الإخوان.. ما الذي ینتظرهم؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/03 الساعة 01:10
حركة الإخوان المسلمین التي ولدت في النصف الاول من القرن العشرین في مصر وانتشرت في أرجاء العالم الإسلامي كانت حركة دعویة تسعى إلى اصلاح الفرد لكي یصلح المجتمع، وقد لقیت قبولا لدى شرائح واسعة باعتبارها تدعو للتكافل وتبشر بالعدالة وتستخدم لغة یفهمها المسلم لرسم الصورة المثالیة للمجتمع الإسلامي الذي یخرج الناس من الضیق واللامساواة وتجد من المساجد منابر یمكن توظیفها للدعوة والانتشار. عبر تاریخها الطویل نسبیا كانت العلاقة بین الاخوان والأنظمة السیاسیة العربیة موضعا للمد والجزر. تارة یسودها الدفء والود وأخرى ینتابها الشك والتوتر الذي سرعان ما یحولها إلى جفاء وقطیعة. في حالات كثیرة اتسمت العلاقة التي تولدت بین الاخوان وقیادات الانظمة العربیة بالریبة وغیاب الثقة والاطمئنان، وفي حالات أخرى شهدت العلاقة ما یشبه الهدنة أو الخلاف الصامت. على امتداد الفضاء الإسلامي كانت التجربة الإخوانیة غنیة ومتنوعة فیها القلیل من الإنجاز والكثیر من الإخفاقات. في حالات معدودة ظهر في الأجواء ما یمكن اعتباره شكلا من أشكال التعایش المؤقت حیث استغل القادة العسكریون الشعارات التي تطرحها الجماعة لاستقطاب الرضا الشعبي كما حصل في السودان إلا أن هذا التقارب بقي تكتیكیا وغیر قابل للدیمومة أو الاستمرار. في مصر وتونس والیمن والصومال ولیبیا أدى الالتزام بفكر الجماعة ونهجها إلى إثارة قلق الشركاء المحتملین وتولد الانطباع بوجود أجندة خفیة یمكن أن تدفع بأصحابها للانقلاب على أي تحالف أو تفاهم على مشاركة السلطة أو الاندماج مع حلفاء آخرین، ما دفع بالشركاء إلى استبعادهم وشیطنتهم كما حصل في مصر أو وضعهم تحت التجربة والاختبار تمهیدا لإدانتهم كما حصل في تونس والمغرب والجزائر. في حالات عدیدة أدت عوامل الضغط والتضییق السیاسي والأمني على الجماعة واقتران ذلك بتزمت القیادات والإصرار على الالتزام بحرفیة الاطروحات التي قدمها حسن البنا وسید قطب قبل عشرات السنین أو رفض تبني تكتیكات ووسائل تكیف مناسبة إلى تشظي الجماعة وانشقاق أصحاب الأفكار والاجتهادات لیؤسسوا هیاكل أخرى تحت مسمیات إسلامیة كما حصل في الأردن حیث جرى انشطار كل من الوسط الإسلامي وزمزم والجماعة المرخصة عن الجماعة الأم في فترة قیاسیة.

الیوم وبعد المعاداة العلنیة للاخوان من قبل الانظمة العربیة الاكثر ثراء واستدخال الأمة لتشریعات مكافحة الارهاب وتنامي تأثیر الصهیونیة العالمیة على القرارات التي یتخذها البیت الأبیض ووجود تنسیق للتحالف الإقلیمي الجدید في المنطقة وقرب الاعلان عن صفقة القرن والحاجة الأمیركیة الصهیونیة إلى الحد من تأثیرها على الشارع العربي الاسلامي من خلال تجریمها وشیطنتها تواجه جماعة الاخوان المسلمین خطر إدراجها على قائمة الجماعات
الارهابیة. القرار الامیركي المحتمل یأتي تلبیة لرغبة مشتركة لاسرائیل ومجموعة الدول العربیة المعادیة للاخوان المسلمین واستكمالا لاستئصال كافة عناصر المقاومة والرفض للسیاسات الامیركیة الصهیونیة في المنطقة. في ذهن متخذ القرار أن الجماعة التي تأسست قبل أن تستقل معظم الكیانات العربیة ستواجه أزمة مصیریة جدیدة تؤثر على وجودها ونشاطاتها وعلاقاتها في المنطقة والعالم. ما قد لا یكون في حسابات الرئیس الامیركي مع انه لا یخفى على مؤسسات الرصد والمتابعة والتقییم أن القرار وتوقیته قد یكسبان الجماعة تعاطفا ومكانة أوسع في العالم الاسلامي وعلى امتداد خریطة العالم. فالشعوب الاسلامیة ومحبو السلام یدركون جیدا اهمیة الوقوف في وجه التعنت الرئاسي الامیركي والرغبات التوسعیة لكیان الاحتلال والمقاومة لذلك التعنت سیاسیا وتعبویا فعل مشروع والتواطؤ الذي قد یقوم به البعض لا ولن یمثل الرأي ولا الضمیر العربي. واخیرا فإن اتخاذ مثل هذا القرار لا یلغي وجود هذه الجماعة ولن یحد من حضورها ونشاطها في العالم الاسلامي والمجتمعات غیر المسلمة فالانتماء لتنظیم الجماعة لا یحتاج لتعلم فكر وأیدیولوجیة غریبة والكثیر من الطقوس والافكار والمبادئ والمواقف یتبناها الناس ویمارسونها في حیاتهم الیومیة دون عناء أو حاجة لإشهار. الغد
  • إسلامي
  • صورة
  • عرب
  • مال
  • إسلام
  • الأردن
  • اعلان
  • قائمة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/05/03 الساعة 01:10