المساعدة يكتب: نعم لتفعيل مبادرة سمو ولي العهد «لغتنا هويتنا»
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/23 الساعة 15:04
أ.د عدنان المساعده*
مبادرة سمو ولي العهد للاهتمام بلغة (الضاد) عنوانا لهويتنا، في الوقت الذي تراجع فيه الاهتمام بلغتنا العربية بسبب عقوق ابنائها حيث نجد الكثير من المراسلات التي تتم في مؤسساتنا مليئة بالأخطاء واللغة الركيكة وعدم المعرفة بقواعد اللغة دون التزام باحترام قدسية الكلمة ومحتواها، لذا فان هذه المبادرة تضمنت العمل على سيادة اللغة العربية وتعزيز دورها في كافة المجالات وفي الأنشطة العلمية والثقافية، الامر الذي يجب أن يتابع بجدية من قبل جميع المؤسسات، لا أن يكتفي مدراء هذه المؤسسات بشروحات كلمة "يعمم" أو "يحفظ" دون أي إجراء عملي بهذا الخصوص.
ومن المؤسف حقا، أن تجد أخطاء يندى لها الجبين من قبل البعض من حملة الشهادات الجامعية والشهادات العليا من خلال المخاطبات الرسمية التي يتم توثيقها او أرشفتها في مؤسساتنا التعليمية وغيرها. وممّا يلفت الانتباه تلك الأخطاء اللغوية والاملائية من قبل حملة الشهادات الجامعية في مؤسساتنا التعليمية، وأذكر منها لا الحصر: (كلمة "إضافة" يكتبها البعض "اظافتا"، ومثلها كلمة وارفة "الظلال" يكتبه البعض وارفة "الضلال"...الخ)، هذا ناهيك عن عدم الالتزام بأبسط قواعد اللغة مثل ("على المدرسون" بدلا من "على المدرسين") ناسيا أو متناسيا أن حرف الجر يجر سلسلة جبال الهملايا بسهولة ويسر. انني أعتقد، ان إتقان اللغة ينطلق بداية من ممارسة الكتابة والنسخ الذي كان سابقا نهجا أساسيا في مدارسنا لما فيه من ترسيخ وفهم لمكنوناتها، فعندما يتم نسخ موضوع القراءة أكثر من مرة من قبل طالب المدرسة، فأنه بذلك يتعلم الإملاء والخط وقواعد اللغة وكذلك حفظ الدرس بسبب التكرار المفيد هنا، والمتأمل لقدرة الأجيال السابقة التي أتقنت عناصر اللغة جميعها ما جاء ذلك الا عن طريق الكتابة اليدوية والنسخ المستمر والجهد، ولكن ما نشهده اليوم ان عنصر النسخ والكتابة أصبح للأسف أمرا ثانويا لا يتم التركيز عليه.
ان تراجع الاهتمام في لغتنا أصبح ممارسة غير محمودة من قبل طلبة الجامعات وحملة الشهادات العليا...لماذا نهتم باللغات الأخرى على حساب لغتنا وأرجو أن لا يفهم من ذلك عدم الدعوة الى تعلم اللغات الأخرى وإتقانها ولكن الشيء المؤسف حقا هو عدم إجادة لغتنا الام وخصوصا في مجال الكتابة والخطاب بشكل عام، وان ذلك بالطبع ليس وليد اللحظة وانما نتيجة تراكمات خاطئة منذ سنوات الدراسة الاولى. إن هذا الأمر يبدو غير مهم في نظر البعض ولكن اذا كنا نحن الاكاديميين في مؤسساتنا التعليمية في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا لا نعير ذلك الاهتمام، فإن ذلك سيصبح نهجا خاطئا نمارسه بشكل يسيء الى لغتنا ومؤسساتنا. أليس من الافضل أن يتولى صياغة المراسلات وكتابتها متخصصون ومؤهلون لذلك في جميع المؤسسات لنعكس الصورة الناصعة البياض للغتنا العربية الجميلة لفظا وغاية؟. وأشير هنا، أن فرنسا التي هزمت امام بريطانيا في حرب السنوات السبع عزت أسباب هزيمتها الى هزيمة ثقافية وتربوية وتعليمية، وحرصت تمام الحرص وغيرّت من طرق تعليم اللغة الفرنسية، ولم تسمح ان يقوم بالتدريس في مدارسها من كانت لكنته غريبة لتكون لغتها نقية خالية من الشوائب، وان يقوم بتدريسها القادرون والمؤهلون. وبعدها نهضت فرنسا وأصبحت من الدول المتقدمة وأصبحت اللغة الفرنسية على قائمة أولوياتها التي تعتز بها واعتبرتها هويتها الأصيلة في كل مجال.
ومن المناسب أن أذكر هنا ما صرح به معالي وزير التربية والتعليم الأسبق د. محمد الذنيبات قبل سنوات حيث أشار الى وجود ما يقارب 100000 طالب وطالبة على مقاعد الدرس في مدارسنا لا يجيدون القراءة والكتابة، والجرح الأكثر إيلاما ان نجد في مدارسنا وجامعاتنا ممن لا يجيدون الكتابة الصحيحة في اللغة العربية. وهنا ليسمح لي معالي وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي وهو الطبيب القادر على تشخيص الداء، كما انه الكاتب والمثقف أن يتخذ قرارا جريئا بإعادة النسخ والاملاء الى مدارسنا لان ذلك سيطوّر من مستوى اللغة لدى الطلبة وخصوصا في المرحلة الابتدائية، وأن يعهد بتدريس اللغة العربية الى معلمين متميزين ومؤهلين.
ان الجامعات الأجنبية وجامعاتنا العربية والأردنية تشترط على الطلبة الذين يلتحقون في برامج الدراسات العليا على اجتياز امتحان التوفل ( TOEFL) أو ما يعادله وهذا أمر جيد ليتمكن الطالب من الاطلاع على المراجع الأجنبية في مجال تخصصه، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو لماذا لا يكون امتحان توفل باللغة العربية -إن جاز التعبير- ليمتلك الطلبة والعاملون في جامعاتنا ومؤسساتنا ناصية لغتنا في الندوات العلمية والمؤتمرات والمرافعات وكل ما من شأنه يعكس احترامنا لذواتنا؟ǃ
كما ان مسؤولية وزارة الثقافة التي يرأسها كاتب مثقف أن تبادر الى تشكيل لجنة متخصصة تحرص على سيادة اللغة العربية لمتابعة ترجمة مبادرة سمو ولي العهد الى واقع ملموس، وذلك بالزام أصحاب المحلات والمطاعم والمقاهي وغيرها التي تحمل أسماء بلغات اجنبية وبطريقة لا تليق واستبدالها بأسماء تكتب باللغة العربية التي تحترم مكانتها وذلك بالتنسيق مع وزارة البلديات وأمانة عمّان الكبرى وبلديات المملكة والايعاز بتعديل الأسماء المكتوبة بلغات أجنبية وضرورة اعطاء تصاريح لكتابة اللوحات بأسماء باللغة العربية ذات مدلول ومعنى. أن مثل هذه الاجراءات تعزز احترام اللغة وهيبتها لدى الطالب والموظف والمواطن، وتعكس صورة مشرقة للغة الضاد لتكون هويتنا جميعا تمتد جذورها في أعماق التاريخ والحضارات الانسانية.
وعلى ضوء ما سبق، فأن مبادرة سمو ولي العهد تدعونا افرادا ومؤسسات لندرك أن اللغة هي الوعاء الثقافي والفكري والتعليمي، وأن نحترم لغتنا وثقافتنا ونعتبرها من الأولويات في لغة الخطاب وبالطريقة السليمة والصحيحة التي تدخل ضمن احترام الذات والهوية، كما ان العودة الى لغتنا والاهتمام بها أصبح أولوية قصوى لنعيد للغتنا ألقها وكبرياءها التي تستحق. * كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا.
ان الجامعات الأجنبية وجامعاتنا العربية والأردنية تشترط على الطلبة الذين يلتحقون في برامج الدراسات العليا على اجتياز امتحان التوفل ( TOEFL) أو ما يعادله وهذا أمر جيد ليتمكن الطالب من الاطلاع على المراجع الأجنبية في مجال تخصصه، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو لماذا لا يكون امتحان توفل باللغة العربية -إن جاز التعبير- ليمتلك الطلبة والعاملون في جامعاتنا ومؤسساتنا ناصية لغتنا في الندوات العلمية والمؤتمرات والمرافعات وكل ما من شأنه يعكس احترامنا لذواتنا؟ǃ
كما ان مسؤولية وزارة الثقافة التي يرأسها كاتب مثقف أن تبادر الى تشكيل لجنة متخصصة تحرص على سيادة اللغة العربية لمتابعة ترجمة مبادرة سمو ولي العهد الى واقع ملموس، وذلك بالزام أصحاب المحلات والمطاعم والمقاهي وغيرها التي تحمل أسماء بلغات اجنبية وبطريقة لا تليق واستبدالها بأسماء تكتب باللغة العربية التي تحترم مكانتها وذلك بالتنسيق مع وزارة البلديات وأمانة عمّان الكبرى وبلديات المملكة والايعاز بتعديل الأسماء المكتوبة بلغات أجنبية وضرورة اعطاء تصاريح لكتابة اللوحات بأسماء باللغة العربية ذات مدلول ومعنى. أن مثل هذه الاجراءات تعزز احترام اللغة وهيبتها لدى الطالب والموظف والمواطن، وتعكس صورة مشرقة للغة الضاد لتكون هويتنا جميعا تمتد جذورها في أعماق التاريخ والحضارات الانسانية.
وعلى ضوء ما سبق، فأن مبادرة سمو ولي العهد تدعونا افرادا ومؤسسات لندرك أن اللغة هي الوعاء الثقافي والفكري والتعليمي، وأن نحترم لغتنا وثقافتنا ونعتبرها من الأولويات في لغة الخطاب وبالطريقة السليمة والصحيحة التي تدخل ضمن احترام الذات والهوية، كما ان العودة الى لغتنا والاهتمام بها أصبح أولوية قصوى لنعيد للغتنا ألقها وكبرياءها التي تستحق. * كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/23 الساعة 15:04