خماش يكتب: الظلم لا دين له
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/20 الساعة 16:41
تعريف الظلم هو سلب حق فرد أو حقوق أفراد دون وجه حق أو منح فرد أو أفراد منفعة لا يستحقونها عن جدارة متجاوزين عدد كبير ممن يستحقونها أو ترجيح الباطل على الحق لإختلاف في وجهات النظر أو السياسات في دوله ما أو مجموعة دول. وهناك أمثلة كثيرة على الظلم في هذا العالم لا نستطيع أن نذكر إلا بعضها وفق ما تقتضيه الحاجة في هذا المقال. والظلم منتشر في العالم بأسره بين الأفراد في العائلة الواحدة والعشيرة الواحدة والدولة الواحدة وبين الدول. والظلم لا دِيْنَ له ولا مذهب ولا تحكمه مخافة الله ولا منطق ولا عقل ولا مبدأ ولا إنسانية ولا قانون ولا حقوق إنسان ... إلخ مما نفكر فيه من المثل والأخلاق العليا والعدل والإنصاف والمساواة وحرية الرأي وإحترام الرأي الآخر. وذلك لأن الذي يحكم العالم كما كتبنا سابقاً مثلث الرعب وهو المال والعقل والقوة والذي تستخدم عناصره الثلاثة لفرض سياسة الأمر الواقع على الضعفاء والفقراء للحصول على المصالح الخاصة لفرد أو لمجموعة من الأشخاص أو لدولة أو مجموعة من الدول.
فمن أمثلة الظلم التي عاصرناها بين أفراد الشعوب هي: أن يجبر العم بنات أخيه على الزواج من أبنائه بالقوة للحصول على الإرث مما يملكه أخيه من عقارات وأموال. ومثال آخر على الظلم أن يستغل أقارب شخص ما ليس لديه/ها إخوان أو أخوات أو أبناء أو أقارب من المقربين من الدرجة الأولى. وقد تقدم به/ها العمر وأصبح/ت مريضاً/ـةً وعاجزاً/ةً على القيام بواجبه/ها وأجبره/ها بعض الأقارب من الدرجة الثالثة أو طرف قرابة له/ها على أن يكتب/تكتب لهم كل ما يملك/تملك من عقارات وأموال بالقوة. لأنهما أصبحا لا أحد لهما غير أولئك الذين يدَّعُون أنهم أقارب لهم وأصبحا لا حول لهما ولا قوة وعاجزين عن الدفاع عن أنفسهما. ومثال آخر على الظلم أن تفرض دولة قوية سياستها على دولة أو مجموعة دول بالقوة وبالتهديد وربما تتغول الدولة القوية على كل ممتلكات تلك الدولة أو الدول ... إلخ من الأمثلة.
فيتساءل الكثير من الناس لماذا لا يأخذ الله حق المظلوم فوراً من الظالم؟! فالإجابة لكل من يخاف الله واليوم الآخر في الآية (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (النحل: 61)) وفي الآية (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (فاطر: 45)). والبعض الآخر يتساءل هل الله سبحانه وتعالى غافلاً عما يعمل الظالمون؟! فقد تمادوا كثيراً في ظلمهم!، فالإجابة في الآيات (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء، وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (إبراهيم: 42 و 43 و 45)). والظالمون في هذا العالم كُثُر ولو عاقب الله كل ظالم فوراً على ظلمه لما ترك على الأرض من دابة ولكن ألله يؤخرهم إلى أجل مسمى ويمهل ولا يهمل.
فللظالمين آجال آتيه لا يستأخرون عنها ساعة ولا يستقدمون ولا ينفعهم إذا جاء أجلهم لا مال ولا بنون ولا قوه ولا أي شيء يملكونه. ولقد ربط الله في كتابه العزيز الظالم بالكافر وقال (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين (آل عمران: 178)). وقال أيضاً (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (غافر: 77)). فعلينا بالصبر والعمل بما يرضي الله ورسوله وما النصر إلا من عند الله. اللهم لا تجعلنا من الظالمين.
* كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب، جامعة اليرموك
مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/20 الساعة 16:41