الطيب تزيني.. عندما بكى على وفاة سورية؟
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/28 الساعة 01:44
المفكر السوري الطيب تزيني رحل عن عالمنا مؤخرا عن عمر يناهز 85 عاما. التزيني لم يغادر حمص مسقط رأسه، ورغم الدمار الهائل والفظيع الذي اصاب المدينة خلال السنوات الاخيرة من الحرب السورية.
في ندوة عقدت بطنجة عام 2015، ندب التزيني وطنا، ولم يستطيع أن يحبس دموعه وأجهش بالبكاء، وهويتحدث عما اصاب بلاده سورية من ويلات ومصائب وكوارث وانهيار ودمار. -ويمكن ايها السادة متابعة الفيديو على السوشيال ميديا -. لربما أنه دون تدخل لمعالجات «فوتوشوب « فالمقطع يختصر الازمة والكارثة السورية من الالف الى الياء، وكيف يندب مثقف بلادا ذاهبة الى الهاوية؟
في فيديو طنجة بكى التزيني ما يجري لبلاده مستذكرا أمام مستمعيه الرفعة الوطنية السورية، وفي زمن رد فيه السياسي، الوزير ورئيس مجلس النواب، السوري المسيحي، فارس الخوري (توفي في 1962)، على المستعمر الفرنسي الذي أراد استخدام مسيحيّته في التفرقة بين السوريين، بما يليق، وبكل سموٍّ ومهابةٍ مكينة. كان تيزيني، في هذا الشاهد، يدلل على الوطنيّة السورية في مسار تكوّن دولتها، ومن ثم سالت من عينه دموع الحسرة، وشردقات تنعي وطنا، وفي بكاء لربما طال انتظاره على وطن ينهار، وتكشف أسى عن اعلان وفاة سورية الراهنة، والبعيدة عما نبه اليه فارس الخوري ورفاقه من بني سورية الوطنية الموحدة والجامعة والصادة لكل خارج ومعاد وضد كل شر.
التيزيني من مؤلفاته: بيان في النهضة والتنوير العربي ومن التراث الى الثورة، والفساد والإفساد واستكشاف اسئلة الفكر العربي الراهنة. وحتى لا ننسى أنه من اعلام التنوير والاصلاح والديمقراطية، وخاض معارك وسجالات بشأن نهضة الأمة وتجديد واصلاح الفكر العربي والاسلامي، وحامل لمشروع مسكون برهان وطني وفكري، منحاز الى اليسار، والتقدمي من التراث العربي والاسلامي، الى الثورة على كل عوامل التخلف والجهل والرجعية والجمود، وانكب على إعادة قراءة تاريخية نقدية للتراث العربي والاسلامي في كتابه من التراث الى الثورة.
وفي كتابه اسئلة النهضة والتنوير تنبه تزيني الى أن سورية خسرت المشروع السياسي والثقافي الذي كان يبشر في دولة ديمقراطية وحياة برلمانية. وان هيمنة الحزب الواحد من الاخطاء التاريخية التي أدت الى تعطيل المفهوم الماركسي للثورة، والديمقراطية البرلمانية بعمقها الشعبي، وما قد وقعت به الاحزاب القومية ومنها البعث، وأدت الى خسارات نهضوية فظيعة للمشاريع الماركسية والقومية.
وفي اطروحته «من ثلاثية الفساد الى قضايا المجتمع المدني «، والتي قدمها بعد ما عاد من برلين يقول: لقد اكتشفت في اوائل السبعينات مجتمعا سوريا آخر، نخره الفساد، وقد قامت السلطة بإعادة بناء المجتمع وفقاً لهذه الرؤية التي تقوم على اقتصاد خراجي مافيوي أطاح الطبقة الوسطى، وهشّم القوانين، وأفسدَ النخب «.
ومن هنا تحديدا، دخل تيزيني في سجالات فكرية لتفكيك الدولة الامنية، وميكانيزم الاستبداد ، وهو يرى أن «هدف الاستبداد السلطوي للدولة الامنية تجفيف المجتمع من كلّ الرهانات المناهضة لفكرة الاستبداد، بقصد الاستئثار بالسلطة والثروة، والرأي العام، والحقيقة».
في جغرافية الفكر العربي بمشرقه ومغربه، والمهجر. فان تزيني احتل مكانا متقدما بمشروعه واطروحاته الثقافية والفكرية والفلسفية، والى جانب جورج طرابيسي ومحمود امين العالم وحسين مروة، ومهدي عامل وعبد الحسين شعبان من المشرق العربي، ومحمد عبد الجابري و محمد اركون، وعبدالله العروي من المغرب العربي.
الدستور
في ندوة عقدت بطنجة عام 2015، ندب التزيني وطنا، ولم يستطيع أن يحبس دموعه وأجهش بالبكاء، وهويتحدث عما اصاب بلاده سورية من ويلات ومصائب وكوارث وانهيار ودمار. -ويمكن ايها السادة متابعة الفيديو على السوشيال ميديا -. لربما أنه دون تدخل لمعالجات «فوتوشوب « فالمقطع يختصر الازمة والكارثة السورية من الالف الى الياء، وكيف يندب مثقف بلادا ذاهبة الى الهاوية؟
في فيديو طنجة بكى التزيني ما يجري لبلاده مستذكرا أمام مستمعيه الرفعة الوطنية السورية، وفي زمن رد فيه السياسي، الوزير ورئيس مجلس النواب، السوري المسيحي، فارس الخوري (توفي في 1962)، على المستعمر الفرنسي الذي أراد استخدام مسيحيّته في التفرقة بين السوريين، بما يليق، وبكل سموٍّ ومهابةٍ مكينة. كان تيزيني، في هذا الشاهد، يدلل على الوطنيّة السورية في مسار تكوّن دولتها، ومن ثم سالت من عينه دموع الحسرة، وشردقات تنعي وطنا، وفي بكاء لربما طال انتظاره على وطن ينهار، وتكشف أسى عن اعلان وفاة سورية الراهنة، والبعيدة عما نبه اليه فارس الخوري ورفاقه من بني سورية الوطنية الموحدة والجامعة والصادة لكل خارج ومعاد وضد كل شر.
التيزيني من مؤلفاته: بيان في النهضة والتنوير العربي ومن التراث الى الثورة، والفساد والإفساد واستكشاف اسئلة الفكر العربي الراهنة. وحتى لا ننسى أنه من اعلام التنوير والاصلاح والديمقراطية، وخاض معارك وسجالات بشأن نهضة الأمة وتجديد واصلاح الفكر العربي والاسلامي، وحامل لمشروع مسكون برهان وطني وفكري، منحاز الى اليسار، والتقدمي من التراث العربي والاسلامي، الى الثورة على كل عوامل التخلف والجهل والرجعية والجمود، وانكب على إعادة قراءة تاريخية نقدية للتراث العربي والاسلامي في كتابه من التراث الى الثورة.
وفي كتابه اسئلة النهضة والتنوير تنبه تزيني الى أن سورية خسرت المشروع السياسي والثقافي الذي كان يبشر في دولة ديمقراطية وحياة برلمانية. وان هيمنة الحزب الواحد من الاخطاء التاريخية التي أدت الى تعطيل المفهوم الماركسي للثورة، والديمقراطية البرلمانية بعمقها الشعبي، وما قد وقعت به الاحزاب القومية ومنها البعث، وأدت الى خسارات نهضوية فظيعة للمشاريع الماركسية والقومية.
وفي اطروحته «من ثلاثية الفساد الى قضايا المجتمع المدني «، والتي قدمها بعد ما عاد من برلين يقول: لقد اكتشفت في اوائل السبعينات مجتمعا سوريا آخر، نخره الفساد، وقد قامت السلطة بإعادة بناء المجتمع وفقاً لهذه الرؤية التي تقوم على اقتصاد خراجي مافيوي أطاح الطبقة الوسطى، وهشّم القوانين، وأفسدَ النخب «.
ومن هنا تحديدا، دخل تيزيني في سجالات فكرية لتفكيك الدولة الامنية، وميكانيزم الاستبداد ، وهو يرى أن «هدف الاستبداد السلطوي للدولة الامنية تجفيف المجتمع من كلّ الرهانات المناهضة لفكرة الاستبداد، بقصد الاستئثار بالسلطة والثروة، والرأي العام، والحقيقة».
في جغرافية الفكر العربي بمشرقه ومغربه، والمهجر. فان تزيني احتل مكانا متقدما بمشروعه واطروحاته الثقافية والفكرية والفلسفية، والى جانب جورج طرابيسي ومحمود امين العالم وحسين مروة، ومهدي عامل وعبد الحسين شعبان من المشرق العربي، ومحمد عبد الجابري و محمد اركون، وعبدالله العروي من المغرب العربي.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/28 الساعة 01:44