إسرائيل بلا قيادة ولا ربان، وصفقة كوشنير بغرفة الانتظار

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/31 الساعة 03:08
الدكتور علي عبد السلام المحارمة لقد جاء قرار الكنيست الإسرائيلي أمس الأول بحل نفسه بمثابة اعتراف إسرائيلي بأفول نجم القيادات الوطنية الموحّدة للرؤى والملهمة للشباب والموجهة للأحزاب...!!
وليس أدلّ على ذلك من مضمون الحوار بين نتنياهو وليبرمان الذي بناءً عليه تم حسم موضوع حل الكنيست لنفسه ليكون أقصر مجالس الكنيست عمرًا، فهل كان إسرائيلي واحد ممن عايش رابين وشامير وشارون يتوقع ان يؤول زمام الحكم لهذين الرجلين وهما ممثلان لقوتين رئيستين في الواجهة: الليكود بعراقته وإسرائيل بيتنا بقوة ويمينية طرحها وكرهها وعدائيتها للعرب.
وفي المقابل لا زال اليسار أكثر ضعفا وتشرذما ولم يستفد من كل هذا الهراء اليميني لصياغة معسكر يساري قوي يستعيد زمام الحكم المضاع منذ حقبة ايهود باراك.
لا زال الوقت مبكرا للتنبؤ بتطورات الساحة السياسية الإسرائيلية، ولكن يمكن رصد ثلاثة معالم مفصلية بهذه التطورات:
أولا: أن الصراع الديني العلماني كان المفصل في فشل نتنياهو ببناء معسكر يميني حوله، وهذا الامر يدلل على ان الانقسامات المتقاطعة في إسرائيل تزيد الخارطة السياسية تعقيدا، فبعض الأحزاب الدينية محسوبة على المعسكر اليميني بتصنيف شكلي سطحي، لكنها في الواقع ليست يمينية ولا متطرفة إلا تجاه قضاياها هي وقضايا حقوق رعاياها كإعفاء المتدينين من التجنيد في الجيش، ولا يعنيها كثيراً التوجهات السياسية إلا بالقدر الذي يخدم مصالحها وبرامجها.
ثانياً: استطلاعات الرأي التي نشرت بالتزامن تقريبا مع قرار الكنيست حل نفسه حول حصانة رئيس الوزراء؛ حيث كانت النتائج تشير إلى رفض الغالبية من الإسرائيليين بمنح رئيس الوزراء أية حصانة تميزه عن بقية أعضاء الكنيست، ولهذا التوجه في الرأي العام أثاره على مستقبل نتنياهو الذي تحاصره تهم الفساد، أضف إلى ذلك فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة بعد انقضاء المهلة القانونية لقيامه بذلك، وهو الفشل الأول الذي لم يحدث عبر تاريخ البرلمانات والحكومات الإسرائيلية كلها، كل ذلك سيغري منافسي نتنياهو بموقعه، مثلما سيزيد من رغبة اليسار بإفراز قيادة إسرائيلية جديدة.
ثالثا: أثر قرار الكنيست بحل نفسه على القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني ربما يقتصر على إرباك مخططات كوشنير وبرامجه التي كان بصدد الإعلان عنها بعد ان ينتهي نتنياهو من تشكيل حكومته، لكن كوشنير ربما يستمر في عمله مع أعوانه في مسار صفقته دون الالتفات كثيرًا لمجريات الساحة الإسرائيلية طالما كانت الصفقة كلها تصب في مصلحة وخدمة إسرائيل، وأعتقد أن تصريحات بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية من أن فشل نتنياهو يشكل إفشالا للصفقة كانت تصريحات متسرعة بحاجة لمزيد من التريث والتمحيص.
ربما فرض فشل نتنياهو بتشكيل حكومته وحل الكنيست لنفسه على كوشنير واقعاً حكمه بوضع صفقته في غرفة الانتظار مرحليًا، لكن ليس لقرن آخر كما يعتقد البعض... الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/31 الساعة 03:08