الرجبي يكتب: هَلْ طموح الشعب مُشْكِلَة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/29 الساعة 22:11
د. مَحْمُودٌ أبُو فَرْوَةَ الرَّجَبِيُّ الشعب الأردني بكافة مكوناته طموح، وَيُحِب الْحَياة، وَيَعْمَل عَلَى تطوير نَفْسه، والدليل هُوَ الإقبال الشَّديد عَلَى التَّعْلِيم بمستوياته كلها، رَغْم التكاليف العالية، وَالـمُشْكِلات الاقتصادية، وضيق اليد، فَهَلْ تحول هَذَا الطموح المحمود إلى مُشْكِلَة للأردن؟ فِي الحَقِيقَة أن الطموح هُوَ الأساس للتقدم، وَلَكِن الطموح الأردني يُعَانِي من عدة إشكاليات يُمْكِنُ فِي حَالَة تجاوزها أن يُصبح طموح شعبنا ذهبي بامتيار. الأولى: الولع بالشهادات دونَ انعكاس ذلِكَ عَلَى البَحْث العلمي، والتطوير بِشَكْل كَافٍ، لا يَسْتَطِيع إنسان أن ينكر التطور الَّذِي تعيشه الأرْدُنّ فِي مَجَالات عديدة، وبتنا اليَوْم نرى الأمية عَلَى سبيل المثال تُصْبح من الـمَاضِي البَعيد، وحققنا إنجازات جَمِيلَة فِي مَجالات الطب، وصناعة الأدوية، والهندسة، وَالبِنَاء، وعدد من الصناعات الـمُخْتَلِفَة، وَمَع ذلِكَ فإن نشاط الأردنيين العلمي ليْسَ بالمستوى الـمَطْلُوب، ومِن الـمُهِم لَنَا أن نوجه كثيرًا من طاقات الشباب نَحْوَ التَّعَلُم فِي مَجَال الابتكار والريادية. الثَّانية: عدم قُدْرَة الإدارة الحكومية عَلَى متابعة التطورات الكبيرة بِعَدَدٍ السكان، والخريجين، وَربَّمَا كانَ هُنَاكَ مبرر لِهذا العجز وهُوَ الزيادات السكانية الناتجة عَن الولادات الطبيعية والهجرات القسرية، والظروف الـمُحيطَة بِنَا، وَهَذِهِ كلها مبررات موضوعية منطقية، وَمَع ذلِكَ لا بُدَّ للإدارة الأردنية أن تجترح المعجزات لِلوُصُولِ إلى بر الأمان، فَهُنَاكَ دول كَثِيرة فِي العالم تواجه ما نواجهه وبعضها تَمَكَنَت من الخُرُوج من عنق الزجاجة، وهَذَا يَحْتاجُ إلى إدارة تَتَعامَل بعقلية استراتيجية بَعِيدَة الـمَدَى، وتعمل عَلَى توظيف الطاقات الـمُبْدِعَة، ووضعها فِي الـمَكَان الـمُنَاسِب، وَجَعَلَهَا جزءًا من النظام الإداري والفني كَيْ نتمكن من تحقيق النمو المعول عَلَيْهِ الخُرُوج من الأزمة الاقتصادية، كَمَا أن الإدارة الحكومية تُعَانِي من الترهل، وزيادة التعيينات عَلَى حساب الكفاءة، وهَذَا يَحْتاجُ إلى مَشَارِيع واسعة بِحَيْثُ نتمكن من تحقيق نمو يستوعب الخريجين، وَفِي الوَقْت نَفْسه نحافظ عَلَى الكفاءة فِي الإدارة، وَهِيَ مُعادَلة لَيْسَتْ مستحيلة، وإن كانَت صعبة لِعِدَّةِ ظروف موضوعية. الثالِث: النظرة التَقْلِيدِيَّة للتعليم عَلَى أنه للتوظيف، وإذا استطعنا فِعلًا أن نعدل قليلًا فِي المعادلة بأن نضيف إليْهَا أنه أساس للإبداع والابتكار، وهَذَا من شأنه أن يوفر فرص عمل قوية، وقادرة عَلَى تحقيق المعجزات، قَدْ تُصْبح الأمور أحسن. من نافلة القول أننا – فِي العالم كُلهُ – نتجة أكثر وأكثر نَحْوَ اقتصاد الابتكار، وبات العالم يولد فُرْصَة عمل ابتكارية، وإبداعية أكثر من أي وَقْت مضى، لِذَلِكَ لا بُدَّ من توجيه المُخْرَجات الجامعية لتواكب هَذِهِ التغيرات، وَتُساعد عَلَى توفير عَقْليَّة مُناسِبَة لِهَذِهِ الوظائف، فينعكس الأمر عَلَى سوق العَمَل. لَم وَلَنْ يَكُون طموح الشعب مُشْكِلَة إذا تمكنا من استيعابه بمزيد من الإبداع، والابتكار، والنمو. Mrajaby1971@gmail.com
  • الأردن
  • عالية
  • اقتصاد
  • شباب
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/29 الساعة 22:11