العرب بين القمة والقاع

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/12 الساعة 12:25
تسعى جامعة الدول العربية في حدودها العليا إلى تقريب وجهات النظر المختلفة و تعزيز العمل العربي المشترك، بالرغم كونها فكرة وزير الخارجية البريطاني انطوني ايدن عام 1945 والذي حاول تقديمها كبديل عن المشاريع الوحدوية الحقيقية التي كان يطرحها الملك عبدالله الاول بن الحسين استناداً لفكر الثورة العربية الكبرى، كوحدة الضفتين مروراً بسوريا الكبرى ثم الهلال الخصيب حتى الوصول إلى وحدة آسيا العربية ثم كل الوطن العربي، كما خطط والده الشريف الحسين بن علي والذي أشعل ثورة العرب الكبرى لتحقيق ذلك.

لا ارغب ان أكون متشائماً، ولكن للأسف حتى الاسم في حد ذاته يقف عائقاً امام تحقيق الحد الادنى من الوحدة اقتصاديةً كانت أم أمنية مع استبعادنا للوحدة السياسية التي لا يراد لها أن توجد اصلاً. فهو يؤكد على محاولة جمع صيغ التعاون الخجول من جهة وفي الوقت ذاته يصر على استخدام توصيف الدول العربية بالمجموع مؤكداً على قطريتها من جهة اخرى ، ومنذ التأسيس لم تكن هناك نوايا حقيقية لتغيير الاسم للاتحاد العربي مثلاً والذي يعني بالضرورة تغيير بعض ما جاء بالميثاق الذي يقطع الطريق اليوم على أي توجه نحو التكامل والاندماج والتعاون ولو على صيغ الاتحاد الاوروبي أو غيره بالمفهوم الكونفدرالي.

في قمة سرت – ليبيا كان هناك اقتراح بتغيير اسم الجامعة العربية إلى الاتحاد العربي، على الاقل حتى لا يمل المواطن العربي طوال ستين عاماً من اسم عديم لجسم عقيم، فلقد اعتاد الشارع العربي نهايات محبطة لمؤتمرات القمم العربية؛ لأنها لم تلب اقل الطموحات العربية الجامحة نحو المزيد من الكرامة والعزة، إلا أن المعارضة الشرسة كانت حاضرة وبقوة وبخاصة من الرئيس المصري السابق مبارك والذي أكد على ضرورة ألا يمثل تطوير العمل العربي قطيعة مع الإرث التاريخي، مشددا على أهمية الإبقاء على مسمى «جامعة الدول العربية»، سواء في المضمون أو الاختصاصات.

إن نشوء مجاميع عربية دون اقليمية كاستجابة لمستجدات الاقليم والسعي الحقيقي للوحدة، كمجلس التعاون الخليجي، و الاتحاد المغاربي، و مجلس التعاون العربي والذي كان الاردن أحد أركانه؛ كفيل بأن يكشف لنا ضعف الجامعة العربية في تحقيق الحد الادنى من أهدافها وخاصة فيما يتعلق بتحقيق الامن القومي العربي، كما يعزز ذلك بروز اهمية العامل الجغرافي على بقية العوامل الاخرى وفي طليعتها الهوية العربية الجامعة.

في ظل الظروف المأساوية التي تمر بها الامة العربية من العراق الى سوريا واليمن وليبيا، وفي ظل ثبات الفواعل ذاتها بصيغها و أدواتها الحالية فهي أقل من أن يكون لها أدنى تأثير في مسرح السياسة الدولية، فالجغرافيا والديموغرافيا العربيتين مجزأتين إلى وحدات اقتصادية متباينة وانساق سياسية متعادية و انماط اجتماعية متكلسة، تخلت عن مشروعها الوحدوي، فإذا كانت الدول المستعمرة - بكسر الميم - ترى في العمل الجماعي والاحلاف ضالتها، فإن بعض الدول التي كانت مستعمرة - بفتح الميم - لا زالت ترى في الوحدة الاقتصادية الطريق نحو نزع سلطان حكامها من يملك الشرعية منهم ومن يفتقدها.

قمة عمان 2017 برئاسة جلالة الملك عبدالله الثاني تعمل على بعث الامل من جديد فدائماً ما كان مصدر الصالح العربي ينطلق من الاردن، وهنا نتساءل هل ستحمل القمة العربية النكهة والمشروع الاردني العروبي المطالب دوماً بلم الشمل العربي؟ وطرح قضايا من شأنها أن تؤسس لمرحلة وحدوية ولو بعد حين، من قبيل الدعوة لإصلاح ميثاق الجامعة على نحو يحقق مبدأ الاغلبية باتخاذ القرارات، و الضغط على اسرائيل فيما يتعلق بملف حل الدولتين، وسحب المبادرة العربية المطروحة منذ أكثر من عقد والتي تتعفف اسرائيل عن القبول بها. إضافة إلى التأكيد على أهمية جعل منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل، والبدء الفعلي بتبني السوق العربية المشتركة، وطرح رؤى أردنية لحالات عدم الاستقرار التي تواجها بعض الدول العربية، وأهما دعم جهود المبعوث الدولي دي ميستورا لحل القضية السورية بما يحفظ وحدة الاراضي، ويحقق الحد الادنى من توخي العدالة والمساندة الدولية للدول الحاضنة للاجئين وعلى رأسها الاردن، وطرح صندوق عربي لمواجهة الازمات.
adel.hawatmeh@gju.edu.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/12 الساعة 12:25