حدّادين يكتب: البطالة في الأردن
بقلم: يزيد أكثم حدّادين
طلب مني أحد الأصدقاء كتابة مقالٍ عن البطالة كتحدٍ للشباب الأردني، مع العلم أن عمري لا يتجاوز الخامسة والعشرين، وبعد مرور عامٍ على تخرجي من إحدى الجامعات الأردنية، وجدت نفسي عاملاً في أربع مؤسسات في القطاع الخاص. ومع ذلك لم أتردد في الخوض في هذا المقال الذي دعاني إلى أن أفكر بصوتٍ مرتفع لعزو أسباب البطالة، فكما تقول الحكمة العربية، إذا عُرف السبب بطُل العجب، و بالتالي يمكن الخوض في الحلول.
هل البطالة هي صنيعة طرف لطرفٍ آخر؟ أم هي مشتركة؟ هل سببها داخلي، أم خارجي، أم كلاهما؟ هل ظرف الأردن الجيوبوليتيكي هو السبب الرئيس؟ أم أن الإرادة الدولية في استمرار الأردن كسوق مستورد مستهلك له أثر مباشر؟ أم يا ترى عدم كفاءة الفرد الأردني الذي توّرث نهج الإتكال على وظيفة القطاع العام أو العسكرية التي شكّلت ظاهرة البطالة المقنّعة وأفقدت القطاع المشغّل رشاقته هي السبب؟ هل لسوء التنسيق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل الأثر الأكبر؟ أم شُحّ الموارد الطبيعية؟ أم يا ترى سوء الأداء في توجيه الاستثمار إلى القطاعات التي تخلق أكبر عدد من فرص العمل هو حجر العثرة؟ أم ما يسمى بثقافة العيب يتمتع بالدور الأكبر؟ لكن ماذا عن ثقافة أزمة اللجوء؟
كثيرة هي التساؤلات المشروعة المنطقية، لكن أستميحك أيها القارئ عذراً في إبداء وجهة نظري برغم صغر سنّي وبساطة خلفيتي الإقتصادية، جميع ما ذكر من تساؤلات صحيح، فالبطالة في الأردن تُعزى لعوامل خارجية وداخلية، طبيعية وبشرية، وأنا لا أملك عصاً سحرية لحل هذه المعضلة، لكن كل ما أملكه في جعبتي هو دعوة لأطرافٍ ثلاث، قطاع عام، قطاع خاص وعمّال، إلى التعاون من أجل تأطير وصياغة نهج يكون هدفه بشكلٍ رئيس وطني، ألا وهو العدالة الاجتماعية، بحيث على القطاع العام الاعتدال عن الغلوّ في أساليب فرض الضرائب والرسوم على القطاعات الواعدة، بالتالي تشجيع وجذب القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات الواعدة والتي تخلق أكبر عدد من فرص العمل ودعوته للابتعاد عن القطاع العقاري والبنكي الذي يجلب ربحاً كبيراً ويقتل أي محاولة لخلق فرص عمل.
من جانبه ستُصار ثقافة العامل الذي يميل إلى وظيفة القطاع العام التي تتميز عن وظيفة القطاع الخاص بأمنها وعدد ساعاتها القليل، التي انعكست على العامل سلباً بخفض إنتاجيته وإضعاف مهاراته، إلى القبول في الانخراط مع القطاع الخاص شريطة توفير كل ما يستلزمه من حماية مادية ومعنوية تُكفل من قبل قانون عمل يحقق شكلاً من العدالة والتوازن بين طرفي العمل، صيغة من شأنها تحويل الإقتصاد الأردني من شكله الاستيرادي الاستهلاكي إلى إنتاجي تصديري، صيغة تسمح للأردن وطناً وشعباً بالالتحاق في ركب الثورة الصناعية الرقمية الرابعة التي تعتمد بشكل خاص على المهارة لا على رأس المال فقط، حيث سيكون لريادة الأعمال و الإبتكار فُسحة من الإبداع ويكون الشباب بالضرورة عمادها.