“المحبة مبینة بوجه راعیها....“

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/21 الساعة 00:58
العلاقة التي تنشأ بین الانسان والمكان مهمة وتعكس نفسها على مختلف الأوجه للعلاقات الثانویة الأخرى. فهي إما تزیدك تعلقا بالمكان وأهله وأجوائه أو تشعرك بالغربة والفجوة والجفاء. الطیور تعتاد أعشاشها والوطاوط تتدلى من أسقف الكهوف التي اختارتها في حالة من الارتیاح والدلال مثلما تعود الابل عند كل مساء الى نفس المكان الذي اختاره الاهل لها ولا تبرحه الا وعیونها على جنباته كونها لا تطیق البعد عنه . في كل مرة یثار فیها الموضوع تتملكني مشاعر مختلطة أجد نفسي منساقا نحو الصور الشعریة الرائعة في أعمال الراحل حبیب الزیودي في قصائده التي تناولت بحرفیة ومهارة القیم والمشاعر التي تجمع الافراد وتبني هویتهم فتوحد مشاعرهم تجاه انفسهم وغیرهم والعالم. الوصف الذي تمیز به الزیودي ینفذ الى أعماق الوجدان الاردني فیحیل الكلمات الى صور واللحن الى الوان والایقاع الى رقصة تشحن السامع بطاقة لا یعرف بوجودها قبل تسلل الصور الى اللاوعي لتشحنه بالحب والزهو والسمو. براعة الشاعر في استكشاف اركولوجیة الوجدان الاردني والعزف علیها جعلت من أشعار حبیب اغاني تنتظم على ایقاعها الدبكات وموسیقى یفهمها الصغار والكبار وكلمات ترددها الجدات في الاریاف والمدن والمخیمات على حد سواء. الیوم وانا اتطلع في وجوه من یزاودون على الغیر في الوطنیة والانتماء وهم متجهمون وغاضبون تغیب عن تضاریس وجوههم ملامح الفرح والحب والتقبل استذكر قول حبیب “ یا حبیبي لا تعذر بالمحبة...المحبة مبینة بوجه راعیها “ فالمحبة والوطنیة لا تحتاج الى مواعظ ولا الى شهادات یصدرها موظف او مسؤول باعتبارها جزءا من المهام التي یقومون بها ظنا منهم ان الوطن یقوم على أكتافهم وقد یكون في خطر إن توقفت تكشیراتهم وعبوسهم متناسین أن الاوطان هي فضاءات للحب والسعادة والرخاء والكرامة ولیس مربعا للاتهام والمضایقة والمزایدات. في الاردن ینهض في كل صباح الملایین من العمال والزراع والنساء یتوجهون للورشات والمزارع والمصانع والمتاجر والمرافق الخدمیة والتنمویة والسیادیة وهم یعلمون أنهم یخدمون بلادهم بشرف وأمانة دون الحاجة الى تكشیرة الوعاظ او اتهام المسؤول المدجج بالغضب. لا اظن أن من حق أي منا أن ینصب نفسه حامیا وراعیا للوطن ومصالحه ویضفي على نفسه ومسیرته الخاصة صبغة تحط من مواقع ومراكز ومقاصد الغیر فالناس لا یحتاجون لمن یزكي وطنیتهم او یضفي علیها احكاما لایملك الحق في اطلاقها. تجربة البلاد مع بعض من أشغلوا المواقع العامة لم تكن خالیة من الخیبات فقد مثل بعضهم امام المحاكم واتخمت الحسابات البنكیة لبعضهم وهجر بعضهم البلاد للعیش في عواصم العالم او العمل لدى انظمة البلدان وسط كثیر من الاسئلة والاستفسارات عن مصیر الخطب والقرارات والمبادرات والتكشیرات التي اطلقوها وهم یظنون انهم حماة الدیار والاكثر حرصا علیها. بعیدا عن الفشخرة والاستعراض یبدي الدهین المصري ابو عبده تعلقا استثنائیا وحبا عفویا وهو یتحدث عن بیته الذي زرع حدیقته بمختلف الاشجار المثمرة ویصف طبائع زبائن مشغله الحرفي وتنوع الثقافات الاردنیة والمزاج الشعبي من غیر ان یجرح بكلمة او بنبرة صوت وطنیة الافراد او الجماعات التي عرفها من خلال التفاعل الیومي العفوي غیر المدجج بالغضب والاتهام. لا اظن ان الایجابیة والسماحة التي تحلى بها الاردن كانت لتدوم لو تصرفت الاجیال السابقة ممن تشرفوا بخدمة البلاد بالروح الاتهامیة وقسوة الاحكام والانقلاب على الرواد التي تتبدى من وقت لآخر في سلوك بعضنا هذه الایام
بالنسبة لابو عبدة ولي ایضا فإن في الاردن سحر وغنى وسماحة ما كانت لتنمو لولا التنوع والحریة والابتسامة وغیاب من ظنوا أن الحب والوطنیة حرفة او وظیفة او مهنة لا یتقنها غیرهم . ففي سلوك من یقود الحافلة بهدوء وأمن ومن یطارد السارق وینقذ الجرحى ومن یطالب بالاصلاح ووقف الفساد مواطنة لا تحتاج الى شهادة من أحد. الغد
  • أعمال
  • الاردن
  • تقبل
  • مال
  • نساء
  • المزار
  • محاكم
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/21 الساعة 00:58