثلاثاء بتاريخ 18/3/2019 جاء خطاب سموه الشامل والمانع الجامع الذي تناول فيه محاور هامة وتوجيهات زرعت الثقة والأمل المقترن بالعمل في نفوس وعقول الشباب قادة المستقبل ليكونوا صانعي الفرص المتميزة في مجالات الحياة المتعددة تنمية وفكرا. وكما كانت كلمات سموه الجياشة بمشاعر الصدق وقمة الطموح والرؤية الثاقبة في كل محاورها، وكان أيضا مما يشد المتابع هو وهج خطاب سموه الذي يشع ألقا وعمقا حيث قوة البيان ورصانة الكلمات والمعاني الجلية الواضحة التي ارتقت سمّوا بلغة الضاد، وكانت بحق درسا متقدمّا ومتميّزا في نهج البلاغة قدمّها سمّوه بمنتهى الثقة بالنفس وهو يتحدث لأساتذة جامعة اليرموك وطلبتها وللمجتمع الاردني بلسان عربي مبين مترجما بذلك مبادرة تفعيل لغة الضاد التي اطلقها سموه في شهر ايار الماضي ليقول لنا هذه لغتنا الجميلة التي نعشق ونتذوق عمقها وبحرها الزاخر بالجواهر واللآليء التي تعكس شخصيتنا وهويتنا الثقافية.
ما أجمل وهج الخطاب في كلمات سمو ولي العهد الأمير الشاب المتحمس لحماية لغتنا العربية واعادة الهيبة والمكانة التي تستحق، فتحدث بلغة العارف والمستنير بروعة البيان وسحر الكلام وعذوبة الكلمات التي تنم عن اطلاع واسع وأدب عال في الحوار وعمق في التفكير، لتكون هذه اللغة السليمة نهجا نمارسه في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا وهي رسالة من صاحب السمو الملكي تخاطب العقول وتوجّه الأجيال ليدركوا أن من حق لغتنا علينا أن نتقنها لفظا وغاية ونهجا بأسلوب يليق بمكانتها العالية.
نعم، ان نبع مفردات الضاد لا ينضب ولا يجف لها مداد ولم ولن تهن ما دام هناك سدنة يحمون كينونتها ممارسة صحيحة وتطبيقا راقيا يعكس فكر أميرنا الشاب المحبوب وثقافته واحترامه للغة كتاب الله تعالى. ورحم الله شاعرنا حافظ ابراهيم الذي قال شعرا في لغته التي أحب مشيدا بعظمتها تارة وأنها وسعت كتاب الله لفظا وغاية كما انها بحر زاخر بالدرر الثمينة، معاتبا بني قومه هجرتهم للغتهم تارة اخرى بقوله:
وسعت كتاب الله لفطا وغاية وما ضقت عن آي به وعظات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
أيهجرني قومي –عف الله عنهم- الى لغة لم تتصل براوة
انها دعوة لنا جميعا كأكاديميين وتربويين لنحمل رسالة التربية والتعليم ولنغرس عمق هذه اللغة نمارسها بما يليق بمكانتها لتتجذر البلاغة في التعبير ورصانة الكلمات كتابة وحديثا في كافة مؤسساتنا التعليمية، سيمّا وان هناك تراجعا وضعفا في مستوى هذه اللغة التي هجرناها بهجرتنا للكتابة والقراءة الحقيقية للكتاب، فهل نبدأ من جديد بمراجعة منهاج اللغة العربية في كافة المراحل واعادة تقييم الطريقة التي تدرس بها اللغة العربية وأن يشرف على تدريسها المؤهلون والمتميزون لأن ذلك سيعيد لها عافيتها ونتخلص من كل سقم أصابها عن طريق ممارسات واخطاء نمارسها كتابة ومخاطبة دون ان ندرك الى اين نحن ذاهبون وما اقسى ذلك؟
سيدي، صاحب السمو الملكي المعظم كم كنا تواقون لسماع وهج الخطاب الرصين والكلمات التي تشع جمالا وبهاء وفكرا عميقا وثقافة شاملة ارتقت بلغتنا العربية، فهل تكون اللغة الراقية التي خاطب بها سموه اساتذة الجامعة وخريجي طلبة الدراسات العليا انموذجا يحتذى ورسالة لنا جميعا وفي جميع مؤسساتنا لتفعيل مبادرة سمو ولي العهد بالحفاظ على لغة الضاد واعطائها المكانة التي تستحق؟ وهل ستبدأ جامعاتنا ومدراسنا ومعاهدنا ودونما تسويف بتنقية لغتنا من كل الشوائب والاخطاء الفادحة التي ترتكب جهارا نهارا بحق اللغة في محاضراتنا وندواتنا ومؤتمراتنا؟ انني أعتقد كما يعتقد الكثيرون أن من يمتلك ناصية اللغة هو القادر على غرس المفهوم التعليمي والثقافي والفكري بشمولية أوقع تأثيرا لدى المتلقين والدارسين بدرجة أكثر عمقا بعيدا عن ركاكة المفهوم وسطحية التفكير وضعف المحتوى.
حفظ الله اردننا الغالي، ودام جلالة الملك المعلم والقدوة لنا في كل مجال سيدا وقائدا، وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين، ودامت النفوس الكبار التي تحمي لغتنا وتحافظ على هويتنا من عبث العابثين وجهل الجاهلين .
• استاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
• عميد كلية الصيدلة في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية سابقا
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/24 الساعة 06:56