مأمون نور الدين يكتب عن قمة عمان: العرب أحق بأن يقلعوا شوكهم بأيديهم

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/14 الساعة 17:58
مدار الساعة – خاص – كتب: الوزير السابق د. مأمون نور الدين:

يقف العالم العربي أمام فرصة تاريخية، أملتها ظروف لا سابقة لها عربياً ودولياً، ولكن العرب هم احق بأن "يقلعوا شوكهم بايديهم" بعد هذه الويلات والانكسارات، فالامة العربية هي الخاسر الوحيد ولا يوجد من بينها منتصر، اذا ما استمر الحال، فهل تُستثمر الفرصة؟

تاريخ القمم العربية، يقول "ان لم تداو جرحك بنفسك، سيأتي من ينكأ الجرح، فالمتربصون بالأمة كثر، حتى صارت الساحة من محيط الامة الى خليجها بيئة للدمار والقتل والتشريد، فماذا ينتظر القادة العرب؟

قمة عمان التي ستكون بعد ايام قليلة، لم تأت على طبق من ذهب، فالكل يعلم ما هي الظروف التي تعصف بالمنطقة، وما هو فيه عالمنا العربي من تقاطعات حيال قضايا مصيرية وليست مجرد خلافات شخصية على مستوى الأنظمة، وهو ما جعل المنطقة العربية على وجه الخصوص في بركان ثائر، اتاح لجهات دولية التدخل في شؤونها.

ولكن اختيار الاردن لاستضافة المؤتمر، جاء لاعتبارات كثيرة، لعل أبرزها، ان عمان دون غيرها، هي العاصمة التي يمكن ان تحط بها طائرات القيادات العربية، فهذا الشمل العربي، مقره في مثل هذه المناسبات وهذه الظروف فقد عُرف عن العاصمة الاردنية بأنها "عمان الوفاق والاتفاق".

نقول هذا ونحن نستند في تاريخ الامة الى انه للمرة الرابعة يستضيف الأردن القمة العربية حيث تأتي القمة الثامنة والعشرون نهاية آذار الحالي. فالأردن بقيادته الهاشمية الفذّة كان دائماً ولا زال الرائد في دعم القضايا العربية وأوّلها القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. استكمالاً لدور الراحل جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه فقد وضع جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ توليه سلطاته الدستورية بصمات لا يختلف عليه اثنان في إدارة ملفات المنطقة.

ومن اللافت أنّه وبفكرٍ غير تقليدي ورؤية تحليلية فريدة للواقع والمستقبل استطاع وقبل ١٦ عاماً في خطابه في القمة العربية الثالثة عشرة التي عقدت في عمّان عام ٢٠٠١ أن يحذر من عواقب تراجع العمل العربي المشترك وغياب التضامن وأثره على المواطن العربي والمصالح المشتركة بين الدول العربية داعياً في ذلك الوقت إلى حشد طاقات الأمة من أجل المستقبل. وحينها أشار جلالته محذّراً أشقاءه إلى صعوبة وشبه إستحالة أن يتصدى قطر عربي لوحده للتحديّات التي تواجهنا كأمة، مشيراً إلى أهمية تفعيل التعاون ودرء الخلافات فيما بين الأقطار كافة. والأهم من ذلك كلّه تأكيد جلالته مرتين في خطابه بأن على القمم العربية أن تبنى على العمل المؤسسي والرؤية الشمولية وليس على ردّ الفعل المرتبط بأحداثٍ خاصة واصفاً إياه بالمنتهي مع إنتهاء دواعيه.

وهذا بحدّ ذاته دليل يؤشّر على أن جلالته يحمل فكراً رائداً وهو يضع نصب عينيه التطوير والتغيير يإتجاه الأفضل بعيداً عن الروتين الدبلوماسي.

وها نحن نشهد اليوم واقعاً عربياً أكثر مرارة مليئاً بتحديّات لم يسبق لها مثيل، وكالعادة يمارس الأردن دوره اللاتقليدي في لجّة الإعصار مؤديّاً واجبه العروبي والأخلافي قولاً وفعلاً تجاه كافة الأشقاء العرب وقضاياهم كدولٍ وشعوب. فنكاد لا نجد حدثاً يخصّ الأمة العربية إلّا ونجد للأردن فيه موقعاً بارزاً إن كان ذلك على صعيد التحالفات العسكرية والأمنية أو على الصعيد السياسي والأنساني فنحن دوماً أول من يلبي النداء ولم نتوان يوماً. والكل يعلم اليوم ما يتحمّله الأردن من أعباء بسبب الصراعات في المنطقة وخصوصاً في سوريا. وما نتج عنها من موجات لجوء ضخمة بإتجاهنا أثّرت على إقتصادنا عدا التحدّيات الأمنية المرافقة. والكل يستشعر أيضاً أهميّة دور جلالة الملك الشخصي في توظيف علاقاته المميزة في كل دول العالم شرقاً وغرباً لحل الصراعات في المنطقة مُحَفّزاً من إيمانه المطلق بأن الأردن هو وريث رسالة الثورة العربية الكبرى التي أطلقها جدّه الشريف الحسين بن علي قبل قرن من الزمان، وأننا بحكم ذلك علينا أن نظل الأكثر إنتماءً لأمتينا العربية والأسلامية.
.
هذا الشهر ومع توجّه كافة الأنظار إلى عمّان مستضيفة الحدث العربي الأهمّ والذي يتوقع أن يكون الأكثر مشاركة من قبل القادة العرب في مؤشر يدل على حيوية دور المملكة وأهميّته، فإنّ كل الآمال معقودة على أن تخرج هذه القمة بنتائج ملموسة على صعيد تفعيل العمل المشترك وتوحيد الصف العربي الذي دعا إليهما جلالة الملك من جديد منطلقاً من رؤية شاملة تحمل التحليل العميق لواقع التحديّات حولنا وتقدِّم في نفس الوقت مفاتيح الحلول.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/14 الساعة 17:58