اليمن: الأمهات والأطفال تُركوا ليلاقوا حتفهم دون الحصول على الرعاية الطبية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/12 الساعة 13:37
مدار الساعة - لا تستطيع العديد من الأمهات الحوامل اللائي يعانين من مضاعفات أثناء الولادة وأولياء أمور الأطفال المرضى التمكن من الحصول على الرعاية الطبية في اليمن بشكل آمن وفي الوقت المناسب، وغالبًا ما تكون العواقب مميتة، وذلك حسب تقرير صادر عن المنظمة الطبية الدولية أطباء بلا حدود. ويسلط تقرير أطباء بلا حدود الجديد، الذي يحمل عنوان الولادة المعقدة – الأمهات والأطفال اليمنيّون يموتون دون الحصول على رعاية طبية، ويلخص التقرير أثر الحرب على الأمهات الجدد والأطفال دون سن الخامسة عشر من العمر – وهم من بين أكثر الفئات إهمالًا وضعفًا في اليمن، حسبما لاحظت فرق منظمة أطباء بلا حدود العاملة في محافظتي تعز وحجة. وقد تسببت الأطراف المتحاربة في اليمن وكذلك مؤيدوهم الدوليون، بعد أربع سنوات من النزاع، بالانهيار الفعلي لنظام الصحة العامة في البلاد، والذي لا يمكن أن يلبي احتياجات الشعب اليمني البالغ عدده 28 مليون شخص. لقد بلغ عدد الوفيات 36 أم و ء1529 طفلاً – من بينهم 1018 مواليد جدد – في مستشفى تعز حوبان التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في محافظة تعز، ومستشفى عبس الذي تدعمه أطباء بلا حدود في محافظة حجة بين عامي 2016 و 2018. ومن بين الوفيات الذين قضوا في مستشفى تعز حوبان، كان ما يقرب من ثلثهم من أطفال ومواليد جدد لقوا حتفهم بعد الولادة. كما كان الكثير من المواليد الجدد الذين تم إحضارهم إلى منظمة أطباء بلا حدود للحصول على الرعاية يعانون من انخفاض الوزن عند الولادة أو ولدوا قبل موعد ولادتهم، سواء في المنزل أو في عيادات خاصة صغيرة. وكانت أكثر أسباب الوفيات شيوعًا بين حديثي الولادة هي الولادة قبل الموعد والاختناق أثناء الولادة والإصابة بالعدوى الشديدة (تعفن الدم). وترتبط أعداد الوفيات الكبيرة جدًا بعدد من العوامل، معظمها نتيجة مباشرة للحرب. وتشمل هذه العوامل الافتقار إلى المرافق الصحية العاملة في اليمن، والصعوبات التي تواجه الأشخاص في الوصول إلي تلك المرافق، وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف البدائل. كما يتوجب على العديد من الأشخاص عبور الخطوط الأمامية، أو المرور عبر المناطق المحرمة، أو التفاوض في طريقهم عبر مختلف نقاط التفتيش للوصول إلى أحد المستشفيات التي لا تزال عاملة. اضطرت بعض الأمهات والأطفال الذين تم إدخالهم إلى مستشفى تعز الحوبان للسفر عبر الخطوط الأمامية للوصول إلى هناك. الأمر الذي يعرضهم لخطر جسدي ويزيد من وقت الرحلة عدة أضعاف. وكان يمكن لسكان حوبان التي تقع على مشارف مدينة تعز الوصول إلى مستشفى عام في وسط المدينة في غضون 10 دقائق، قبل النزاع؛ أما الآن يمكن أن تستغرق الرحلة ست ساعات. ووفقًا لـ صديقة، وهي إحدى القابلات في مستشفى عبس التابع لمنظمة أطباء بلا حدود: "هذه المسافة البعيدة عن الرعاية الطبية تعدّ مشكلة كبيرة، إذ تحول الغارات الجوية والاشتباكات دون تمكُّن المرضى من السفر، ولا يخرجون ليلًا لأنهم خائفون من تعرضهم للهجوم. ما إن تتعرض أي سيارة للضرب من قبل غارة جوية، فإن كل من بداخلها يقتلوا". هذا الأسبوع فقط، أجبر مستشفى تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في مدينة تعز على تعليق أنشطته الطبية مؤقتًا بسبب تجدد الاشتباكات العنيفة داخل المدينة. أدى هذا العنف إلى إغلاق المستشفى العام الوحيد المتبقي في المنطقة الذي يوفر الرعاية الصحية للأمهات. ويمنع الآن وصول العاملين في المجال الإنساني الطبي من وإلى المستشفى." ويواجه العاملون في مجال الرعاية الطبية نفس التحديات في الوصول إلى المستشفيات كما هو حال مرضاهم. تقول مستشارة العمليات في منظمة أطباء بلا حدود في لليمن، جنى براندت، "لا تؤثر حالة السلامة والأمن على الأشخاص المحتاجين للرعاية الطبية فحسب، بل إنها تؤثر أيضًا على الطاقم الطبي الذي يقدم الرعاية، إذ يفضل موظفونا في المستشفى العمل في مناوبة ليلية لمدة 14 ساعة بدلًا من العمل لمدة ثماني ساعات، وذلك بغية تجنب السفر في الليل بسبب انعدام الأمن على الطرق". وبالإضافة إلى الخوف من انعدام الأمن خلال الرحلة، يخشى الأشخاص أيضًا من تعرض المستشفى نفسه للهجوم – وهي سمة من سمات الحرب في اليمن حتى الآن. يقول خطاب، مدير الصحة النفسية في منظمة أطباء بلا حدود: "تم قصف مستشفى عبس نفسه من قبل، وقد عانت منطقة عبس بأكملها من غارات جوية كثيرة طوال فترة الحرب، فالأشخاص خائفون من تعرضهم للهجوم على الطريق أو أن المستشفى سيتم قصفه مرة أخرى. إذ يظهر الكثير من [هؤلاء المرضى الذين يتمكنون من الوصول إلينا] أعراض اضطراب ما بعد الصدمة". هناك العديد من المحددات التي تحول دون وصول الأمهات والأطفال إلى المستشفى ومنها الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه العديد من الأسر. فقبل تصاعد النزاع في عام 2015، كانت معظم الخدمات الطبية في اليمن يتم تقديمها من قبل المرافق الصحية الخاصة، والتي كانت أسعارها معقولة نسبيًا. أمّا اليوم، فقد تضاءلت قدرة اليمنيين على الحصول على الرعاية الصحية من أي نوع بشكل كبير، إذ أدّى الصراع إلى تدمير الاقتصاد وخفض قيمة مدخرات الناس، مما ترك الغالبية العظمى منهم تعتمد على خدمات الرعاية الصحية العامة المحدودة التي يتم توفيرها. ولا يقتصر الوضع اليائس للأمهات والأطفال المحتاجين للرعاية الطبية على محافظتي تعز وحجة، بل إن المعاناة ذاتها تحدث في جميع أنحاء البلاد، لا سيما في المناطق الأكثر تضرراً بسبب الحرب. تكرر منظمة أطباء بلا حدود، في التقرير الجديد، دعوتها لكافة الأطراف المتحاربة لضمان حماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والسماح للجرحى والمرضى بالحصول على الرعاية الصحية وتخفيف القيود المفروضة على المنظمات الإنسانية لتكون قادرة على الاستجابة للاحتياجات الضخمة في الوقت المناسب. كما تدعو منظمة أطباء بلا حدود منظمات الإغاثة الدولية إلى زيادة استجابتها الإنسانية، وزيادة عدد الموظفين ذوي الخبرة الذين يتم إرسالهم إلى المناطق التي تكون فيها الاحتياجات ضخمة، وضمان تحقيق الإشراف وجودة المساعدات في الوقت المناسب. أطباء بلا حدود في اليمن عملت منظمة أطباء بلا حدود على توسيع نطاق عملها في اليمن منذ تصاعد النزاع في عام 2015. وفي الوقت الحالي، تدير منظمة أطباء بلا حدود 12 مستشفى ومركزاً صحياً في جميع أنحاء البلاد وتقدم الدعم لأكثر من 20 مستشفى أو مرفقاً صحياً في 11 محافظة، وهي: أبين، وعدن، وعمران، وحجة، والحديدة، وإب، ولحج، وصعدة، وصنعاء، وشبوة، وتعز. ومنذ مارس / آذار 2015 حتى ديسمبر / كانون الأول 2018 ، أجرت الفرق التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود 81,102 عملية جراحية في البلاد، وقدمت العلاج إلى 119,113 مريضًا يعانون من إصابات تتعلق بالحرب والعنف، وساعدوا بتوليد 68,702 طفل، وقدموا الرعاية لأكثر من 116,687 مريضًا يشتبه بإصابتهم بالكوليرا. كما يعمل لدى منظمة أطباء بلا حدود 2,200 موظف دولي ومحلي في اليمن وتدفع حوافز لـ 700 من موظفي وزارة الصحة في جميع أنحاء البلاد، حسب بيانات عام 2019 .
  • مدار الساعة
  • مال
  • صحة
  • الوفيات
  • موظفو
  • اقتصاد
  • معان
  • الموظفين
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/12 الساعة 13:37