انستغرام.. ولكن

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/10 الساعة 01:21
الرغم من أنني لست ناشطا انستجرامیا إلا أنني واحد ممن یتابعون ما یجري تداوله عبر الفضاء الالكتروني تارة للفائدة وأخرى للدراسة وفي أوقات كثیرة للفضول والتعرف على المزاج العام لمجتمع أصبح یعتمد كثیرا على الاجهزة السلكیة واللاسلكیة في القول والتعبیر والتواصل.

منذ ایام عرضت إحدى الناشطات المرموقات على حسابها الانستجرامي صورا و تفاصیل لأرجیلة تتغیر ألوانها بشكل مثیر عند إشعالها حیث یخیم دخانها على المكان وینبعث من تمدیداتها بسلاسة توحي بسهولة الاشتعال ومتعة التدخین. في مقام آخر نشرت نجمة معروفة على حسابها تصویرا حیا لرفیقتها وهي تستكمل مكیاجها اثناء القیادة لسیارتها على طریق عام وسط ضحكات وإعجاب صدیقاتها ودون أدنى اكتراث لقواعد السلامة العامة أو شروط استخدام الطریق. هذه القصص وغیرها نماذج من الرسائل التي یبثها الناشطون في مسعى لتحقیق مزید من المشاهدة واستدراج المتابعین. في تفصیلات المشهد الأول والثاني شيء من الإثارة والتسلیة للمتابع لكن هناك تجاهلا لخطورة هذه العروض على فئات المتلقین فنجوم الاعلام موضع تقدیر وإعجاب وتقلید والبعض یرى في المشاهد المصورة نماذج للسلوك الذي یعجب النجوم ویسترعي اهتمامهم الأمر الذي قد یؤدي بالمتابع إلى تقلید هذه السلوكیات وتبنیها. في الأردن وكما في بقیة أرجاء العالم لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي ترفا یمارسه الأغنیاء والمتعطلون فقد أصبحت قوة لها تأثیر یصعب تجاهله أو إهماله. انستغرام وفیسبوك وتویتر وسناب شات أكثر انتشارا واستعمالا من الوسائل التقلیدیة، فهي الأسرع والأقوى وربما الأقرب لمصادر المعلومات والأكثر تأثیرا على المتلقي. الكثیر من الناشطین یجدون قي الوسائل الجدیدة منابر سهلة للتواصل والتعبیر..في حالات كثیرة أحسن الناشطون استخدام هذه الوسائل فقربتهم من الجماهیر وألغت المسافات وحررت القیود والمحددات التي فرضها الإعلام ووسائطه التقلیدیة على ما قد یقال أو لا یقال. خلال السنوات الأخیرة استطاع دونالد ترامب وبمهارة فائقة أن یوصل آراءه وسیاساته للعالم قبل أن تعرف بها المؤسسات العاملة والأجهزة الرسمیة المختصة الأمر الذي أربك إدارته وجعله یتجاوز وكالات الأنباء وجیوش المندوبین وشبكات الأخبار الأمر الذي أربك مستشاریه ومكنه من أن یقول ما یرید دون إخضاع رسائله للفلترة والتحریر التي طالما تضعها في لغة وسیاق ینزع بعض مقاصدها. في بلادنا یحاول بعض ممن اشتغلوا بالسیاسة وعبروا الخط السریع فیها الإسراف في استخدام وسائل التواصل للحدیث عن إنجازات وهمیة وقیم إنسانیة لا یرى الناس صلة لهم بها وأفكار لا یستطیع المتابع إیجاد رابط بینها وبین الأشخاص لغرابة التشبیهات والبعد عن الهم العام. في مثل هذه الحالات یسهم استخدام الوسائل في إیذاء صورة الناشط وكشف ضحالة تفكیره وقلة نضجه وافتقاره إلى الثقافة الضروریة لإیصال المشاعر وبناء الثقة. في الریاضة والسینما والإعلام وحتى السیاسة یوجد نجوم یحرصون على التواصل مع الجمهور وبث الكثیر من الرسائل التي یعتقدون أنها مثیرة وجاذبة. الصغار والكبار والنساء والرجال من عشاق الریاضة یعرفون اهتمامات رونالدو ویتابعون تفاصیل النشاط الیومي لمیسي وآخر الاستعدادات التي قام كل منهما بها للمباریات القادمة. التواصل الدائم یكرس التوحد مع شخصیة النجم والأحذیة و یدفع به لاقتناء القمصان والأحذیة التي تحمل أسماء هؤلاء النجوم و یمتد الاهتمام لیصل إلى معرفة الشركات التي تنتج ما یحمل اسم كل منهما والعائدات المالیة التي تتحقق ونصیب اللاعب والحقوق التي تتولد له من هذا الإنتاج. في میدان الإعلام یبث الناشطون من النجوم ومضات من برامجهم الیومیة وزیاراتهم والطرائف التي تحصل في محیطهم لیتلقفها الجمهور ویشاركها ویتابعها باعتبارها أجزاء من المحتوى العام لثقافتنا الیومیة المعاشة. التواصل الاجتماعي غني وجاذب یقدم الكثیر من المعرفة والتسلیة والإثارة ویحد من المسافات لكنه قد یصبح أداة للترویج لممارسات وعادات یسعى المجتمع إلى وأدها والتخلص من الضرر الذي قد یتحقق من ممارستها. التدخین والقیادة المتهورة سلوك یقوم به البعض لكن الأول یتم في أماكن محددة والثاني في میادین الریاضات والمهارات الاستثنائیة للأبطال الذین یریدون استعراضها في السینما. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/10 الساعة 01:21