نبدأ صفحة جديدة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/05 الساعة 01:15
في السنوات الثماني الماضية «تقلب» بلدنا على مزاجين في اتجاهين اثنين : اتجاه «الشد» والحذر والاستيعاب الذي تزامن مع احتجاجات الشارع ومطالبه، حيث وقفنا على قدم واحدة لتجاوز هذه المرحلة بأقل ما يمكن من خسائر، وافضل ما يمكن من انجازات، ثم اتجاه «الاسترخاء» السياسي بعد ان توقفت حركة الاحتجاج نسبيا وانسحب الناس من الشارع ، وتأكدنا ( هل تأكدنا حقا..؟) ان ما انجزناه يكفي لاقناع الجمهور باننا نسير في الطريق الصحيح.
في المرحلتين كان ثمة خيارات واضطرارات تعاملنا معها بحكمة، و ثمة اخطاء ارتكبناها، لكن ما حدث في المرحلة الثانية وما بعدها تحديدا كان ملفتا للنظر، فقد تعمد البعض ان يمارس مسؤوليته بمنطق يتعاكس مع قيم الدولة ونواميسها الوطنية، كما اصر آخرون على العبث بتجربة بلدنا وانجازاته التي قامت على اساس الاحترام والثقة وتراكمت على مدى العقود الماضية.
لا اريد ان ادخل في تفاصيل ما حدث، يكفي ان اشير الى مسألتين مهمتين فقط، الاولى تتعلق بأخلاقيات العمل العام وقواعد المعارضة والاختلاف السياسي، هذه التي حافظنا عليها في اسوأ الظروف التي عايشنا فيها «الطوارئ» السياسية، حيث لم نشهد اي اختلال في منظومة هذه الاخلاقيات والقيم، لا على صعيد علاقة الناس بمؤسساتهم والمسؤولين فيها، ولا العكس ايضا، لقد ظلت هذه العلاقة قائمة على احترام الخصوصيات الانسانية والتقاليد الاردنية، وعكست بامانة «اعتدال « النظام السياسي وسماحته، كما عكست الالتزام بشرف الخصومة لدى الجميع.
اما المسألة الثانية في «توافق « الاردنيين على احترام مؤسسات الدولة وحماية سمعتها من اي تشويه، ثم التصدي من قبل المسؤولين على اختلاف مواقعهم لاية اخطاء فردية قد يمارسها بعض المنتسبين اليها، صحيح ان الاخطاء الفردية واردة في كل وقت تبعا لطبيعة البشر، لكن الممنوع هو ان تتحول هذه الاخطاء الى تراكمات تصنع «مراكز « مؤثرة تعيق حركة الدولة، وتخلق بؤرا لصراع القوى داخلها، او تساهم في افراز مناخات سلبية من التشكيك وفقدان الامل بين ابناء المجتمع الواحد.
في هذا الاطار يمكن ان نفهم رسالة جلالة الملك التي وجهها الى مدير المخابرات العامة، فهي تؤسس لصفحة جديدة من المصارحات والمصالحات، بين المواطن والمسؤول من جهة، وبين دوائر المسؤولية في الدولة ايضا، ليس فقط بما تضمنته من توجيهات ملكية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة بما تحفل به من اخطار واستحقاقات، وانما بما اشارت اليه ايضا من انجازات تحققت يمكن البناء عليها، واخطاء تم التصدي لها وتجاوزها في الوقت المناسب، والاهم بما بعثته من رسائل حول ما يجب ان نفعله في القادم من الايام لاستعادة الوجه الحقيقي لبلدنا، سواء على صعيد النظافة والاستقامة في العمل العام حيث تتلازم المسؤولية مع المساءلة والمحاسبة، او على صعيد «الانتظام» في حركة المجتمع وعلاقته مع مؤسساته، وضرورة تحمل مسؤولياته تجاه «النوازل» التي تدق ابوابنا، من الداخل والخارج على حد سواء.
باختصار، بعد رسالة الملك غير المسبوقة، يمكن ان نقول بصراحة ايضا: على بركة الله نبدأ صفحة جديدة، نضيفها الى «كتاب» بلدنا المزدحم بصفحات الانجاز والشجاعة والمواقف النبيلة. الدستور
  • قائمة
  • الاردن
  • المنتسبين
  • الملك
  • المخابرات
  • اخطار
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/05 الساعة 01:15