الهولوكوست السوري
لم يبق في سوريا شئ لم يحترق، البنيات، الطرقات، الأسواق، المزارع، الأطفال، النساء، الرجال، الشيوخ، حتى الحيوانات تم التباهي بقتلها وحرقها مثلها كمثل أي شيء اخر. اذا نظرت إلى سوريا وجدتها تحترق من شمالها الى جنوبها، ومن شرقها الى غربها، وأصبح القتله ابطالاً باسم محاربة الإرهاب، ولا بواكي للشعب السوري.
المحرقة السورية التي جرت وما زالت تجري وتحت غطاء عالمي ملوث بالعار، وقد مات الأمل في قلوب السوريين، من تلك اللامبالاة والتفنن في اختلاق الاعذار والأسباب من الامم المتحدة او ما يسمى بالمجتمع الدولي لوقف المحرقة او حتى الإدانة المباشرة للنظام السوري الطائفي الدموي وزبانيته من الإيرانيين واللبنانيين (حزب الله) والروس وغيرهم والذين ما انفكوا لأكثر من ٦ سنوات عن قتل وسحل وحرق كل ما هو سوري.
ان التاريخ لن يرحم هؤلاء الذين خذلوا الشعب السوري، وسيتذكرهم فقط في مزابل التاريخ لتآمرهم وتواطئهم على تسهيل آلة القتل الطائفية لأهل سوريا ومن ناصرهم. وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك فشل منظومة الامم المتحدة، واستحالة فرض السلم والأمن العالميين في ظل تفرد خمسة دول بحق النقض (الفيتو) دون باقي الدول، فأرادت دولة واحدة تملك حق النقض تساوي جميع إرادات دول العالم مشتركة، وهذا هو الخلل الأساسي في الامم المتحدة واذا لم يتم استدراكه وتغيير نظام التصويت، فإن هذه المنظمة آيلة الى السقوط لا محالة، وقد يتحول العالم الى معسكرات وتحالفات قد تسّرع قيام الحرب العالمية الثالثة.
إن العالم يتذكر كل عام المحرقة اليهودية ويحزن لها، ولكن السوريين يحرقون كل يوم ولا نجد من يهتم لأمْرهم سواءاً من محيطهم العربي او من الدول الكبرى، وأصبح همّ العالم اجمع هو محاربة الإرهاب، فهل تناست دول العالم عدم وجود ما يسمى بالإرهاب قبل قيام النظام السوري بحرق شعبه؟ وهل محاربة ما يسمى بالإرهاب تنسي العالم جرائم النظام السوري ومن عاونهم في حق المدنيين السوريين؟ أين العدالة في ذلك؟! الإجابة: لا يوجد عدالة، والسبب هو اتجاه إرادة الدول المؤثرة في العالم الى ترك النظام السوري ومن يناصرونه بالاستمرار في قتل وحرق سوريا الشعب والدولة بحجة محاربة ما يسمى بالإرهاب من اجل أهداف قد تكون أيديولوجية، او اقتصادية، او حتى ترك روسيا تغرق في المستنقع الروسي وهي بلا شك وإن كانت حقيقية، فأنها أولاً وأخيرا غير أخلاقية.
إن من يدعون العدالة، والحريّة، والعيش بسلام هم اول من تآمر على هذه المبادىء، وهم ليسوا فقط أعداء الشعب السوري، بل انهم أعداء للانسانية جمعاء، ويجب علينا جميعا كشف أقنعتهم والعمل على تعريتهم حتى نستطيع مواصلة العيش بكرامة وإلا فنحن لسنا بأفضل منهم.
* خبير فُض نزاعات/استراليا