ما بين سطور الكباريتي!
كرّس عبد الكريم الكباريتي كلامه السنوي، في اجتماع الهيئة العامة للبنك الأردني الكويتي، مناسبة عامّة للإعلان عن آرائه السياسية المغلّفة بالاقتصاد، ومع أنّه ما زال متحفّظاً على الأداء العام، ويقدّم النصائح، إلاّ أنّ كلامه أمس حمل قدراً أقلّ من التشاؤم، وبدا وكأنّه «متشائل» إلى حدّ كبير.
من الموقع نفسه، وقبل إحدى عشرة سنة، قال: «إنّها تُغيّم في الغرب وستشتّي عندنا»، وكان يقصد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بمنطقتنا أكثر ممّا أثّرت على غيرنا، عنفاً وفقراً وإرهاباً، ولعلّ ما سمّي بالربيع العربي كان أحد
تداعياتها، وفي المناسبة المتكرّرة نفسها، وخلال تلك السنوات، كان يقصف بالمدفعية الثقيلة الحكومات والسياسات الأردنية التي لا تبني حائط صدّ يخفّف من أعباء ما يجري حولنا، وتؤسس لما سيأتي.
أبو عون كان رئيس الوزراء حين أطلق مقولة: «الدفع قبل الرفع»، مع مظاهرات الكرك وعلى أرضية رفع أسعار الخبز في العام ٩٦، ومع أنّ الأمر كان مثار تندّر عند الأردنيين، فقد صار الآن حقيقة مكرّسة، والدليل أنّه لم تجرؤ حكومة على رفع أيّ أسعار قبل أن تعد بالدعم، وطوابير المدعومين بمئات الآلاف تشهد!
في رسالة نفهم أنها تحذيرية وتحفيزية، يقول إنّ الاقتصاد الأردني في وضع صعب جداً، ولكنّه يُعلن في الوقت نفسه عن تحقيق أرباح صافية محترمة للبنك، ويحمل كلامه عن العلاقة مع العراق وسوريا تبطين المعنى بأنّنا لم نستثمرها كما يجب، في دعوة واضحة لأن تتصرف الحكومات كما يفعل في سياسات وعلاقات مؤسسته الرابحة.
نعرف أنّ الكباريتي يكتب كلمته السنوية بحساب الحرف بعد الحرف، والكلمة بعد الكلمة، ونعرف أنّه ليس إبن البارحة في الاقتصاد والسياسة والاقتصاد السياسي، ولهذا فلا نمرّ على ما يقول مرور الكرام، بل نقرأ ما بين السطور، ونتأمّل، ونتساءل، وللحديث بقية!
الرأي