هل نحذو حذو الحكومة في قراراتها؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/08 الساعة 23:51

أصبح التذمر والشكوى من الحكومة وقراراتها عند كثير من الناس في أردننا العزيز عادة. ونريد من الحكومة أن تقدم لنا كل شيء ولا نريد أن نقدم للحكومه ما يجب تقديمه لها كمواطنين. فمثلاً كثيراً من المواطنين يتهربون من دفع ما عليهم من ضرائب. وقبل دفع ما يجب عليهم من ضرائب للحكومة هل يدفعون ما فرضه الله عليهم من زكاة أموالهم التي بلغت النصاب وحال عليها الحول؟ وخصوصاً التجار الكبار وأصحاب رؤوس الأموال. فلو كل إنسان ثري يحسب بشكل دقيق ما يجب عليه دفعه من زكاة أمواله وموجوداته وما يملك من مقتنيات وهي 2.5% ويوزعها على فقراء أهله أو عشيرته، سوف لن يتبقى فقير في أي عائلة أو عشيرة وستزيد. ولو الزيادة دفعت لميزانية الدولة لأصبحت دولتنا مالياً وإقتصادياً بألف خير. ولكن للأسف الشديد كثيرٌ من الناس لا يخرجون زكاة أموالهم بشكل دقيق وكثيراً منهم لا يخرجون زكاة أموالهم نهائياً.

وكثيرٌ منا يطالبون الدولة أن تخفف عنهم أو تعفيهم من الضرائب والكثير أيضاً يتهربون من دفع ما هو مستحق عليهم من ضرائب واجبة بحكم القانون. والذي يُحَيُرُنا هو أننا لا نرحم بعضنا البعض كمواطنين، ونقصد بذلك تجار ومستهلكين. فمثلاً نذهب وفي رمضان الكريم لنشتري بعض الخضروات والفواكه والحمضيات فنجد تفاوت كبير في الأسعار بين تاجر او بائع وآخر والفرق ليس بالبسيط ففي مساء هذا اليوم الأربعاء الموافق 8/5/2019 ذهبت لشراء بعض الخضروات والفواكه والحمضيات. فوجدت سعر نفس الليمون المستورد في محل بدينار وعشرون قرشاً ونفس وفي محل آخر بدينار واحد فقط وفي محل ثالث بتسعون قرشاً. فلماذا هذا التفاوت في الأسعار؟ فكل بائع وضع ربحه على السعر الذي طلبه والكل يربح، وقس على ذلك اسعار الفواكه وغيرها من الخضروات. فالحكومة مشكورة قبل نهاية شهر أربعة ورغم إرتفاع أسعار النفط عالمياً ولأكثر من رفعة إستجابت لمطالبات الشعب وقررت تثبيت أسعار المشتقات النفطية خلال شهر رمضان ووضعت كل التسهيلات أمام تجار الجملة والمفرق لتكون الأسعار في متناول المواطن الفقير والبسيط قبل الغني.

ولكن هل نحن كمواطنين رحمنا ونرحم بعضنا البعض في الأسعار؟ أقول لا. فقبل أن نطالب الحكومة أن ترحمنا فلنرحم بعضنا البعض أولاً. كما وقررت الحكومة مشكورة في الثالث من رمضان حتى تساعد أصحاب العقارات على تخفيض أسعار القيم الأساسية التي تُعَدُ مرجعاً لغايات تقدير أسعار العقارات لغايات إستيفاء الرسوم بنسبة 20% وذلك لتتوائم مع أسعار العقارات الفعلية، ولتحرك حالة الركود الحاصلة في العقارات. فنتساءل هل أصحاب العقارات سيخفضون أسعار عقاراتهم وبحيث تتوائم مع الأسعار الفعلية لها أم لا؟ فالإجابة لا. لأن أصحاب العقارات يرغبون في زيادة الأسعار وعدم خفضها نهائياً تحت أي ظرف، ولا يقبلون بتطبيق قانون العرض والطلب، مش معقول لهذه الدرجة وصل عندهم الجشع والطمع وإستغلال المواطنين. كما قررت الحكومة إعفاء المواطنين من رسوم الإنتقال والتخارج للورثة حتى نهاية العام الحالي، وذلك لتمكين الورثة من التصرف بعقاراتهم سواء من خلال عمليات البيع أو إزالة الشيوع. كما وقررت الحكومة أيضاً شمول قرى جديدة بنظام الإفراز ما بين الشركاء (نظام الأربعات) لتشمل باقي محافظات المملكة. فهل نحذو نحن المواطنين حذو الحكومة في التخفيف على بعضنا البعض أم لا؟ أم نريد فقط الحكومة ترحمنا ونحن لا نرحم الحكومة ولا أنفسنا. فمن لا يَرْحَم لا يُرْحَم. قال تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة: 188)). وأول من إستجاب لقرارات الحكومة وحذى حذوها من أصحاب العقارات المعروف في الأردن هو الشيخ م. ع. أبو جعفر وذلك بتخفيض أسعار بعض عقاراته، فله منا كل الشكر والتقدير وتمنياتنا له بالتوفيق وأن يبارك الله له في كل ما يملك مباركة السماء.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/08 الساعة 23:51