رسائل ملكية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/08 الساعة 12:57

سلسلة رسائل ملكية رافقت عملية التغيير التي أجراها جلالة الملك على قيادة جهاز المخابرات, بعض هذه الرسائل ليست مكتوبة بالحبر, لكنها كتبت بإجراءات عملية التغيير, وبعضها الآخر مكتوب وواضح, وبعضها الثالث يحتاج إلى قدرة على القراءة مابين السطور, وفي كل الحالات فإن فهم الرسائل الملكية المصاحبة لعملية التغيير في قيادة الجهاز الأهم في الدولة ومنظومتها الأمنية يحتاج إلى قراءة متكاملة مبينة على فهم لفلسفة الحكم في بلدنا, وأسلوب جلالته في تجسيد هذه الفلسفة, إما قراءة هذا التغيير من خلال اجتزاء بعض الكلمات الواردة في كتاب جلالته إلى المدير الجديد لدائرة المخابرات العامة, أو من كتاب رد المدير على جلالته, وإخراجها من السياق العام للحدث, وتوظيف هذا الاجتزاء لإسقاطه على أوهام وسيناريوهات متخيلة عند البعض, فهي مما لا يخدم الوطن, وتماسكه المطلوب في هذه المرحلة أكثر من غيرها, على ضوء التحديات التي تواجه الوطن داخلياً وخارجياً.
أول الرسائل الملكية المصاحبة لعملية التغيير هي رسالة غير مكتوبة, لكنها مترجمة بالإجراء العملي, المتمثل بأسس اختيار جلالته لمدير المخابرات العامة, حيث يقول لنا جلالته عبر هذا الاختيار أن المعيار الحقيقي الذي يعتمده جلالته لاختيار الرجال هو معيار الكفاءة, وصلاحية من يقع عليه الاختيار للمرحلة ومعطياتها, وليس لغير ذلك من الأسباب.
ولأن بلدنا يمر بمرحلة تداخل فيها المحلي بالإقليمي, وتشابكت فيها القضايا التي يحتاج حلها إلى اللين والحوار, مع القضايا التي يحتاج حلها إلى الحزم, فقد نثر جلالته كنانته وعجم عيدانها فوجد أن أشدها عوداً في هذه المرحلة هو اللواء أحمد حسني, الرجل الذي خبر العلاقات الدولية وتعقيداتها, وصار صاحب قدرة على تحليلها لفهم تأثيرها على بلدنا, مثلما خبر شؤون الداخل وتعقيدات نسيجه على امتداد المملكة, من خلال عمله مديراً لمخابرات العاصمة, ومن ثم مديراً للمناطق حيث تصب عنده كل تقارير مديريات المحافظات مما يجعله الأكثر إلماماً بتفاصيل الداخل الوطني, فوقع عليه الإختيار ليقود الجهاز الأهم في هذه المرحلة الصعبة, وهو إختيار يدل على معرفة جلالته بالرجال الذين يعملون بمعيته وبقدراتهم, وهي معرفة تمكن قائد استراتيجي مثل جلالته من حسن توظيف رجاله, وتوقيت هذا التوظيف لمصلحة الوطن في إطار عملية مستمرة للتحديث والتجديد, بما في ذلك تجديد أساليب قيادة مؤسسات الدولة, وتجديد دماء العاملين فيها, وهو تجديد يؤتى أكله الناضج بحسن اختيار مواعيده, وهو ما يتقنه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
غير معرفة جلالة الملك بالرجال الذين يعملون بمعيته, فقد كشفت عملية التغيير أن جلالته يعرف ومن خلال متابعته الحثيثة لتفاصيل مايجري في مؤسساتنا الوطنية, لذلك فإن جلالته يتدخل في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب كلما لاحت في الأفق بوادر انحراف عن قيم هذه المؤسسات وما تربت عليه من مناقب أخلاقية, وهو تدخل يأخذ أشكالاً عدة مثلما تتنوع مواقيته, فمن تدخل سريع إلى تدخل هادىء, فالمهم هو النتائج التي تؤدي إلى إصلاح الخلل وهذه رسالة أخرى غير مكتوبة عبرت عنها عملية التغيير في قيادة المخابرات العامة, وللحديث بقية.
Bilal.tall@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/08 الساعة 12:57