الروابدة: رضعناها مع حليب الأمهات
مدار الساعة - القى رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة في مهرجان نصرة القدس وفلسطين والذي أقيم اليوم على مسرح قصر الثقافة في مدينة الحسين للشباب.
وتحدث في المهرجان كل من رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري ورئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة والمطران خريستوفورس عطا الله والنائب ديمة طهبوب والنائب مصطفى ياغي وآمنة الزعبي والدكتور محمد الجعبري عن الجمعيات الداعية .
وتاليا كلمة الروابدة:
هذا لقاء مبارك، يتم ونحن نتفيأ ظلال ذكرى الاستقلال. نفوسنا مفعمة بالفخر والاعتزاز على ما أنجزنا بقيادة الصيد الهواشم. تحدينا كل معيق حتى كان هذا الوطن الأبهى. أردن العز، واحة الأمان، الحضن الرؤوم لكل من فاء إليه. رافد الأمة لا يبالي بما يتحمل على مسغبه.
نلتقي اليوم وقلوبنا تشرأب إلى القبلة الأولى. أرض الإسراء التي باركها الله وبارك حولها. نتطلع إلى اليوم الذي نراها فيه مستقلة سيدة ينعم أهلها وننعم معهم بالحرية، ونعمل معا لبناء تاريخ مشترك نصنعه معا بإرادة حرة تستشرف مستقبلا مشرقا لنا ولأمتنا.
نجتمع اليوم، لنقول لأخوة الدم والمصير، أننا كما كنا منذ إرهاصات النضال الفلسطيني، باقون على العهد شركاء لا أعوانا فحسب، وسندا لا يكتفي بدور الرديف. نحن معكم لا يفت في عضدنا مزاود. القدس قدسنا في سويداء القلب، لنا على أسوارها دم حر، ما توانى حين روع. يصونها الهاشمي القائد بإرث أب عن جد. ينهد لدوره بحكمة وشجاعة في كل محفل وميدان. يصون المقدسات ويحمي التاريخ من التحوير والتشويه.
نلتقي اليوم، والمؤامرة على فلسطين، توغل في مفاصل القضية. تستغل مرحلةً عالمنا العربي فيها مأزوم. خسر كل إنجازاته. يتداعى نظامه. يخذل بعضه البعض. والفتن الداخلية دمرت وتهدد بالمزيد. لكننا في الأردن مؤمنون وعاملون بهدوء على أن تخيب آمال دعاة التصفية. لن تمر مخططاتهم مهما استغلوا الظروف والتحديات والأوضاع. سنتحدى الضغوط. لن نكتفي "بلا" التي حولها أبو الحسين إلى "كلّا" .
أيها الأخوة وألأخوات، عناصر قوتنا على المواجهة كبيرة وعديدة. سنحافظ على مجتمعنا الأردني الواحد المتماسك. نصوغ جبهة وطنية واحدة تحول دون الأختراق والتفتت. هويتنا الوطنية موحدة جامعة ترفض الإقليمية وتدين المتكسبين بها. المواطنة عندنا مرجعية والوطنية لدينا أساس. هوياتنا الفرعية عناصر تعددية وعناوين إغناء تسهم في تجذير الهوية الوطنية التي يستظل بها الجميع.
علاقتنا بفلسطين علاقة قدر ومصير. رضعناها مع حليب الأمهات. صنعتها روابط القربى ورسختها وشائج التلاحم وعمقها التاريخ الواحد. هي قضيتنا التي ما تقدمت عليها يوما قضية. صاغت في الأردن قناعاتنا وفكرنا ودورنا. تعود بي الذكرى إلى ذلك الفتى الأردني الدارس في الجامعة الأمريكية في بيروت، وهو يحاول أن يترجم قناعاته وقناعات كل الأردنيين على صفحات "فلسطيننا- نداء الثورة". يتخيل حوارا يتسائل فيها شاب يافع سمع بكاء أمه النازحة فسألها وأجابت وأختصر:
هل تسلني لم أبكي؟
عشت عشرا في الخيام
وغيرها وسط الكهوف
وأكلت عشبا يوم أن عزّ الرغيف
كم ذا كدحت وكم شقيت
ولغير ربي ما اشتكيت
اليوم يا ولدي تعزّ عليّ ذكرى
ذكرى حبيب قد قضى شهما وحرّا
ذكرى ابيك يسير في عزم الشباب
إلى الهضاب
للساحِ للميدان لا يخشى الصعاب
ويعود - حَمْلاً- فوق أعناق الشباب
ثم يتلوه أبي
ثم أخي
ثم لا أعلم من بعده قد غاب
وحملت طفلي وتركت بيتي للذئاب
هل تسلني لم أبكي؟
أبكي إلى أن يبزغ فجري
وأرى كتائب أمتي كالنمل تسري
وأراك نسرا فوق أعدائك تهوي
بالنار
بالثأر المجلجل
بالدماء
وتعود أرضي حرة
ويعود قومي للقاء
وأسير فوق ربوعها في كبرياء
كبرياء الحر نِعْمَ الكبرياء
أيها الأخوة والأخوات،
خاب تجار الإقليمية أصحاب صكوك الغفران.
لن نكون لهم وقودا. سيخيبون. نبقى أمناء على وحدة أسرتنا. أمناء على العمل الصادق لفلسطين. ندعو للأشقاء بوحدة الصف. وندعو للأمة بتجاوز الواقع وبناء الصف الواحدة والالتزام بالقضية.
عاش الأردن وعاش جلالة الملك
عاشت فلسطين حرة أبية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته