مجالس أمناء الجامعات الرسمية.. بين الاتهامية والموضوعية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/30 الساعة 21:14

يقلم الدكتور خالد هيلات

قرأت الأسبوع الحالي ثلاثة موضوعات تناولت مجالس أمناء الجامعات آخرها كان منشورا للدكتور هاني الضمور أمين عام وزارة التعليم العالي سابقا يحوي عددا من الأسئلة هذا مضمونه "هل أنت مع إبقاء مجالس أمناء الجامعات الرسمية الحالية أم تغييرها؟ ولماذا؟ هل هي قادرة على إحداث نقلة نوعية في التعليم العالي؟ هل هي قادرة على تحمل المسؤولية بشفافية ونزاهة؟"، الواضح من منشور الدكتور الضمور أنه لا يناقش وجود المجالس من عدمه، أو العلاقة بينها وبين إدارات الجامعات، بل يقر ولو ضمنا من خلال الأسئلة بوجودها، فهو يشير إلى تغيير المجالس الحالية ومعناه تغيير أعضائها فتغيير المجالس قد ينطوي على انتقاد لأداء أو كفاءة بعض أعضائها، أو قدرتهم على القيام بمهام مجالس الأمناء، وهذا أمر مشروع يتفق عليه الجميع.

الموضعان الآخران هما مقالان الأول لرئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام في جامعة اليرموك محمد محروم بعنوان "مجالس الأمناء تعمق أزمات الجامعات الأردنية"، ويقول فيه "إن الجامعات الرسمية تعاني من تغول تلك المجالس على إداراتها، مما أدى لعجز الإدارات عن اتخاذ القرارات الإدارية والأكاديمية الناجعة والصائبة"، ولم يقدم لنا كاتب المقال أي واقعة تدعم ذلك، كما نسي قراري مجلسي العمداء والأمناء بالموافقة على تنسيب عميد الكلية بتعيينه رئيسا لقسم الإذاعة والتلفزيون، رغم أن تخصصه في- الصحافة وليس في الإذاعة والتلفزيون - وفي القسم دكتور برتبة بروفسور، لو وجد التغول لأبطل المجلس قرار الكلية وإدارة الجامعة، اما الموافقة فتعني التنسيق والتشاركية في العمل بين مجالس الأمناء والعمداء وإدارة الجامعة لما فيه مصلحة الكلية وليس كما أسماه (التحالف) لتحقيق مصالح خاصة مع ما تحمل من اتهامية.

واعتبر المقال أن قانون الجامعات الأردنية الموحد الجديد يقلص صلاحيات مجلس التعليم العالي المتعلقة بتعيين وإعفاء وتقييم رؤساء الجامعات وتعيين نوابهم، وهنا يناقض ما أورده من تغول مجالس الأمناء على الإدارات الجامعية بقوله "بسبب تحالفات بين مجالس الأمناء والإدارات الجامعية لتحقيق مصالح خاصة" وهل يستقيم التغول مع التحالفات؟ ولماذا اتهام مجالس الأمناء والإدارات الجامعية بالتحالف لتحقيق مصالح خاصة، ألا تضرب لنا مثالا واحدا فقط، أم اعتبرت قرار تعيينك تحالفا بينهم لتحقيق مصالح خاصة، وما العيب من انتقال عملية التقييم إلى مجالس الأمناء؟ ألا يمكن ذلك من مراقبة الأداء، وتشجيع التنسيق (ما أسميته بالتحالف) بين المجالس والإدارات التنسيق الذي ينعكس على إيجابا على الجامعات.

رغم ذلك لا اختلف مع كل ما أورده كاتب المقال، بل أتفق معه في موضوع اختيار أعضاء مجالس الأمناء، إذ يجب أن يكونوا من ذوي الخبرات الأكاديمية والإدارية الناجحة والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والحرص على مصلحة التعليم العالي، مع الالتزام بالتشريعات المتعلقة بعملية الاختيار.

المقال الثاني للأستاذ الدكتور محمد بني سلامة من جامعة اليرموك أيضا وعنوانه"(مجالس أمناء الجامعات الرسمية والمهمة شبه المستحيلة" عرض فيه العلاقة بين مجالس الأمناء وإدارة الجامعات من خلال موضوعين الأول الرقابة على الجامعات كوظيفة من وظائف مجالس الأمناء، ومنصوص عليها في قانون الجامعات، الذي منح المجالس صلاحيات الرقابة من خلال رسم سياسات الجامعات وتقييم أداء رؤسائها، والموضوع الثاني استقلالية الجامعات من الناحيتين الإدارية والمالية، ويرى وأنا اتفق معه في ذلك أن لا تعارض بين الرقابة والاستقلالية، فالرقابة تمنع جنوح بعض الإدارات وتفردها باتخاذ القرارات، والسلطة التي تخضع للقوانين والتشريعات لا تتناقض مع المسؤولية، لكنني اختلف مع الدكتور بالنسبة لموضوع إعادة التشكيل فقد اتفق معه تاجيل ذلك لانتهاء مدة تلك المجالس لكن يجب الا يتم تشكيلها بطريقة لا تؤدي الغرض منها وتسهم بتحقيق الأهداف التي وجدت من اجلها.

وأضيف هنا أن الرقابة والاستقلالية تكملان بعضهما، وتحافظان على العلاقات بين مجالس الأمناء وإدارات الجامعات، وتزيدان من مستوى التنسيق والتشاركية في اتخاذ القرارات بين الطرفين، هذا كله مرتبط بثلاثة أمور أولها مدى إدراك والتزام كل منهما بالقوانين والتشريعات الناظمة لعمله، وهما بالتأكيد مدركان لذلك، فلا يحق لأي كان إتهام أي منهما ما لم يثبت العكس وبالقرائن، وثانيها الالتزام بتطبيق القوانين والتشريعات التي تحكم عمل كل منهما بنزاهة وحيادية والتي لا يجوز التشكيك بتميزهم بها ما لم توجد أدلة تثبت غير ذلك، وثالثها أن تكون مصلحة قطاع التعليم العالي الأردني عامة، والجامعة بخاصة والطلبة هي القاسم المشترك بين المجلس وإدارة الجامعة.

وأؤكد في هذا المجال ضرورة أن يكون تقييمنا وحكمنا على الأشياء بنتائجها لا أن نحتكم لأهوائنا وما يخدم مصالحنا او يتعارض معها، فالخطأ بالتطبيق أو التجاوز من بعض أعضاء المجالس أو الإدارات لا يعني حل المجالس أو اتهامها والتشكيل فيها، وأي تجاوز قد يحصل من أي طرف فلدينا القضاء الذي يمكننا اللجوء إليه.

 

 

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/30 الساعة 21:14