خطورة المديونية الأجنبية

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/12 الساعة 23:51
كنا وما زلنا نحسب الدين العام كرقم واحد بصرف النظر عما إذا كان ديناً محلياً محرراً بالدينار أم ديناً أجنبياً محـرراً بالدولار أو العملات الأجنبية الأخرى ، والغريب في الأمر أن صندوق النقد الدولي بدوره يتعامل مع المديونية الأردنية كوحدة واحدة ، دون التمييز بين المديونية بالعملة المحلية والمديونية بالعملات الأجنبية.

هذا التقليد خطأ فادح ، فهو يتعامل مع الدين المحلي والدين الخارجي على قدم المساواة ، مع أن خطورة الدين الخارجي كبيرة وخطيرة ، وقد تضع الدولة المدنية تحت رحمة نادي باريس للديون التجارية ونادي لندن لديون الدول خلافاً للدين المحلي حيث يكون الأردن قد اقترض من نفسه وليس مسؤولاً أمام قوى أجنبية.

الاتجاه العام في السنوات الأخيرة هو ميل الحكومات الاردنية إلى الاقتراض الخارجي بالرغم من توفر التمويل المحلي ، وحجتها عدم منافسة القطاع الخاص على تسهيلات البنوك ، مع أن سيولة البنوك (الفائضة) مودعة في البنك المركزي بدون فائدة ، وجاهزة للإقراض عندما يوجد المقترض المؤهل.

ارتفع إجمالي الدين العام الأردني خلال السنة الماضية (2016) بنسبة 9ر4% أو بمقدار 2ر1216 مليون دينار ، ولكن تصنيف هذه الزيادة يدل على أن ثلاثة أرباعها جاء من مصادر خارجية بالعملة الأجنبية ، وبذلك يكون الدين العام الخارجي (وهو مقياس الخطورة) قد ارتفع خلال السنة بنسبة 7ر9% ، وتكون نسبته من إجمالي الدين العام قد ارتفعت من 7ر37% إلى 5ر39% ، ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد ارتفعت من 35% إلى 5ر37%. وهي نسب عالية ومتجهة للمزيد من الارتفاع.

ليس في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي توجيه حول هذا الموضوع ، فالدين في نظر الصندوق هو الدين سواء كان محلياً أو أجنبياً مع أن الفرق شاسع ، فالدول لا تفلس بعملتها المحلية لقدرتها غير المحدودة على الإصدار ، ولكنها معرضة للأزمة عندما تعجز عن تسديد التزاماتها بالدولار المستحقة لدول وبنوك أجنبية أو مؤسسات دولية لأنها لا تملك سلطة إصدار دولارات ، ولا بد من كسب هذه الدولارات بعمليات اقتصادية كالصادرات ، وهي في حالتنا لا تكفي لتغطية سوى ثلث كلفة المستوردات ، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على حصيلتها لتسديد القروض الخارجية.

وبعد ، فليس من قبيل الصدفة أن توصف العملات الاجنبية في هذا المجال بأنها عملة (صعبة) ، فلا يجوز التوغل فيه.

الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/12 الساعة 23:51