العمرو يكتب .. مجالس أمناء الجامعات الرسمية .. ألا يكفي عُقماً واحراجاً ؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/13 الساعة 10:55

نضال العمرو
مجالس الأمناء
في كل دول العالم المتحضر يكون للجامعات سواء الرسمية أو الخاصة دورٌ وهدفٌ سامي يتمحور حول جودة التعليم العالي وقدرته على تخريج كفاءات مؤهلة قادرة على قيادة الرأي وتطويره في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والمجتمعية من خلال تفعيل البحث العلمي وما ينتج عنه من استحداث للأساليب العلمية المتطورة من قبل الطلبة الخرّيجين للنهوض بالاوطان سياسياً و اقتصادياً واجتماعياً لمواجهة التحديات التي تحيط بالمجتمعات المحلية والاوطان بشكل عام .

ترتأي حكومات تلك الدول ومن منطلق التوجه الديمقراطي المتّبع لديها بتشكيل مجالس أمناء لتلك الجامعات بحيث تتوافر لدى اعضاء هذه المجالس الخبرة والمقدرة على القيام بالمسؤوليات الموكولة إليهم في سبيل تحقيق أهداف كل جامعة حسب اختصاصاتها للإرتقاء بالاداء التعليمي والتميّز بين أقرانها من الجامعات المحلية والعالمية .

سُنَّ لدينا في الاردن قانون خاص بالجامعات الرسمية وُسِمَ بالرقم 18 لعام 2018 تتحدث المادة الثامنة منه على أن يكون لكل جامعة مجلس يسمى " مجلس الأمناء " يتألف من رئيس واثني عشر عضوا ، ممن يحملون الدرجة الجامعية الأولى كحد أدنى ؛ وأن يتولى هذا المجلس الموقر كما تنص المادة العاشرة من نفس القانون مهام وصلاحيات منها رسم السياسة العامة للجامعة وإقرار الخطة الاستراتيجية السنوية للجامعة ومتابعة تنفيذها ؛ كذلك تقييم أداء الجامعة من الجوانب جميعها بما فيها الأكاديمية والإدارية والمالية والبنية التحتية، ومناقشة تقارير التقييم الذاتي المقدمة منها دورياً وتقديم تقرير سنوي عن أداء الجامعة ورئيسها إلى مجلس التعليم العالي وكذلك تعيين نواب الرئيس والعمداء في الجامعة ورؤساء الفروع وغيرها مستندين لخبرتهم في ادارة الجامعات وكفاءة المُرشحين للشواغر .

معالي وزير التعليم العالي ...
يجهل الكثير من أعضاء مجالس الامناء الحاليّه ( مع الاحترام لهم ) للمهام الموكولة إليهم ؛ ويعتقدون أن دورهم خدمي بحت كأي رئيس إدارة محلية او بلدية أو مجلس قروي ؛ لدرجة أنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية لأنظمة وقوانين الجامعات ؛ بل بلغ الامر في بعض اعضاء هذه المجالس أن يحملون قصاصات ورق في جيوبهم مضمونها الواسطات وفي حال تمريرها يكون الامر هتكٌ للأنظمة والتعليمات التي تسنها الوزارة من جهة وإدارات الجامعات من جهة أخرى ؛ وإذا جوبهت واسطاتهم بالرفض يقومون بتأليب الموظفين على إدارات الجامعات ويدعونهم للخروج اعتصاماً في الشارع !!!

معالي وزير التعليم العالي ...
المتبع عالمياً ان تكون مجالس الامناء بحاكمية عالية المستوى واعضائها ذو خبرة راقية في رسم السياسات و دعم إدارات الجامعات على تنفيذ الانظمة و التعليمات وليس إجبارها على اتخاذ قرارات مخالفة لذلك مهما كان اساس المطالَب جهوية او غيرها .

هل يعقل ان يستعين عضو مجلس أمناء بالجهوية لاثارة الفتنة و كسر كل القواعد السامية للوطنية الصادقة والتمادي في ترسيخ مفهوم الشللية والجهوية المقيته ومخالفة التوصيات الملكية برفض الواسطة ومكافحة الفساد الاداري .

إن مجالس الامناء الحالية لم يتم اختيار أعضاءها وفق منهجية سليمة و نتيجة هذا الخيار أصبح التعليم العالي في جامعات الوطن امام فوضى في توزيع المسؤوليات لينعكس بالتالي على عدم الحفاظ على جودة التعليم و تنمية و تطوير الجامعات.

معالي وزير التعليم العالي ...
ألا تجد أن الحقيقة في تعيين رؤساء واعضاء مجالس أمناء الجامعات الرسمية لدينا في مجملها تخالف نص وروح القانون ومواده المذكورة وتثير استفهاماً لربما تجيبنا عليه معالي الوزير وهو أليس للفايروسات التي ساهمت في تشكيل مجالس امناء الجامعات سبب رئيسي لعقم كل من الجامعات ومخرجاتها على مدار وجودكم في الوزارة لسنوات مضت لكم قبل توليكم الحقيبة وكان الاجدى بكم تغييرها ، أم أنه لازال هناك ضغوط تمارس من هذه الفايروسات رغم التعديلات الاخيرة في مؤسسات الدولة ؟!
أما كان الأجدى بوزير التعليم العالي صاحب الخبرة الكبيرة ان يقوم بتقييم مجالس أمناء الجامعات خلال الفترة الماضية ، وبحث حجم الانجاز ، ومدى تأثيرهم سلبياً على عمل إدارة الجامعات نتيجة للجهوية والفئوية التي تشكلت بها ناهيك عن بعدهم كل البعد عن المعرفة في إدارة الجامعات .

قطعاً معالي الوزير تتذكر الاحراج الذي حصل بعدما صادق جلالة الملك على تسمية بعض أعضاء مجالس الأمناء الذين لا يحملون الدرجة الجامعية التي تأهلهم وتم تغييرهم للأسف بعد ان شاع الخبر بين الناس وحدث ما حدث حينها ؛ هل يعقل ان يرأس بعض مجالس الامناء شخص غير أكاديمي ويفتقر لخبرة ادارة الجامعات ؟ هل أصبحت مجالس أمناء الجامعات تشكل على شاكلة مجالس الإدارات المحلية والبلديات (تمثيل فئوي أو جهوي أو مناطقي أو قبلي) ؟

معالي وزير التعليم العالي ...
ننتظر منك وأنت صاحب الباع الطويل خبرةً في وزارة التعليم العالي أن تُعيد للتعليم الأكاديمي بمستوياته في المملكة الأردنية الهاشمية ألقه وأوجه ونزاهته وتميزه بين مصافي الجامعات الاقليمية والعالمية ؛ فنحن لا نريد لمجالس أمناء الجامعات أن تصبح جائزة للترضية أو للوجاهة أو تنفيعاً مادياً لمتقاعدٍ هنا أو هناك حصل على مؤهله بالواسطة ؛ فيخرج المجلس عن دوره المقدس ويصبح حملاً زائداً على الجامعات يتحكم في قراراتها عن جهلٍ ودون خبرة واتخاذ اجراءات تتناغم مع ميول واهواء أعضائه وخاصة في الجامعات الرسمية على الأقل مما يزيد من بيروقراطية العمل وتعقيد الإجراءات .

بالتالي عليك يا معالي الوزير ان تلحق بهذا المصاب قبل فوات الاوان كي لا نصل الى ما لا يحمد عقباه وتضيع جامعاتنا درة هذا الوطن و يومها لا ينفع الندم وانت خيرُ من يذكر عندما تدخل بعض رؤساء مجالس الأمناء في إدارة احدى الجامعات وكان سبباً في تعثرها و إفلاسها وإرباك وتخبط إدارتها .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/13 الساعة 10:55