المساعده يكتب: المعلمون والأطباء في دائرة الضوء

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/01 الساعة 02:38

بقلم: أ.د. عدنان المساعده*

من اللافت للنظر أن حمى الاعتداءات على الكوادر الطبية والمعلمين أخذت منزلقا كبيرا جعلت العاملين في هذين القطاعين الحيويين العمل تحت أجواء غير مريحة وتهدّد حياتهم للخطر من قبل فئة استمرأت فتل العضلات وهمجية التصرف، ولا يعقل أن تتم أربعة اعتداءات خلال اسبوع واحد على كوادر طبية من أطباء وأطباء أسنان وصيادلة وممرضين، وهي تقوم بواجبها الإنساني تجاه المرضى ومراجعي المستشفيات والمراكز الصحية. الطبيب درس سنوات طويلة ومن حقه على الدولة والمجتمع توفير الحماية والمناخ المناسب للعمل بكل هدوء وطمأنينة وكرامة، سيمّا وأنه يتعامل مع حياة الإنسان، وكما هو المعلم الذي يغرس في نفوس النشء التعليم والسلوك هو بحاجة إلى حماية أيضا، ولم يعد من المقبول الاعتداء على المعلم في المدرسة وفي الشارع من قبل فئة من الطلبة تتسم تصرفاتهم بالنزق والسلوك السيء، والأدهى والأمر نجد من يساندهم بذلك من بعض ضيقي الأفق من الأهالي، وكم شهدنا من حالات تم توقيف فيه المعلم من قبل شكوى غير منطقية على المعلم من قبل بعض الطلبة والأهالي...الأمر الذي يدعو كافة الجهات المعنية ذات العلاقة أن تعيد للمعلم هيبته وللطبيب كرامته التي هي من كرامة الوطن وهيبته، وضمن تطبيق القانون بقوة وتغليظ العقوبات بحق كل مستهتر يتصرف بطيش ونزق.

إن الدولة والأهل كذلك أنفقت الشيء الكثير من الوقت والمال لإعداد الطبيب المؤهل والمعلم الكفؤ، ومن صلب واجب الدولة وعملها ان تتابع ذلك بدعم هؤلاء معنويا ونفسيا وتشجيعا لان كلتا المهنتين (الطبية والتعليمية ) من الأهمية بمكان ان تتقدما كل الاولويات.

وعلى الجانب المهني فان مسؤولية وزارة الصحة ونقابة الأطباء وقطاع المستشفيات الخاصة وكل المؤسسات الطبية ذات العلاقة أن تسعى ما وسعها الجهد لحماية المهنة والاهتمام بالعاملين فيها وخصوصا إنصاف أطباء الإقامة والطب العام، ولا يعقل أن نجد اطباء إقامة في المستشفيات يناوبون ويعالجون المرضى دون راتب كما هو حال الطبيبة روان التي تعرضت لاعتداء خلال دوامها في مستشفى الامير حمزة، وفوق ذلك لا توجد حماية لها أو دعم، وبمنتهى الصراحة والوضوح لا نريد لمهنة الطب أن تصبح كابوسا أو إحباطا يتسلل الى نفوس العاملين فيها، فتخيّل ان الطبيب الذي يدرس سبع سنوات على نفقة أهله، وبعد ذلك يختص ضمن برنامج الاقامة من اربع الى ست سنوات وبدون أي أجر مادي مقابل ما يقوم به من عمل شاق ومضني، ومن العدل إنصاف هؤلاء الأطباء لتهيئة بيئة العمل المناسبة، وفي كل دول العالم الطبيب المقيم يتلقى أجرا مقابل دوامه ومناوبته ومعالجة المرضى، فهل تأخذ هذه الجهات دورها الفاعل بمراجعة هذا الملف الذي يحمي الطبيب ويضمن له العيش الآمن والكريم خلال فترة الاقامة (الاختصاص).

وفي المقابل، قد نجد فئة من بعض الاطباء والعاملين في الحقل الطبي ممن يتعاملون بفوقية وان كانت هذه الفئة قليلة قد تسيء ولا تحسن التصرف مع المراجعين والمرضى ممّا يؤدي الى احتقان ومواجهة ما بين الطرفين، الأمر الذي يدعو الى استيعاب المراجعين المرضى وتقدير حالتهم الانفعالية والقلق الذي ينتابهم عند مراجعة المستشفيات وخصوصا أقسام الطوارئ لتقديم الاسعاف والعلاج المناسبين بأقصى سرعة ممكنة.

أما حماية المعلم، فعلى وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في التشريعات الناظمة التي تحمي المعلم الذي يشكل القاعدة الأساس لمنظومة التعليم والبناء التربوي، لنعيد للمعلم هيبته وكرامته وقيمته الاجتماعية والمعنوية، كما كانت في الخمسينيات والستينيات، حيث كان المعلم يتصّدر الصفوف احتراما واجلالا لرسالته التي يحملها ويقوم بها تجاه أبنائه الطلبة.

بقي أن نقول، إن الحفاظ على المنظومتين التعليمية والصحية وتهيئة كافة الظروف الملائمة لنجاحهما هو يخدم الوطن في كل القطاعات المتعددة، لأن إعداد الإنسان تعليما راقيا وقويا، والاهتمام بصحته ضمن أفضل معايير تقديم الرعاية الصحية الفضلى تضعنا على المسار الصحيح الذي نتطلع إليه وننشد أن يكون على قائمة الأولويات متابعة وتنفيذا ومهما كانت التكاليف، لأن بناء الإنسان السوي عقلا وجسدا لا يقدر بثمن، وسينعكس ذلك على منظومة الإنجاز والعطاء وسيكون رافعة حقيقية للنهضة والتقدم الذي نريد.

*استاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/06/01 الساعة 02:38