’راصد‘ يكشف: 4283 صوتًا في دائرة بدو الوسط لم يتم احتسابها
مدار الساعة- تضمن تقرير راصد لمراقبة الانتخابات البرلمانية النهائي 2016، تحليلاً لجميع مراحل العملية الانتخابية وتقديم مقترحات وتوصيات تم إعدادها بناءً على الخبرات المحلية والدولية ومخرجات المراقبة الميدانية والأطر القانونية الخاصة بعملها، ويأتي هذا التقرير التفصيلي بهدف تطوير التطبيق الديمقراطي والإصلاح السياسي في الأردن من خلال الوصول إلى درجة أعلى من التوافق بين العملية الانتخابية والمعايير الدولية المتعلقة بالنزاهة والشفافية والحرية والعدالة الانتخابية، كما يهدف التقرير إلى ترسيخ ثقافة المشاركة السياسية المدنية من خلال تقديم شامل وموضوعي ومهني لمجريات العملية الانتخابية وبالاستناد إلى نصوص المعايير الدولية بهدف إتاحة معلومات التقييم للجمهور وتشكيل حلقات الضغط لتطوير العملية الانتخابية برمتها من قبل الأفراد والمؤسسات.
وأظهر التقرير تشوهات لازمت مرحلة الحملات الانتخابية ويوم الاقتراع تمثلت في انتشار واضح لعمليات شراء الأصوات، حيث أن تلك العمليات قد مسّت نزاهة العملية الانتخابية وكان لها أثر بالغ على مخرجات العملية الانتخابية، وانتشرت عمليات شراء الأصوات طوال فترة الحملات الانتخابية بشكل عام ويوم الاقتراع بشكل خاص، وبدا جلياً عند مقارنة الإجراءات الانتخابية لعام 2016 بالمعايير الدولية الخاصة بالانتخابات أن العملية الانتخابية شابها العديد من التشوهات التي ساهمت في الحد من موائمتها مع المعايير الدولية والممارسات الدولية الفضلى للعملية الانتخابية.
وبيّن التقرير أن الهيئة مارست سلطاتها الدستورية بدرجة معقولة من الحيادية في التعامل المعلن مع الناخبين والمرشحين، كما برزت مجموعة مؤشرات تدلل على ضعف تفعيل مبادئ المحاسبة وسيادة القانون خلال فترة الحملات الانتخابية وخلال مجريات يوم الاقتراع، إذ ظهرت العديد من قضايا شراء الأصوات بصورة معلنة دون تدخل مباشر من السلطة الانتخابية حيث تم رصد 4 حالات "شراء أصوات" حسب التقرير التفصيلي للهيئة للمستقلة للانتخاب إلا أنها لم توضح الإجراءات التي تم اتباعها حيال ذلك، وسجل راصد تحفظات عديدة على الأداء الرسمي بكافة أجهزته وعلى رأسها الهيئة المستقلة للانتخاب فيما يتعلق بحماية مراكز الاقتراع بشكل عام وصناديق الاقتراع بشكل خاص وهذا ما بينته حادثة دائرة بدو الوسط وحادثة دائرة الكرك في منطقة كثربا والتي لم يكن التعامل معهم على قدر كافٍ من المسؤولية ولم يكن هناك انسجام واضح في التصريحات المتعلقة بحادثة بدو الوسط على وجه الخصوص، وانتقد التقرير عدم محاسبة المتسببين سواءً من موظفي الهيئة أو من الناخبين أو غيرهم من المسؤولين المعنيين في الحوادث الانتخابية.
ووجد التقرير فروقات في نتائج الانتخابات بعد مقارنة النتائج الواردة في محاضر الفرز الأصلية والتي تم تعليقها مع ما تم نشره على موقع الهيئة الإلكتروني حيث تبين وجود نسبة خطأ في 1.2% من محاضر الاقتراع بعد تدقيقها مما قد يؤدي إلى التأثير على نتائج المرشحين داخل القوائم، وفي هذا السياق يؤكد التقرير على حالة التحسن الملحوظ الذي شهدته عملية عدّ الأصوات وفرزها من حيث مواكبتها للمعايير الدولية حيث تم إضافة مجموعة ضمانات إجرائية جديدة ساهمت بزيادة الثقة بإدارة العملية الانتخابية من أهمها وجود أوراق الاقتراع بشكل مطبوع تتضمن صورة واسم المرشح وهذا من شأنه أن يعزز النزاهة والحرية الانتخابية وكان له أثر ملحوظ فيما يتعلق بالتقليل من نسبة الأصوات الباطلة، ومن بين هذه الإجراءات التي تابع تطبيقها فريق راصد، إلزام لجان الاقتراع والفرز بتعليق نسخة من محضر فرز الأصوات على مدخل غرف الاقتراع فور انتهائهم من الفرز إلا أن العديد من لجان الاقتراع والفرز لم يمتثلوا للتعليمات التنفيذية وامتنعوا عن تعليق محاضر الاقتراع والفرز، وشهِدت عملية تجميع الأصوات مجموعة من الممارسات مسّت نزاهة العملية بمجملها ويتمثل ذلك في استحداث مرحلة جديدة لتجميع الأصوات تمثل بالتجميع على مستوى الألوية داخل الدائرة الانتخابية نفسها، علماً بأن التعليمات التنفيذية لم تتضمن هذه المرحلة، وهو ما أثار الشكوك حول سلامة تجميع الأصوات وأحدث تأخيراً في الوقت المقدر لإخراج النتائج الأولية على مستوى الدائرة.
وأظهر التقرير وجود فروقات في أعداد الناخبين وصل مجموعها إلى 10,180 ناخباً في جميع الدوائر الانتخابية بعدما قام فريق راصد بمقارنة أعداد الناخبين التي وردت في التقرير التفصيلي الذي نشرته الهيئة مع أعداد الناخبين المنشورة على موقع الهيئة المستقلة للانتخاب، وبين التقرير أن فريق راصد وثقّ 1,465 حادثة خلال يوم الاقتراع حيث مسّت مجموعة من هذه الحوادث بنزاهة الاقتراع وتدفق الناخبين، كما رافقت عملية الاقتراع حالات من القصور الأمني أدى في بعضها لعدم حماية صناديق الاقتراع واطلاق للعيارات النارية وافتعال أحداث عنف أمام مراكز الاقتراع وتكرار التصويت.
وأشار التقرير عن وجود أخطاء فردية لا تؤشر بصورة معيارية على تزوير ممنهج من قبل الإدارة الانتخابية، ويؤكد راصد على أن التدريبات التي تلقاها العاملون في العملية الانتخابية لم تكن ذات جودة عالية ولم تصل رسالة التدريب بشكل موحد لجميع العاملين، لا سيما وأن التدريبات التي قد تم تنفيذها خلال فترة زمنية قصيرة، ويطالب راصد في هذا السياق بتطوير المنظومة التدريبية الخاصة بتأهيل لجان الاقتراع والفرز، وتعزيز آليات ضبط الجودة فيما يتعلق بإكساب اللجان المهارات اللازمة لإتمام عملية الاقتراع وعدّ وفرز الأصوات ضمن الإطار القانوني بصورة موحدة في كافة مراكز الاقتراع والفرز.
وبيّن التقرير أن 87 مرشحة حصلن على أصوات قلّت عن 1,000 صوت، فيما حصلت مرشحتان فقط على أكثر من 10,000 صوت، وتبين أن 17 سيدة تصدرن قوائمهم الانتخابية بمجموع الأصوات التي حصلوا عليها، وبينت النتائج أن قائمة واحدة وصل فيها الفرق بمجموع الأصوات بين الأول والثاني داخل القائمة إلى 8,000 صوت، فيما كان الفرق من 4,000 - 8,000 صوت بين الأول والثاني في 13 قائمة، كما بينت النتائج أن 15 قائمة فقط استطاعت أن تتجاوز وزن المقعد في دوائرها، وفي سياق الفئات العمرية يتبين أن أعلى فئة عمرية حصلت على أصوات ناخبين كانت بين 51-60 سنة حيث حصلت على 41% من مجموع أصوات الناخبين وهي ذات الفئة التي كان فيها أعلى عدد من المرشحين وصل تعدادهم إلى 505 مرشحاً، وبخلاف ذلك حصلنّ السيدات المترشحات ضمن الفئة العمرية 41 - 50 على أعلى عدد أصوات ضمن فئات السيدات حيث حصلنّ على 39.1% من أصوات الناخبين.
وأكد التقرير على أن الهيئة وفرت قدراً عالٍ من شفافية الإدارة الانتخابية إلا أنها لم تقدم كل ما يلزم من معلومات عن مجريات العملية الانتخابية، وحذف جزء منها كانت تستخدم كمرجع من الموقع الالكتروني، فيما يستنكر التقرير في هذا الجانب قيام الهيئة بنشر المعلومات الانتخابية بصيغة مشفرة لا يمكن استخدامها أو البحث فيها أو التحليل ما يحد من شفافية إتاحة المعلومات للجمهور وللجهات الرقابية، كذلك قامت الهيئة بنشر أسماء المرشحين والقوائم في 13 دائرة انتخابية فقط مخالفة بذلك المادة 16 من قانون الانتخاب إبان فترة تسجيل المرشحين ولم تنشر إلا في وقتٍ متأخر.
وقال التقرير إن 7 قوائم انتخابية فقط سلمتّ تقارير مدققي الحسابات من أصل 226 قائمة مترشحة ولم تلزم الهيئة باقي القوائم بتسليم تقاريرها الختامية ولم تقم الهيئة بأي إجراء تنفيذي حيال ذلك، ما يخل بشفافية الإفصاح المالي ويحدّ من عدالة الانتخابات بعدم توفير فرص متساوية للمرشحين. ويتبين من خلال التقرير إيجابية التعديلات التي أقرت على قانون الانتخاب لزيادة عدالة العملية الانتخابية والمتعلقة بتوزيع المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية لكنه في ذات الوقت لم يعالج بصورة معيارية كافة المرجعيات المتعارف عليها في توزيع القوى التمثيلية مثل البعد الجغرافي عن العاصمة والكثافة السكانية ومستوى الخدمات والاحتياجات التنموية، ويشير التقرير إلى أن القانون الانتخابي شهد تطوراً فيما يخص توسعة الدوائر الانتخابية وتقليص عددها على مستوى المملكة من 45 دائرة انتخابية إلى 23 دائرة فقط وهي إحدى الخطوات التي ساعدت على تعزيز العدالة التمثيلية بشكل بسيط، كما ساهم القانون بزيادة أعداد من يحق لهم الاقتراع بعد أن أعطى لكل من بلغ الثامنة عشر حق الاقتراع، كما أتاح للناخب التصويت لأكثر من مرشح داخل القائمة التي يختارها، ما يساعد على تقليص الهويات الفرعية التي أنتجها نظام الصوت الواحد، وبخلاف قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه الانتخابات البرلمانية 2013 فقد اشتمل قانون الانتخابات لعام 2016 تطوراً على مجموعة من الضمانات الإجرائية الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية.
وبين التقرير أن قانون الانتخاب تضمن عقوبات رادعة لكل من يخالفه وتعليماته التنفيذية لكن ذلك لم يتم تطبيقه بالشكل الواضح بدلالة عدم الإعلان عن نتائج القضايا المختلفة ما يؤشر على عدم وجود إرادة حقيقية لتطبيق القانون ومجابهة تلك المخالفات، وأشار التقرير أن الضمانات الإجرائية التي تم تضمينها للعملية الانتخابية الأخيرة قد ساهمت إلى حدٍ ما بتطوير العملية الانتخابية، إلا أن تطبيق تلك الضمانات من قبل بعض العاملين في العملية الانتخابية لم تتوائم مع الممارسات الدولية الفضلى في كثير من الحالات، مما أثر على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، ويشير التقرير إلى أهمية ونوعية حملات التوعية والتثقيف التي نفذتها الهيئة المستقلة في بداية العملية الانتخابية والتي كان لها أثرٌ واضحٌ على المواطن من خلال زيادة الوعي والإدراك بماهية القانون الجديد والتشجيع على المشاركة، كما لا بد من الإشادة بالتعاون الموصول من موظفي الهيئة المعنيين بالتنسيق مع المؤسسات الرقابية والذي عزز تجويد العملية الانتخابية وساهم في تكريس التشاركية المستدامة مع المراقبين المحليين.
وأوصى التقرير بضرورة تعديل النظام الانتخابي بحيث يصبحا نظاماً انتخابياً يرتكز على القوائم النسبية المغلقة على مستوى الدائرة المحلية والدائرة العامة على أن تكون نسبة مقاعد الدائرة العامة كحد أدني ثلث عدد أعضاء مجلس النواب، وأوصى التقرير بإلغاء الكوتا النسائية والاستعاضه عنها بنظام التوالي الجندري على مستوى القوائم المحلية والوطنية، وضرورة توسعة الدوائر الانتخابية أكثر مما هي عليه حالياً.
كما أكد راصد على ضرورة تبني عقوبات قابلة للتطبيق وتتوائم مع الجرم الانتخابي والابتعاد عن العقوبات التي لا يمكن تطبيقها والتي تحتاج إلى فترات زمنية طويلة للإعلان عنها وإصدار أحكام فيها، وشددّ على أهمية وضع آلية لاستقبال الشكاوى والتعامل معها بحيث تكون هذه الآلية وفق تعليمات تصدر لهذا الغاية تحدد تاريخ استقبال الشكوى والإجراء الذي تم عليها ونتائج هذه الإجراءات والمرجعيات القانونية التي تم الاعتماد عليها للتعامل مع هذه الشكوى على أن يتم نشر جميع نتائج الشكاوى بشكل شفاف أمام الجمهور وأن يتاح للمواطنين التعليق على نتائج الشكاوى.
وأوصى التقرير بضرورة تعديل الإطار القانوني الناظم للحملات الانتخابية بحيث يتم تفعيل الحد الأعلى للإنفاق وأن يكون هناك آليات يمكن تطبيقها لتتبع الإنفاق لجميع القوائم الانتخابية، ويؤكد راصد على ضرورة الإطلاع على التجارب العربية والدولية على حدٍ سواء والاستفادة منها فيما يتعلق بضوابط الانفاق وتفعيل العقوبات الرادعة لكل من يتجاوز الحد الأعلى للإنفاق مع التأكيد على ضرورة وجود فرق خاصة للهيئة المستقلة تعمل على مراقبة النشاطات والفعاليات خلال فترة الحملات الانتخابية وأن يتم الاستعانة بموظفي ديوان المحاسبة.
ويؤكد التقرير على ضرورة تطوير الإطار القانوني الناظم لعمل الهيئة المستقلة بما يضمن استقلاليتها وقدرتها على فرض سلطاتها الدستورية بالإضافة إلى تعزيز شفافيتها الإدارية والمالية، وشدد التقرير على ضرورة تطوير المنظومة التدريبية الخاصة بتأهيل لجان الاقتراع والفرز، وتعزيز آليات ضبط الجودة فيما يتعلق باكساب اللجان المهارات اللازمة لإتمام عملية الاقتراع وعد وفرز الأصوات ضمن الإطار القانوني وبصورة موحدة في كافة مراكز الاقتراع، كذلك تطوير نظام الربط الالكتروني الخاص بيوم الاقتراع بحيث يتم تجهيزه وفحصه بشكل مسبق وذلك تجنبا لحالات الإرباك الذي سببها ضعف هذا النظام خلال عملية الاقتراع والفرز بانتخابات مجلس النواب الثامن عشر، وتطوير سبل المحاسبة الخاصة بأعضاء اللجان المسؤولين عن وقوع الانتهاكات والمخالفات الانتخابية والتعامل مع قضاياهم بدرجة أعلى من الشفافية.