ما قاله الجبير للأردنيين خلف الستارة

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/14 الساعة 09:29
مدار الساعة - اوردت صحيفة القدس العربي تقريراً، كتبه الزميل بسام بدارين، بعنوان "إيران في الرمادي ودرعا وتثير نقاشاً حساساً في الأردن: انفتاح أم تنويع أم المجازفة بمشروع «هيمنة»؟" وجاء فيه:

وسط دوائر رسمية ضيقة جداً في الأردن توصف إيران بأنها الدولة «العدائية» التي التهمت نحو 500 مليار دولار من أموال الشعب العراقي منذ عام 2002 حتى اليوم بحيث تمكنت من الإنفاق على نفسها أولاً في ظل الحصار وعلى «عملياتها» في اليمن وسوريا والعراق.

ووسط الدوائر نفسها يتم التعاطي مع إيران بصفتها العدائية نفسها عندما يتعلق الأمر بالملف البحريني حيث عاتبت المنامة مؤخراً العواصم العربية لأنها لا تظهر الاهتمام الكافي بمحاولات إيران التوسع في السيطرة على مملكة البحرين وافتعال المشكلات في صلب المجتمع.

في الملف السوري يتصور الأردنيون أن مشاغلة الإيرانيين لها مفتاح واحد هو «موسكو»، لذلك حصلت عمان مؤخراً على تفويض سعودي لإدامة حوار مع روسيا على أساس إمكانية قبول الرياض لفكرة «الواقع الجديد في سوريا».

بين الحين والآخر يتم تداول هذه المعلومة في المربع المتفاعل بين عمان والرياض. في آخر تواصل بين وزير خارجية السعودية عادل الجبير وأوساط أردنية لمّح الرجل بوضوح إلى ان حراكاً دبلوماسياً بدأ فعلاً لـ»ملاعبة الإيرانيين» في الملفات المشتبك معهم عليها لكنه اشار بما لا يقبل الشك إلى أن محاولات تجنب الصراع المباشر لا تعني الإغفال عن ضرورة عدم السماح لإيران بالانتصار على ارض الواقع ومهما كلف الأمر منوهاً إلى أن بلاده مستعدة للتعامل مع الواقع السوري الجديد.
«مهم جداً العمل على تخفيف التوتر مع إيران، سنفعل ذلك ولكن المهم أكثر ان لا تشعر طهران بان النظام الرسمي العربي يخضع»، هذا تحديداً ما قاله الجبير للأردنيين خلف الستارة في الوقت الذي واصل نظيره الأردني أيمن الصفدي المشي على خطى الموقف السعودي وهو يتجول دولياً وفي كل الأروقة.

إيران في القراءة الأردنية هي ايضاً الطرف الذي يستغل ويستثمر في إثارة النزاع الطائفي. حتى في اوساط مالية واقتصادية خبيرة جداً يستمر الحديث في أروقة عمان عن ضرورة عدم الاسترسال في الرهان على المساعدات السعودية لأن الرياض ستكون مشغولة بمشكلاتها المالية الكبيرة الناتجة عن مناجزة إيران وصراع النفوذ معها خصوصاً في اليمن حيث لا يمكن تعبئة اي فراغ في حال دحر الحوثيين او التسوية السياسية معهم إلا بـ»الكثير من المال».

سمعت «القدس العربي» مثل هذا الطرح من شخصيات «عميقة « أردنية وفي أكثر من مناسبة ومن الصنف الذي لا يستسيغ المضي قدماً في سياسة أردنية تعادي إيران وتتبع السعودية فقط وتمتنع عن التنويع في الخيارات.

حتى عندما يتعلق الجدل أردنياً بالتحول إلى قطاع «الخدمات السياحية» لمعالجة مشكلات اقتصادية ومالية ملحة تطل ملامح إيران حيث نقاش يتعلق بالمحظور الأمني الكبير الذي يرفض «السياحة الدينية الشيعية» وبصورة تبقي الخيار السياحي في حضن ما لا يهضمه المجتمع الأردني حيث ثلاثية الكازينو والمشروبات الروحية والترفيه النسائي».

التواصل مع إيران من عدمه خصوصاً بعد «الاتصالات» التي جرت مؤخرًا بينها وبين سلطنة عمان والكويت كان مثاراً للنقاش في حوارات استضافها القصر الملكي الأردني. إذ يسأل أردنيون من الوزن الثقيل: إلى متى نستطيع تجاهل إيران والابتعاد عنها وهي عملياً تسيطر على حدودنا المغلقة مباشرة مع دولتين جارتين كبيرتين هما سوريا والعراق؟

الحرس الثوري الإيراني موجود عسكرياً بالقرب من درعا في خاصرة شمالي الأردن وطهران طرف نافذ في عمق النظام السوري وأي حديث عن استئناف العمل في معبر نصيب الحدودي الكبير يتطلب التواصل مع إيران. بمعنى آخر إيران طرف أساسي في البوابة التي تصل الأردن بأوروبا وتركيا وهذا موضوع أساسي ومن الصعب إنكاره او تجاهله.

في معادلة الحدود مع العراق لا يوجد الكثير من الاختلاف لأن الجيش العراقي عملياً الذي يدير عملياته في غرب العراق وبالتالي شرق الأردن تسيطر عليه إيران وكذلك حكومة بغداد المركزية وفي منطقة الرمادي المحاذية للأردن لا تنوي قوات تنظيم «الدولة ـ داعش» الاستسلام وقد ارسلت مؤخراً رسالة للأردن عندما هاجمت بكفاءة وبعملية انتحارية مركز حدود طريبيل الرسمي.

اي عمليات تجارية او عسكرية في محيط معبري نصيب وطريبيل تحتاج لغطاء من التنسيق السياسي بل والأمني مع إيران او حلفائها في دمشق وبغداد، تلك تبدو قناعة مستقرة في ذهن سياسيين كبار في عمان.

لكن ما يثيره في المقابل مثقفون كبار في النقاش هو الإشارة إلى ان إيران لا تقبل التفاهم ولا الترتيب والتنسيق لأنها ببساطة تسعى «للهيمنة» وأي إمكانات اقتصادية أو استثمارية تتاح لها في الأردن ستقودها إلى حلم الهيمنة.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/14 الساعة 09:29